تقرير: القطاع العقاري الإماراتي يتكيف مع انخفاض النمو

استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
TT

تقرير: القطاع العقاري الإماراتي يتكيف مع انخفاض النمو

استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)

أظهر تقرير عقاري حديث صدر مؤخراً استمرار القطاع العقاري في الإمارات في التكيف مع انخفاض مستوى النمو، على اعتبار أن هذا المستوى المنخفض قد أضحى هو الوضع الطبيعي الجديد في ظل استمرار جميع قطاعات السوق في مرحلة التراجع خلال دورتها الاقتصادية. وقالت جيه إل إل للاستشارات العقارية في تقرير جديد إن استمرار تراجع السوق إلى مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي؛ حيث تراجع النمو عن مستواه التاريخي الذي بلغ 4.1 في المائة ليقف عند 1.7 في المائة عام 2017، وتمثل هذه النسبة أدنى نقطة في الدورة الحالية، حيث تشير التنبؤات إلى اتجاه النمو إلى الارتفاع مجدداً في عام 2018 (بنسبة 3.3 في المائة) ليسجل متوسطا قدره 3.4 في المائة سنوياً بين عامي 2018 و2020، مما قد يؤدي إلى تحسن تدريجي في أداء سوق العقارات وإن كان من المتوقع استمرار حالة التراجع العامة في عام 2018.
وأشار التقرير المعنون بـ«حصاد عام 2017» إلى أن بداية عام 2018 ستشهد تراجعاً في حركة سوق العقارات وأدائه، نظراً للغموض الذي يحيط بأثر تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وقال كريغ بلامب رئيس قسم الأبحاث في شركة جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن قطاع العقارات الإماراتي يدخل حالياً في مرحلة انتقالية مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، حيث تحاول الأطراف المعنية الرئيسية فك شفرة التأثيرات التي سيتمخض عنها تطبيق هذه الضريبة في الوقت الحالي وعلى المدى الطويل، وعلى الرغم من عدم سريان ضريبة القيمة المضافة على الإيجارات السكنية ومبيعات العقارات السكنية الجديدة، فهناك قطاعات عقارية أخرى قد تتأثر سلباً بزيادة التكاليف وارتفاع تحديات التدفقات النقدية». ويذكر أن أغلبية مبيعات قطاع الوحدات السكنية كانت تتركز في قطاع البيع على الخريطة؛ حيث يقدم المطورون العقاريون أسعاراً وخطط سداد مغرية للغاية. فقد شهد عام 2017 بيع 25.6 ألف وحدة سكنية على الخريطة في دبي، ما يضع عام 2017 على الطريق نحو تسجيل أعلى مستويات للبيع على الخريطة في دبي منذ عام 2008.
وبين التقرير أنه في الوقت الذي لا تزال مستويات المعروض المستقبلي في أبوظبي محدودة، تشير التكهنات إلى زيادة مستوى المعروض المحتمل دخوله إلى سوق دبي في عام 2018 و2019.
ولفت إلى أنه قد يؤدي اكتمال جميع المشروعات المقترحة إلى إمكانية زيادة العرض عن المطلوب في بعض قطاعات السوق غير أنه من المستبعد أن يتم استكمال جميع هذه المشروعات خلال هذه الفترة، حيث كشف تحليل أجرته شركة جيه إل إل أن نسبة الوحدات السكنية التي اكتمل العمل بها في دبي خلال السنوات الخمس الأخيرة لا تزيد على 40 في المائة من إجمالي المعروض المقترح.
ويتوقع التقرير أن تسجل إمارة دبي معدل نمو أسرع من متوسط النمو على مستوى الدولة بالكامل في عام 2018، ويعود ذلك جزئياً إلى زيادة إنفاق حكومة دبي عن الحد المعلن في ميزانية عام 2018 بنسبة 20 في المائة، والتي تصب في معظمها في مشروعات البنية التحتية والمشروعات المتعلقة باستضافة معرض إكسبو 2020.
المعروض: بلغ إجمالي المساحات الإدارية القابلة للتأجير في دبي 8.86 مليون متر مربع حتى الربع الرابع من عام 2017، ومن المتوقع أن يصل المعروض المستقبلي من المساحات الإدارية في دبي إلى 9.13 مليون متر مربع و9.28 مليون متر مربع في نهاية عامي 2018 و2019 على التوالي.
على الرغم من التحديات الكثيرة التي شهدها العام، نجحت بعض المباني في تحقيق نتائج إيجابية من حيث الإيجار في عام 2017، وتتمتع مدينتا دبي للإنترنت ودبي للإعلام بمعدلات إشغال من أعلى المعدلات في مدينة دبي بمتوسط 95 في المائة على مستوى جميع المباني، وهو ما يوضح عدم وجود مشاريع تطوير تهدف للمضاربة ويؤكد على نجاح تيكوم في الاحتفاظ بالمستأجرين.
المعروض: لم يشهد قطاع المساحات الإدارية اكتمال أي من المشروعات في الربع الرابع من عام 2017، ليظل المعروض من المساحات الإدارية في أبوظبي مستقراً عند نحو 3.5 مليون متر مربع من إجمالي المساحة التأجيرية حتى الربع الرابع لعام 2017. ومن المتوقع أن يسفر اكتمال العمل في المشروعات المستقبلية عن تسليم نحو 211 ألف متر مربع و57 ألف متر مربع من إجمالي المساحة التأجيرية في عامي 2018 و2019 على الترتيب.
وصلت الشواغر في قطاع المساحات الإدارية بأبوظبي إلى 22 في المائة في الربع الرابع لعام 2017، لتقف مستقرة عند هذه النسبة طوال هذا الربع. وظلت إيجارات المساحات الإدارية مستقرة بوجه عام خلال عام 2017 سواء بالنسبة لمباني «الدرجة أ» أو مباني «الدرجة ب»، ولكن دخول مساحات جديدة إلى السوق يعني احتمالية انخفاض الإيجارات في ظل زيادة المنافسة.
ملخص سوق المساحات الإدارية في الشارقة يُعد الطلب على المساحات الإدارية في الشارقة محدوداً نظراً لمجموعة من العوامل من بينها عدم كفاية مساحات انتظار السيارات، والازدحام المروري في الأماكن الرئيسية في المدينة، وعدم تطور منظومة النقل العام، وعدم وجود منطقة أعمال واضحة المعالم واحتدام المنافسة مع دبي. ويظل المعوق الأكبر لتطور هذا القطاع انخفاض نسبة الوظائف الإدارية داخل القاعدة الاقتصادية في الشارقة (التي يغلب عليها الطابع الصناعي مقارنة بالإمارات الأخرى)، وهو أمر لن يشهد تغييراً كبيراً على المدى القصير.
المعروض: يقدر إجمالي المساحة الإدارية الحالية في الشارقة بنحو 111 ألف متر مربع في الربع الثالث من 2017، ويقع معظمها في المناطق الداخلية. ويجري الآن العمل على إنشاء عدد قليل نسبياً من المباني الإدارية الجديدة حيث تبلغ مساحة المشروعات الجارية والمنتظر إنجازها في العام الجاري والمقبل أقل من 150 ألف متر مربع وبعضها يجري تطويره لصالح هيئات حكومية.
تراجعت إيجارات المساحات الإدارية في إمارة الشارقة في 2017 في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي ومحدودية الطلب على هذا القطاع؛ حيث سجلت إيجارات مباني الدرجة أ والدرجة بـالتي تراقبها شركة جيه إل إل انخفاضا بنسبة 17 في المائة على مدار العام وحتى الربع الثالث من عام 2017 ليبلغ متوسط الإيجارات 564 درهما (153 دولارا) للعام لكل متر مربع، مع توقع حدوث انخفاضات جديدة في عام 2018 نتيجة مواصلة الشركات سياستها في خفض التكاليف.
المعروض: قد يشهد السوق بحلول عام 2020 دخول إجمالي 570 ألف وحدة جديدة بما يمثل متوسط زيادة سنوية قدره 8 في المائة، ووفقاً لتقارير مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس، فمن المتوقع أن يرتفع عدد سكان دبي بمعدل 3 في المائة سنوياً، وهو ما يشي بالتأكيد بأن معدلات استيعاب السوق ستكون أقل من مستويات المعروض الجديد مما قد يؤدي إلى عدم شغل عدد كبير من الوحدات السكنية.
ويقدر مخزون الوحدات السكنية في دبي بنحو 491 ألف وحدة سكنية بنهاية عام 2017، وتمثل الشقق أكثر من 80 في المائة من إجمالي المعروض أي نحو 403 آلاف وحدة، بينما بلغ عدد الفيلات 86 ألف وحدة. ومن المنتظر أن تشهد الفترة القادمة دخول نحو 17 ألف شقة فاخرة إلى السوق في مطلع عام 2018 مع اقتراب اكتمال عدد من مشاريع التطوير السكنية.
الأداء: اجتذب سوق دبي السكني الكثير من الدورات من النمو (2001 - 2008)، إلى الانخفاض (2009 - 2011)، إلى الانتعاش (2012 - 2014)، إلى وضعه الحالي للهبوط الناعم. ويشير النشاط الأخير في السوق إلى أن الثقة قد عادت إلى كل من المستثمرين والمطورين، ولكن تجدر الإشارة إلى أن عدد عمليات الإطلاق الجديدة أقل عن مستويات الذروة في الفترة ما بين 2006 و2007 وأن حجم وقيمة المبيعات أقل من المستويات التي سجلت خلال 2013 و2014.
وانخفضت أسعار البيع والإيجارات على حد سواء خلال العام، ولكن معدل الانخفاض قد تباطأ خلال الربع الرابع، بمعدل 1.6 في المائة في جميع القطاعات، وبما أن السوق سيشهد زيادة في عدد الوحدات السكنية، فمن المتوقع أن تستمر الأسعار في التكيف (هبوطا) مع مستويات الإشغال التي تتبع اتجاها مماثلا لأن نمو العرض يفوق الطلب المحتمل.
المعروض: شهد عام 2017 تسليم 3 آلاف وحدة سكنية في أبوظبي، حيث شكلت الشقق 88 في المائة من المشاريع المكتملة ليصبح إجمالي مخزون الوحدات السكنية نحو 251 ألف وحدة سكنية، ومن بين المشروعات الرئيسية المسلمة.
ومن المتوقع دخول عدد محدود من الوحدات السكنية في المستقبل إلى السوق داخل جزيرة أبوظبي الرئيسية لتمثل الجزيرة نحو 57 في المائة من إجمالي المعروض من الوحدات السكنية في أبوظبي في 2020 مقارنة بنسبة 62 في المائة في عام 2017.
الأداء: شهدت أسعار بيع الشقق والفلل انخفاضات طفيفة خلال الربع الأخير من عام 2017 بينما ظلت مؤشرات الإيجارات ثابتة في هاتين الشريحتين السكنيتين. وقد تأثرت معنويات المستثمرين سلباً منذ عام 2014 مع بدء انخفاض أسعار النفط.
ومن المتوقع أن يضيف بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة في يناير (كانون الثاني) 2018 مزيداً من الحوافز للمشترين المحتملين في صورة خطط سداد أكثر سخاء مع تسليم العقارات، وهذا لأن لوائح ضريبة القيمة المضافة التي سيتم تطبيقها على مبيعات الوحدات السكنية لا تفرض أي ضريبة على جميع المبيعات السكنية للمطورين خلال ثلاث سنوات من اكتمال المشروع؛ على أن تدفع ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5 في المائة على أي منزل يباع بعد انقضاء مهلة السنوات الثلاث.
المعروض: أدى الازدحام في الأحياء السكنية القديمة الواقعة في غرب الإمارة على طول الساحل وتطوير تجمعات سكنية جديدة إلى انتقال عدد كبير من السكان إلى الأجزاء الشرقية. ويعود التغيير الرئيسي في سوق الوحدات السكنية بالشارقة إلى التغييرات التي طرأت على قوانين تملك العقارات الصادرة في عام 2014 للسماح للوافدين من غير العرب بشراء عقارات في مشروعات مختارة. وأدى ذلك إلى وضع المخططات الرئيسية لعدد من التجمعات السكنية بغرض بيعها، وتمثل الشقق الغالبية العظمى من الوحدات السكنية في الشارقة بنسبة 89 في المائة بينما لا تمثل الفلل إلا 11 في المائة من مخزون الوحدات السكنية الحالي.
الأداء: ظل متوسط أسعار الشقق المبيعة في الشارقة على حاله دون تغيير تقريباً خلال عام 2017 عقب الانخفاض المشهود الذي ضربه في عام 2016، حيث لم تبلغ نسبة التغيير في أي قطاع حتى الربع الثالث من عام 2017 نسبة 1 في المائة، ومما ساعد على استقرار الأسعار الزيادة التي حدثت في حركة المبيعات نظراً لعرض وحدات للبيع في مجموعة من المشروعات الجديدة خلال هذا العام، وبعكس أسعار البيع، واصلت أسعار الإيجارات في الشارقة تراجعها بنسبة تتراوح بين 6 و10 في المائة، حتى الربع الثالث من عام 2017.


مقالات ذات صلة

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.


هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»