سوريون يفرون من قراهم الحدودية إلى عفرين

طفلة لاجئة على الحدود السورية - التركية أمس (أ.ف.ب)
طفلة لاجئة على الحدود السورية - التركية أمس (أ.ف.ب)
TT

سوريون يفرون من قراهم الحدودية إلى عفرين

طفلة لاجئة على الحدود السورية - التركية أمس (أ.ف.ب)
طفلة لاجئة على الحدود السورية - التركية أمس (أ.ف.ب)

بعد ثلاثة أيام قضاها وعائلته مختبئاً داخل قبو خشية من القصف التركي الذي يستهدف بلدته في شمال سوريا، تمكن مرعي حسن في الوقت المناسب من الخروج لإنقاذ والده العجوز من منزله الذي أصابته قذيفة، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وصلت عائلة حسن مع عائلات أخرى الخميس إلى مدينة عفرين على متن شاحنة صغيرة، بعد فرارها من بلدة جنديرس الحدودية مع تركيا، التي تشن لليوم السابع هجوماً تقول إنه يستهدف المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين شمال سوريا.
ويقول حسن وهو في نهاية الأربعينات، ويلف رأسه بكوفية حمراء فيما عيناه مغرورقتان بالدموع لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم يدعنا القصف ننام. أمضينا ثلاثة أيام في القبو».
وحاول حسن إقناع والده الثمانيني المقيم في منزل منفصل بترك البلدة التي تتعرض منذ أيام لقصف مدفعي تركي كثيف، لكنه «لم يوافق».
ثم وبعد أن سقطت قذيفة على منزل والده، قال حسن: «أخرجته من تحت الزجاج وحملت أولادي وجئنا إلى عفرين».
تشن تركيا وفصائل سورية معارضة منذ السبت هجوماً تحت مسمى «غصن الزيتون» تقول إنه يستهدف المقاتلين الأكراد، الذين تصفهم أنقرة بـ«الإرهابيين»، في منطقة عفرين الحدودية. وتخشى أنقرة من إقامة الأكراد الذين يسيطرون على الجزء الأكبر من الحدود السورية التركية، حكماً ذاتياً على حدودها على غرار كردستان العراق.
وتابع حسن: «طالت القذائف أحياء البلدة كافة ومولدات الكهرباء وحتى الفرن. لم يبق شيء (....) بيتنا دُمر (....) لو لم أخرج من منزلي لكنت الآن ميتاً».
وبحسب الأمم المتحدة، يعيش أكثر من 300 ألف شخص في منطقة عفرين، بينهم أكثر من 120 ألف شخص نزحوا لمرة واحدة على الأقل. ويعاني النازحون الذين يفرون من القرى والبلدات الحدودية مع تركيا من صعوبة في إيجاد ملاجئ تؤويهم داخل مدينة عفرين التي ما زالت بمنأى عن المعارك.
وشاهد مصور متعاون عائلات عدة لجأت إلى قبو مبنى قيد الإنشاء في المدينة. وقال إن نساء من مختلف الأعمار مع أطفال يجلسون على فرش وضعت على الأرض فوق حجارة البناء.
حمل معظم النازحين معهم ما تمكنوا من فرش وأوانٍ منزلية وطعام من مؤونتهم، لكن ظريفة حسين النازحة من بلدة جندريس أيضاً لم تتمكن من إحضار أي شيء معها.
وتقول ظريفة العشرينية، وهي ترتدي سترة رمادية من الصوف، قبل نزولها برفقة زوجها وطفلها الرضيع الملفوف بغطاء أزرق إلى القبو لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم نحضر معنا شيئاً. خرجنا حفاة من المنزل. سقطت حجارة الجدران على ظهري وأنا حامل».
وتضيف: «بقينا مختبئين حتى الصباح داخل قبو. وعندما توجهنا إلى منزلنا لأخذ حاجاتنا وجدنا بيتنا مدمراً». وتسأل بحرقة: «لماذا يقصفوننا؟ لا ذنب لنا. شردوا الأطفال وشردونا».
قرب شاحنة صغيرة ترجلت منها، تقول إحدى النازحات وهي تبكي: «سويت منازلنا بالأرض». ثم تشير إلى شظية بيدها، وتضيف: «أثناء هروبنا من جنديرس إلى هنا، لحقتنا الشظية... ليضربهم الله بين عيونهم».
في أحد مستشفيات عفرين، تجلس أرزي سيدو وعلامات التوتر والقلق بادية عليها إلى جانب ابنها المصاب المستلقي على سرير وفي يده مصل.
في بداية الأسبوع الحالي، فرت سيدو وابنها وابنتاها ووالدة زوجها من قريتهم ميدان أكبس الحدودية مع تركيا نتيجة القصف العنيف، وتوجهوا إلى مدينة عفرين للبقاء لدى أقارب لهم.
وتقول سيدو، وهي في الثلاثينات من عمرها: «خفت كثيراً على بناتي»، مضيفة «أراد ابني أن يأتي بالخبز، لكني قلت له: تعال هناك قصف».
أصر ابنها على الذهاب لشراء الخبز، وتروي المرأة التي ترتدي سترة جلدية بنية اللون: «قصف علينا الجيش التركي (....) حين كان يأتي بالخبز، أسعفناه إلى مستشفى في عفرين، وهو يرقد هنا منذ ثلاثة أيام».
وبرغم الدعوات الدولية لضبط النفس، صعدت أنقرة هجومها.
ويقول جمعة حسن حسون (56 سنة) النازح من جنديرس أيضاً: «خرجت مع أولادي هم سبع بنات وولدان وزوجتي بسبب القصف علينا ليلاً ونهاراً». ويتابع بتأثر: «بالكاد أنقذنا أرواحنا. نريد أن نوصل صوتنا للعالم كله، أنقذونا من هذا الوضع».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.