الانتحار حرقاً... بين الدوافع والرسالة المطلوب إيصالها

الاحتجاج حرقا ظاهرة متفشية عالميا (رويترز)
الاحتجاج حرقا ظاهرة متفشية عالميا (رويترز)
TT

الانتحار حرقاً... بين الدوافع والرسالة المطلوب إيصالها

الاحتجاج حرقا ظاهرة متفشية عالميا (رويترز)
الاحتجاج حرقا ظاهرة متفشية عالميا (رويترز)

أقدم أحد المحتجين في ولاية قفصة جنوب تونس أمس (الثلاثاء) على محاولة انتحار حرقا ضمن الاحتجاجات المستمرة ضد نتائج الانتداب في القطاع العام ومن أجل المطالبة بفرص عمل.
وهذه الحادثة المرعبة هي ليست الأولى من نوعها في تونس والعالم العربي أيضا.
ففي بداية هذا العام، حاول لاجئ سوري في لبنان الانتحار بإشعال النار في نفسه بسبب «عدم تمكنه من الحصول على مساعدة غذائية»، فأقدم على صب البنزين على يديه وجسمه، وأضرم النار بنفسه أمام مركز اللاجئين التابع للأمم المتحدة بمدينة طرابلس شمال لبنان.
وأصبح واضحا أن ظاهرة الانتحار حرقا تتزايد في البلدان العربية كنوع من أنواع الاحتجاج التي يقدم عليها الغاضبون للتعبير عن مطالبهم سواء بشكل فردي أو التهديد به بشكل جماعي.
فقد أحبطت السلطات الجزائرية العام الماضي محاولة انتحار مجموعة من الشبان، هددوا بالانتحار حرقا فوق سطح مقر ولاية «البويرة» شمال البلاد، مطالبين بالحصول على موعد مع الوالي لمناقشة ملفاتهم ومشاكلهم الاجتماعية.
وتتفاوت الأسباب التي تدفع بالأشخاص للإقدام على هذه الخطوة الجريئة؛ ففي مصر مثلا، أقدم شاب يبلغ من العمر 17 سنة على الانتحار حرقا العام الفائت، بسبب عدم تمكن والدته، المطلقة من والده، والمقيمة بمصر من حضور حفل عيد ميلاده.
وبتونس أيضا، أقدم شاب على سكب البنزين على نفسه في مكتب معتمد جوهرة بسوسة بسبب تأخر طلب قرض تقدم به.
وأشارت رئيسة اللجنة الفنية لمقاومة الانتحار بوزارة الصحة التونسية، فاطمة الشرفي، إلى أن طرق الانتحار العنيفة، على غرار الانتحار حرقا، سجلت، منذ 2011، ارتفاعا ملحوظا، فيما يقدر تضاعفها 20 مرة منذ الثورة. وأضافت أن السلوكيات الانتحارية تمس، بالخصوص، فئة الشباب دون الثلاثين.
ووفقا للاختصاصي النفسي والباحث في الدراسات العلمية للسلوك البشري جان بشير، أن الانتحار حرقا ظاهرة تعبر عن غضب ولوعة الأشخاص الذين يقدمون عليها، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يشعر الإنسان بالإحباط والفشل، تتوقف عنده القدرة على التحليل والتفكير بالحلول، فيلجأ إلى الانتحار ظنا منه أنه سينهي ألمه ويتخلص من واقعه المرير. ولكن، اختيار الحرق كوسيلة يعبر عن نية الشخص بتعذيب الآخرين أيضا، وإيصال رسالة للعالم تتحدث عن معاناته ووجعه». وأضاف: «لا أحد يستطيع إضرام النار بنفسه، إلا إذا كان وجعه الداخلي أقوى من أي وجع يمكنه الشعور به. ويلجأ الأشخاص للانتحار حرقا بسبب سهولة الإنقاذ، وقوة الصدمة والضجة التي يحدثها هذا الفعل».
ويرى بشير أن معظم من يختارون هذه الوسيلة دون غيرها، هم ممن يعانون من وضع اجتماعي مزر، ويفتقدون الحاجات الأساسية لعيش حياة كريمة.
بدورها تؤكد الخبيرة الاجتماعية رانيا المرهي أن التفاوت الطبقي داخل المجتمع الواحد يؤدي إلى «نشوء نزاعات مستحدثة بين الأغنياء والفقراء، وعندما يجد بعض الأشخاص أن وضعهم لا يتغير، يحاولون الانتقام من واقعهم ومجتمعهم، فيضرمون النار بأنفسهم تعبيرا عن الغضب».
وتحدث هذه الخطوات عادة في التحركات المدنية والثورات الشعبية، لما لها من أبعاد بطولية ومشهدية رمزية، وفقا لمرهي، كما حدث مع بائع الخضار التونسي البوعزيزي الذي أقدم على حرق نفسه، وأشعل آنذاك الثورة في البلاد ضد الغلاء والأوضاع الاقتصادية الصعبة. وتابعت: «حرق النفس هو تعبير يعني بأبعاده الاجتماعية حرق الحدود وكل ما يقف بين الشخص وطموحاته، بما في ذلك حرق للهوية الشخصية والوطنية. وتمثل هذه الحالات إحدى أكثر الظواهر خطورة وتفشيا في العالم العربي».
وتعتبر المرهي أن التصدي لهذه الظاهرة يكمن في إعادة النظر بالمناهج التربوية والمنوال الاقتصادي معا لتجاوز هذه الأزمة الهيكلية والدورية للنسيج الاقتصادي في البلدان العربية، كما وصفتها.
وفي ظل غياب الإحصاءات وبرامج التوعية، دعت المرهي إلى تكوين جمعيات وحملات مدنية هدفها توفير استشارات نفسية مجانية للحد من ظاهرة الانتحار بالإجمال.



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.