التشكيلي السعودي محمد المهدي في إطلالة فنية تجريدية بالقاهرة

عبّر من خلال أعماله عن عشقه وولعه بالإسكندرية

TT

التشكيلي السعودي محمد المهدي في إطلالة فنية تجريدية بالقاهرة

عبر 50 لوحة يغلب على أكثرها الطابع التجريدي، تحتضن القاهرة حالياً معرضاً للفنان التشكيلي السعودي محمد المهدي. افتتح المعرض الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، والدكتور حمدي أبو المعاطي نقيب التشكيليين المصريين، بحضور لفيف من الضيوف والفنانين وممثل عن سفارة خادم الحرمين الشريفين في القاهرة.
يقول الفنان محمد المهدي لـ«الشرق الأوسط»: «يغلب على أكثر أعمالي الطابع التجريدي الذي أعشقه وأجده أوفر رحابة، حيث يُمكن تحميل اللغة البصرية للون وتأثيره الوجداني أكثر من معنى ودلالة على حسب قراءة خاصة لكل مُشاهد، لذا أتعامل بتلقائية وسلاسة هائماً على سطوح لوحاتي تاركاً العنان لفرشاتي تفيض بمكنون نفسي الذي تختزله الألوان التي تنساق بوعي اكتسبته من دراستي لعلم النفس وحتى وأنا أتناول موضوعات محدّدة، وهو أمر مُحبب لنفسي وأجد في الرسم طاقة روحية ونفسية إيجابية أعشقها وأبحث عنها دائماً».
يخصص الفنان السعودي في معرضه بعض الأعمال التي يعبّر من خلالها عن عشقه وولعه بمدينة الإسكندرية المصرية التي تلقّب بـ«عروس المتوسط»، قائلاً: «الإسكندرية هي المدينة القريبة جداً لقلبي والتي ذهبت إليها وجلست أمام البحر أراقب الموجة وهي تحمل الرمال وترتفع في السماء وتنزل متكسرة بالأرض، وتلك التي تأتي حتى المقعد الذي أجلس عليه، وكأنّها تقول لي أنا الإسكندرية مرحبا بك، وهو الإحساس الذي حاولت ربطه بعدد من الرسومات، مع عرضها بأعمال أخرى لمشاهد من مسقط رأسي بمدينة الأحساء، في محاولة تعكس المؤاخاة والمحبة بين مصر والسعودية».
يعدّ المعرض ثاني معارض الفنان محمد المهدي في مصر، حيث نظم معرضا قبل 6 أشهر في الإسكندرية، مبيّناً أنّه قام بعمل معرض القاهرة الحالي بتشجيع من الأحبة ومن زملائه كبار الفنانين.
ما يميز لوحات المعرض وجود نبذة عن كل عمل أو لكل عدة لوحات، وعن ذلك، يقول صاحب المعرض: «أفضل ربط العمل الفني بكلمات أحاول بها أن أشرح أعمالي للجمهور، فالنبذة تعمل على تسهيل فهم المتلقي للوحة وأنا أحاول من كل لوحة أن أقدم درساً، حيث أربط تكنيك التجريد بالمتلقي، وقد درست هذا الأسلوب من خلال فنانين أوروبيين، وحاولت أن أبتعد عن التقليد وأستفيد بالأسلوب والنمط والثقافة وأسخّرها في عمليات التجريد». ويستطرد: «عندما أشرح اللوحة أحاول نقل ما تعلمته وما درسته للمتلقي، إذ يبدأ في تثقيف نفسه ويتعرف على التجريد ويتمتع به، محاولا استنباط المعنى من خلال العمل الذي يراه، فأنا أحاول جعل اللوحة تحاكي جميع الطبقات وجميع الفئات وتفسيرها حسب المجتمع الذي تعرض فيه».
من بين الكلمات التي كتبها الفنان على إحدى لوحاته: «التجريد له طعمه إذا أُلبس ثوب الجمال... وعُمل فيه المحال... وتلون بلون الزهور... ولُمس بضربات السكين... وصُمم بإتقان واتزان يخطف الأبصار وينظر إليه باستحسان ليقال عنه أنّه فعلا عمل فنان».
وعن تفضيله لأسلوب التجريد يقول المهدي: «اللوحات التجريدية غير مباشرة، بعكس الصور الفوتوغرافية والمنقولة من الطبيعة تكون مباشرة، وهذه الرؤية غير المباشرة يتوقف عندها الإنسان، ويحاول أن يفسّرها ويستنبطها ويسأل عن كيفية عملها وكيفية التحكم في الألوان وتوزيع المساحات والتكوين ووضع اللمسات بالفرشاة وغيرها، وجميع ذلك يكون أشبه بنوتة موسيقية تدخل المتعة للمتلقي».



بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
TT

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

يَندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هُوبَال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد فقط، وتحوّل سريعاً إلى «تريند» على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال مقاطع الفيديو والأحاديث التي تتناول تفاصيل العمل الذي يجمع للمرة الثالثة بين المخرج عبد العزيز الشلاحي والكاتب مفرج المجفل.

يتحدث بطل الفيلم مشعل المطيري، لـ«الشرق الأوسط»، عن السر في ذلك قائلاً: «حين يكون الفيلم مصنوعاً بشكل جيد، فمن المتوقع أن يلقى إقبالاً كبيراً لدى الجمهور»، مشيراً إلى أن «هُوبَال» يحكي قصة إنسانية قريبة للناس، تم سردها في بيئة مغرية وسط الصحراء، مما جعل الكثيرين يتحمسون لمشاهدته.

ويتابع المطيري: «ارتباط الفيلم بالبيئة البدوية جعله جاذباً، ورغم أننا شاهدنا أعمالاً درامية وسينمائية لها علاقة بمجتمعات معينة، فإن البيئة البدوية لم يسبق أن جرى تقديمها بهذا التركيز من قبل، وهذه ميزة زادت من رغبة الناس في مشاهدة العمل». مؤكداً في الوقت نفسه أن الفيلم يناسب جميع أفراد العائلة، وهو ما لاحظه في صالات السينما، التي ضمَّت صغار وكبار السن على حد سواء.

يدور الفيلم حول العزلة في الصحراء والتحديات التي تواجه العائلة بسبب ذلك (الشرق الأوسط)

قصة الفيلم

تدور أحداث فيلم «هُوبَال» في السعودية خلال الفترة التي تلت أحداث حرب الخليج الثانية، ويتناول قصة عائلة بدوية تقرر العيش في عزلة تامة وسط الصحراء جرّاء اعتقاد «الجد ليام»، (إبراهيم الحساوي)، بقرب قيام الساعة بعد ظهور علامات تؤكد مزاعمه.

هذه العزلة تُعرضه لامتحان صعب عندما تصاب حفيدته بمرض مُعدٍ يحتِّم على الجميع عدم الاقتراب منها، الأمر الذي يدفع والدتها سرّاً (ميلا الزهراني) إلى التفكير في تحدي قوانين الجد لإنقاذ ابنتها، وهو ما يصطدم بمعارضة شديدة من زوجها «شنار»، (مشعل المطيري).

سينما الصحراء

ورغم أن العائلة انزوت في الصحراء هرباً من المدينة، فإن مشعل المطيري لا يرى أن «هُوبَال» يأتي ضمن تصنيف سينما الصحراء بالمفهوم الدارج، بل يشير إلى أن له تصنيفاً مختلفاً، خصوصاً أن العمل يتناول فترة التسعينات من القرن الماضي، عن ذلك يقول: «هي فكرة ذكية في توظيف الصحراء في فترة زمنية قريبة نسبياً، كما أن شخصيات الفيلم لم تنقطع تماماً عن المدينة، بل كان بعضهم يرتادها للبيع والشراء، فحياتهم كانت مرتبطة بالمدينة بشكل أو بآخر».

ويشير المطيري هنا إلى أن الصحراء كانت اختياراً في القصة وليست واقعاً محل التسليم التام، مضيفاً أن «المخرج تعامل مع البيئة الصحراوية بدقة كبيرة، من حيث تفاصيل الحياة التي رآها المُشاهد في الفيلم». ويؤمن المطيري بأنه ما زال هناك كثير من الحكايات المستلهَمة من عمق الصحراء وتنتظر المعالجة السينمائية.

مشعل المطيري في دور «شنار» بالفيلم (الشرق الأوسط)

«شنّار بن ليام»

يصف المطيري شخصية «شنار بن ليام» التي لعب دورها بأنه «شخص سلبي، ومخيف أحياناً، كما أنه جبان، وبراغماتي، وواقعي إلى حد كبير مقارنةً ببقية أهله، حيث لم يستطع معارضة والده، وكانت لديه فرصة لعيش الحياة التي يريدها بشكل آخر، كما أنه حاول الاستفادة من الظروف التي حوله». ويرى المطيري أنها من أكثر الشخصيات وضوحاً في النص، ولم تكن شريرة بالمعنى التقليدي لمفهوم الشر في السينما.

ويمثل «هُوبَال» بدايةً قوية للسينما السعودية في مطلع 2025، وهنا يصف المطيري المشهد السينمائي المحلي بالقول: «هناك تطور رائع نعيشه عاماً تلوم آخر، وكل تجربة تأتي أقوى وأفضل مما سبقها، كما أننا موعودون بأعمال قادمة، وننتظر عرض أفلام جرى الانتهاء من تصويرها مؤخراً». ويختم حديثه بالقول: «كل فيلم جيد يسهم في رفع ثقة الجمهور بالسينما المحليّة، وتباين مستوى الأفلام أمر طبيعي، لكن الأهم ألا يفقد الجمهور ثقته بالأفلام السعودية».

تجدر الإشارة إلى أن فيلم «هُوبَال» حقَّق أداءً مميزاً في شِبّاك التذاكر في أول 3 أيام من عرضه، وتجاوزت مبيعات التذاكر 30 ألف تذكرة بإيرادات تُقدّر بأكثر 1.5 مليون ريال سعودي.