مصادر اوروبية تعتبر الوثيقة الغربية ـ الإقليمية مؤشرا لاهتمام واشنطن ومنع روسيا من «الاستفراد»

TT

مصادر اوروبية تعتبر الوثيقة الغربية ـ الإقليمية مؤشرا لاهتمام واشنطن ومنع روسيا من «الاستفراد»

أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية لـ«الشرق الأوسط» بأن الوثيقة الغربية - الإقليمية التي صيغت الثلاثاء الماضي في باريس، كان التفاهم حولها على «المحددات» التي يجب أن تتحكم بالمسار السياسي للخروج من الحرب في سوريا وتوفير «أفكار» للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لقيادة المسار المذكور.
وقالت هذه المصادر إن مداولاتها التي سبقت اجتماع فيينا (الجولة التاسعة من جنيف) بيومين، ومؤتمر سوتشي بأسبوع، كانت من أجل «تغذية» مسار جنيف، الذي راوحت سلسلة اجتماعاته مكانها، ولم تحقق أي اختراق في العام 2017.
وتابعت أن «الوثيقة» هي في الواقع ما سمي «اللاورقة» الأميركية التي حملها الوزير ريكس تيلرسون إلى باريس، وعرضها على نظرائه الأربعة، الذين عمدوا إلى تعديل بعض نقاطها، وتوضيح نقاط أخرى، لتحقيق العناصر الثلاثة التالية: الأول، منع الطرف الروسي من مصادرة جنيف لمصلحة مسار سوتشي الموازي، وهو ما تتخوف منه الدول وكذلك المعارضة السورية ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات. والثاني، تمكين الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها من التحكم بمسار الانتقال السياسي وفق مفهوم الخمسة له. أما الثالث، فهو الحصول على مقابل لـ«التنازل» الذي قدمه الغربيون ومعهم المعارضة لجهة التوقف عن المطالبة برحيل الأسد منذ بدء العملية الانتقالية. وهذا المقابل يتمثل في التشديد على أهمية توافر «البيئة المناسبة» لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في سوريا مقرونة بالتعديلات الدستورية الأساسية المنصوص عليها في المقترحات. وأشارت إلى أن الوثيقة تعكس «عودة» واشنطن إلى الملف السوري، وانطلاقها من قاعدة سياسية تم التفاهم عليها بين مكونات الإدارة الأميركية بعد أشهر من الغياب. ونقلت هذه المصادر عن الوزير الأميركي تأكيده أنه عازم على جعل واشنطن، مجدداً، «محور الاتصالات والتفاهمات» حول سوريا ربطاً بالسياسة الأميركية الجديدة تجاه إيران، وعزم الجانب الأميركي على جعل سوريا «ميدان» المواجهة الأول مع إيران، كما شرح ذلك تيلرسون في الخطاب الذي ألقاه في ستانفورد في 13 الشهر الحالي. وبناء عليه، فإن المجتمعين في باريس وجدوا أنفسهم «في تناغم» مع ما طرحه الوزير الأميركي. وبالمقابل، فإن الدول الغربية والإقليمية رأت أن اللحظة «مناسبة» لممارسة الضغوط على الطرف الروسي الذي يحتاج لإنجاح مؤتمر سوتشي الذي أجل عدة مرات، والذي سيكون مفتقراً لأي أهمية إذا لم تحضره المعارضة، وغابت عنه الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وقالت إن روسيا، ورغم النجاحات العسكرية التي تستطيع أن تنسبها لنفسها بفضل انخراطها في الحرب السورية منذ صيف العام 2015، «عاجزة» عن تحقيق المصالحة وبناء السلام، وما يترتب عليه من عودة النازحين والمهجرين، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب. ولذا، فإنهم يرون أنها اليوم وأكثر من أي يوم مضى، بحاجة إلى «شركاء» لإنجاح المرحلة القادمة التي تصفها المصادر الغربية بأنها «حبلى بتهديدات ليست أقل خطورة» من التهديد الذي كانت يمثله تنظيم داعش. وقالت المصادر إن عدم الإشارة إلى بشار الأسد كان «متعمداً»، لأسباب منها أن النظام لم يقل بعد إنه جاهز لمناقشة الدستور وقبول تعديلات أساسية عليه وإجراء انتخابات نزيهة وغير ذلك من الأمور «الأساسية»، إضافة إلى اعتبار الدول أن مشاركة الأسد أو عدم مشاركته ستكون بيد الذين سيجلسون إلى طاولة المفاوضات الذين يعود إليهم في المقام الأخير تقرير مثل هذه الأمور.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».