خافي غارسيا... مدرب صادق في رياضة يتسم فيها كثيرون بالمراوغة

المدير الفني الجديد لواتفورد لا يعرف اليأس ولا يدخل في صراعات ويقف بجوار لاعبيه

غارسيا سعيد بخوض تجربة التدريب في إنجلترا («الشرق الأوسط»)
غارسيا سعيد بخوض تجربة التدريب في إنجلترا («الشرق الأوسط»)
TT

خافي غارسيا... مدرب صادق في رياضة يتسم فيها كثيرون بالمراوغة

غارسيا سعيد بخوض تجربة التدريب في إنجلترا («الشرق الأوسط»)
غارسيا سعيد بخوض تجربة التدريب في إنجلترا («الشرق الأوسط»)

ترك المدير الفني الحالي لنادي واتفورد الإنجليزي، خافي غارسيا، أول منصب له بصفته مديرا فنيا لأنه شعر بأنه فشل، لكن الجميع كان يختلف مع ذلك وكان رئيس النادي نفسه يريد منه أن يستمر مع الفريق، لكن غارسيا كان قد اتخذ قراره بالفعل بالرحيل. فعندما تولى غارسيا القيادة الفنية لنادي بونتيفيدرا الإسباني الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثالثة قاده لاحتلال المركز الأول في المسابقة خلال الموسم الأول ومركز الوصيف في الموسم الثاني، لكن المشكلة كانت تكمن في أن هذا ليس كافيا لصعود الفريق لدوري الدرجة الأولى، إذ كان يتعين عليه أن يخوض مباراة فاصلة، وهي المباراة التي خسرها الفريق في الموسمين وفشل في الصعود. ورأى غارسيا أنه فشل في مهمته وقرر الرحيل، رغم تمسك رئيس النادي بخدماته.
وفي العام التالي، قاد غارسيا نادي قادش للصعود لدوري الدرجة الأولى.
وبعد ثلاث سنوات، قاد غارسيا نادي ألميريا للتأهل للدوري الإسباني الممتاز، لكنه رحل عن النادي أيضا. يقول أحد لاعبي الفريق آنذاك: «لقد رحل لأنه شخص مخلص، وهذا شيء من النادر أن تجده في عالم كرة القدم. قد ترى مديرا فنيا يرحل من أجل المال، لكن لن تجد مديرا فنيا يرحل من أجل لاعبيه». وكان ألميريا قد وضع خطة لإعادة هيكلة الفريق، وهو ما كان يعني حرمان اللاعبين الذين ساعدوا الفريق على الصعود من فرصة اللعب في دوري الأضواء والشهرة، لكن غارسيا قرر الوقوف إلى جانب لاعبيه وأعرب عن ثقته في قدراتهم وحرم نفسه هو الآخر من التدريب في الدوري الإسباني الممتاز. وعندما حصل على هذه الفرصة مع نادي أوساسونا، هبط بالفريق إلى دوري الدرجة الأولى، لكن من الصعب أن تجد أي شخص... إن غارسيا كان المسؤول عن ذلك.
وقال غارسيا في وقت لاحق: «خرجت من اجتماع مع مسؤولي ألميريا بقناعة مفادها أنني لن أتمكن من الاستمرار». وكانت المشكلة تكمن كالمعتاد في الوصول إلى الدوري الممتاز بمجموعة من اللاعبين ثم التخلي عن هؤلاء اللاعبين بمجرد الصعود بحجة أنهم غير قادرين على المنافسة في هذه البطولة الأقوى. يقول غارسيا: «ربما يجب على الأندية أن تُقدر ما لديها أكثر من ذلك، وتعطي اللاعبين الفرصة، لكنها في بعض الأحيان تعتقد أن هذا ليس كافيا. في بعض الأحيان تكون هناك أوهام العظمة».
ولم يوجه هذا الاتهام إلى غارسيا يوما ما، فعندما تتحدث معه وتستمع إلى صوته الهادئ يكون من الصعب للغاية ألا تعجب بشخصيته. يصفه المدرب الإسباني ألبرتو لوبيز بأنه شخص صريح وصادق وعقلاني، كما أنه «شخص طبيعي في رياضة يتسم فيها كثيرون بالمراوغة ولا يوجد بها شيء طبيعي على الإطلاق». وهذه هي تقريبا الكلمات نفسها التي يصف بها الجميع غارسيا، والتي تشعر بها أيضا عند مقابلته.
وكان ألبرتو، مثل داركو كوفاسيفيتش، زميلا لغارسيا في نادي ريال سوسيداد. يقول ألبرتو: «كنا نتحدث عن كرة القدم كثيرا ونحللها، وكان هو دائما ما يتحدث ويصحح الأخطاء ويُنظم، فلديه خبرة هائلة وذكاء كبير في الخطط التكتيكية والفنية، كما أنه قائد بالفطرة. إنه يذكرك في بعض الأحيان بمدرب أتلتيكو مدريد الحالي دييغو سيميوني، الذي لعبت معه أيضا في نادي لاتسيو الإيطالي، فكلاهما لديه شيء ما. ولدي ثقة كبيرة في قدراته».
ويقول سا بينتو، الذي لعب بجوار غارسيا أيضا في ريال سوسيداد: «هناك شيء واحد يجعلني أشعر بالدهشة، فهو ليس من الأشخاص الذين يشتكون دائما ويسعون للدخول في صراعات. هناك عنصر تعليمي في علم التدريب، وقد تصادف بعض اللاعبين الذين يعتقدون أنهم يعرفون هذا جيدا، والذين تقول لهم الشيء 30 مرة ثم تضطر لأن تكون صارما معهم في نهاية المطاف، لكنه لم يكن من هذه النوعية. ولكن في عالم لا يعرف المنطق ولا التوازن، فقد كان غارسيا شخصا متوازنا، وهو ما يمكن أن يكون مفيدا».
ويضحك مارسيلينو تورونتيغوي، الذي يعمل مع الطاقم الطبي بنادي ملقة وأحد المقربين من غارسيا، قائلا إنه «يمتلك شخصية قوية لا تتغير في السراء والضراء، لكن يمكنني أن أؤكد لكم أنه لا يتراجع عن هدفه مطلقا». ويقول سا بينتو: «كان يعشق المنافسة دائما، ويحب التدريب وكان يسعى لمعرفة الهدف من الأشياء التي نقوم بها. لقد كان حازما ويهتم بأدق التفاصيل ويعشق كرة القدم، وهذا هو أهم شيء لأنه إذا لم يكن الأمر كذلك فإنه لن يكون لديك الصبر للتعامل مع كل الأشياء التي تفرضها هذه الرياضة على المديرين الفنيين». ويقول غارسيا: «كرة القدم هي حياتي وعشقي الأول».
وقد وصل غارسيا لنادي ملقة في الوقت الذي كان يمر فيه النادي بمرحلة إعادة هيكلة، فكان النادي يبيع أصوله، كما رحل عدد كبير من اللاعبين وبدأ النادي يعتمد على اللاعبين الشباب. وكان شبح الهبوط يخيم على الفريق، لكن غارسيا كان هادئا وقاد النادي لتحقيق نتائج إيجابية، وخاصة أمام الأندية الكبرى. ولم يحقق أي مدير فني نتائج أفضل منه أمام نادي برشلونة، وهو ما أشار إليه بالوضوح والثقة اللتين يتميز بهما دائما، قائلا: «كلمة السر تتمثل في العمل ثم العمل ثم العمل». يقول تورونتيغوي: «لقد كان منظما ويعمل بطريقة لا تصدق لساعات طويلة».
يقول استيبان عن الفترة التي قضاها مع ألميريا: «لديه شيء واحد قبل كل شيء: خطة. لقد كان واضحا للغاية من الناحية التكتيكية. ولديه قدرة فائقة على مساعدة اللاعبين على تقديم أفضل ما لديهم. إنه يركز على الأخطاء التي نرتكبها بصورة أقل من الحلول التي يمكن أن يقدمها. لقد شاهد الجمهور ما كان يقوم به وكانوا يعتقدون أنه محظوظ، لكن الأمر لم يكن يتعلق بالحظ. لم أكن أعرف خافي قبل ذلك على الإطلاق، وكنت معجبا بما يقوم به بشكل كبير».
وكان غارسيا محط إعجاب كثيرين، وكان هناك سبب ما دفع نادي ملقة للتعاقد معه فورا بعد هبوطه مع نادي أوساسونا لدوري الدرجة الأولى، كما كان هناك سبب أيضا لدخول إشبيلية في مفاوضات معه بعد موسم مخيب للآمال مع روبن كازان واحتلاله المركز التاسع في جدول ترتيب الدوري الروسي. وهناك سبب أيضا وراء تعاقد واتفورد معه. وعندما سُئل غارسيا سابقا عما إذا كان سيدرب يوما ما في إنجلترا، رد قائلا: «هناك شعور رائع فيما يتعلق بكرة القدم في إنجلترا. أنا أود أن أخوض تلك التجربة. إنه أمر جذاب».
يقول غارسيا: «أنت بحاجة إلى الجمهور معك وفي حاجة إلى تضافر الجهود. التواصل مع المدرجات أمر مهم للغاية، فيجب أن يشعر الجمهور بأنه جزء من اللعبة، وهذا هو الهدف الأسمى لكرة القدم. الفوز بأي طريقة من دون أن يكون الجمهور مقتنعا ومستمتعا ليس هو السعادة الكاملة. نحن محترفون، وفوق كل هذا فنحن نريد أن ندخل في منافسة، وهذا هو الشيء الذي يجعلك تشعر بالرضا الحقيقي».


مقالات ذات صلة

ثنائية نونيز تمنح ليفربول فوزاً مثيراً على برنتفورد في الدوري الإنجليزي

رياضة عالمية نونيز يسدد ويهز شباك برنتفورد بهدفه الأول (أ.ف.ب)

ثنائية نونيز تمنح ليفربول فوزاً مثيراً على برنتفورد في الدوري الإنجليزي

أصبح فريق نيوكاسل مهدداً بفقدان المركز الرابع بجدول الترتيب إثر تلقيه أول خسارة بعد 6 انتصارات متتالية سجل داروين نونيز مهاجم ليفربول هدفين في توقيت قاتل،

«الشرق الأوسط» ( لندن)
رياضة عالمية أرتيتا (رويترز)

أرتيتا «قلق للغاية» لإصابة ساليبا بعد التعادل مع فيلا

تفاقمت مشكلة إهدار أرسنال لنقطتين في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بعد تعادله 2-2 مع أستون فيلا اليوم السبت بسبب إصابة وليام ساليبا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية ريتشارليسون (رويترز)

ريتشارليسون يخطط للرحيل عن توتنهام إلى الدوري السعودي

كشف موقع «فوتبول إنسايدر» عن أن مهاجم توتنهام، ريتشارليسون، أبلغ أصدقاءه برغبته في مغادرة النادي اللندني، حيث يخطط للانتقال إلى الدوري السعودي للمحترفين.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية أرنه سلوت (أ.ف.ب)

سلوت: راودتني الشكوك قبل الفوز على برنتفورد

اعترف أرنه سلوت بأنه شعر بخوف أن يعيد التاريخ نفسه، إذ عانى ليفربول ضد برنتفورد اليوم السبت، قبل أن يسجل البديل داروين نونيز هدفين.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية واتكينز يحتفل (إ.ب.أ)

البريميرليغ: واتكينز يقود فيلا لانتزاع التعادل من آرسنال

واصل أولي واتكينز، مهاجم أستون فيلا، تألقه أمام آرسنال بعدما سجل هدفاً ليقود فريقه لانتزاع التعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».