سلامة يبحث إحياء «الصخيرات» مع اقتراب الانتخابات الليبية

المتحدث باسم البرلمان لـ«الشرق الأوسط»: لم نعرقل الاتفاق السياسي

TT

سلامة يبحث إحياء «الصخيرات» مع اقتراب الانتخابات الليبية

أعاد المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، الحديث حول تعديل «اتفاق الصخيرات»، إلى واجهة الأحداث مرة ثانية، بعد جمود ساد عقب تعثر مباحثات الفرقاء السياسيين في تونس، في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في محاولة وُصفت بأنها تستهدف «إحياء الاتفاق الذي دخل مرحلة الإنعاش»، في وقت قال فيه المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوة «محاولة لتقريب وجهات النظر قبل إجراء الانتخابات».
والتقى سلامة، رئيسَ لجنة تعديل الاتفاق السياسي بالمجلس الأعلى للدولة موسى فرج، ورئيس لجنة الحوار بمجلس النواب عبد السلام نصية، بمقر البعثة في العاصمة طرابلس، أمس. وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الدولة، في بيان نشره عبر صفحته على «فيسبوك» أمس، إن اللقاء الذي «سادته أجواء إيجابية، بحث سبل المضي قدماً في تعديل الاتفاق السياسي»، كما ناقش «ضرورة توافق المجلسين حول آلية اختيار المجلس الرئاسي الجديد، وتشكيل سلطة تنفيذية موحدة تتولى التمهيد للاستحقاقات الهامة المقبلة».
وقال عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي (شرق البلاد) الدكتور أبو بكر بعيرة، إن «العملية السياسية في ليبيا مجمدة، ومهددة بالفشل بسبب اختلاف الأفرقاء السياسيين في البلاد»، مشيراً إلى أن المبعوث الأممي يحاول «لملمة أطراف سياسية مشتتة ومتباعدة». وأضاف بعيرة لـ«الشرق الأوسط» أن المعنيين بتعديل اتفاق الصخيرات أصبحوا «لا يثق بعضهم في بعض»، ودخلوا مرحلة ما سماه «السلام السلبي»، لافتاً إلى أن «إجراء انتخابات نيابية ورئاسية في ليبيا هذا العام، كما تحدث سلامة، ليس بالأمر السهل، وبالتالي هو يسعي للبحث عن سبيل بعدما دخل الاتفاق مرحلة الإنعاش».
وسبق للمبعوث الأممي، خلال لقائه ممثلين عن الهيئات الوطنية في مدينة مصراتة (شمالي غرب)، القول إن «الخطة الأممية تهدف إلى توافق الأطراف الليبية على حكومة تدير شؤون البلاد لحين إجراء الانتخابات (العام الحالي) حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن السلطة التنفيذية»، لكنه عدل عن رأيه، وقال خلال إحاطة أمام مجلس الأمن من مكان إقامته بتونس، الأسبوع الماضي، إنه «من غير الممكن إجراء انتخابات قبل الاتفاق على مسار واضح بين جميع الأطراف». وأضاف سلامة أن «الانتقال السياسي لا يمكن تحقيقه دون دستور، وقبل توحيد المؤسسات».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، إن لقاء المبعوث الأممي برئيسي لجنتي الحوار، في طرابلس، يأتي في إطار الدفع بعملية الاتفاق السياسي، بعد توقف جولات تعديله عقب جولتين من الحوار.
وأضاف بليحق لـ«الشرق الأوسط» أن «سلامة سبق أن تقدم بمقترح إلى مجلس النواب في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لتعديل مواد السلطة التنفيذية في اتفاق الصخيرات، وتتكون من 12 مادة، وافق عليها المجلس بالأغلبية، لكن الطرف الآخر المتمثل في مجلس الدولة لم يعتمد المقترح، ما أدى إلى جمود الحوار السياسي».
ومع تولي المبعوث الأممي لدى ليبيا مهامه، أعلن عن «خريطة طريق» تتضمن تعديل الاتفاق، وعلى مدار جولتين من المفاوضات، احتضنت تونس في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر الماضيين، ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بهدف التوصل إلى صيغة توافقية لتعديل اتفاق الصخيرات، لكنها تعثرت رغم إحراز بعض التقدم. وشكلت المادة الثامنة حجر العثرة أمام استكمال الحوار.
أمام ذلك، أضاف بليحق أن لقاء سلامة يستهدف «معرفة الملاحظات التي يقترحها مجلس الدولة على تعديل الاتفاق»، وقال إن «تحريك العملية السياسية من شأنه تهيئة الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات في البلاد قبل نهاية العام الحالي»، لافتاً إلى أن مجلس النواب بصدد تعديل الإعلان الدستوري. وانتهى بليحق إلى أن الانتخابات هي المخرج الوحيد لإنهاء الانقسام السياسي والاقتصادي في البلاد، والحد من الخلافات المستمرة بين جميع الأطراف في ليبيا.
وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتهم رئيس لجنة تعديل الاتفاق السياسي بالمجلس الأعلى للدولة موسى فرج، مجلس النواب، بـ«التسبب في توقف المباحثات السياسية بتعنته وإصراره على الانفراد باختيار المجلس الرئاسي». وأضاف فرج، في تصريح لقناة محلية، أن «موقف مجلس النواب الحالي يعكس رغبة في تفرده بالقرار السياسي والأمني والاقتصادي والإداري»، الأمر الذي نفاه بليحق، وقال: «نحن من وافق على مقترح المبعوث الأممي، ولم نعرقل الاتفاق، لكن مجلس الدولة لم يتجاوب معه إلى الآن».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».