تقرير: القطاع العقاري الإماراتي يتكيف مع انخفاض النمو

استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
TT

تقرير: القطاع العقاري الإماراتي يتكيف مع انخفاض النمو

استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
استمر تراجع السوق الإماراتية بسبب مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي («الشرق الأوسط»)

أظهر تقرير عقاري حديث صدر مؤخراً استمرار القطاع العقاري في الإمارات في التكيف مع انخفاض مستوى النمو، على اعتبار أن هذا المستوى المنخفض قد أضحى هو الوضع الطبيعي الجديد في ظل استمرار جميع قطاعات السوق في مرحلة التراجع خلال دورتها الاقتصادية. وقالت جيه إل إل للاستشارات العقارية في تقرير جديد إن استمرار تراجع السوق إلى مجموعة من العوامل أهمها تباطؤ حركة النمو الاقتصادي؛ حيث تراجع النمو عن مستواه التاريخي الذي بلغ 4.1 في المائة ليقف عند 1.7 في المائة عام 2017، وتمثل هذه النسبة أدنى نقطة في الدورة الحالية، حيث تشير التنبؤات إلى اتجاه النمو إلى الارتفاع مجدداً في عام 2018 (بنسبة 3.3 في المائة) ليسجل متوسطا قدره 3.4 في المائة سنوياً بين عامي 2018 و2020، مما قد يؤدي إلى تحسن تدريجي في أداء سوق العقارات وإن كان من المتوقع استمرار حالة التراجع العامة في عام 2018.
وأشار التقرير المعنون بـ«حصاد عام 2017» إلى أن بداية عام 2018 ستشهد تراجعاً في حركة سوق العقارات وأدائه، نظراً للغموض الذي يحيط بأثر تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وقال كريغ بلامب رئيس قسم الأبحاث في شركة جيه إل إل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن قطاع العقارات الإماراتي يدخل حالياً في مرحلة انتقالية مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، حيث تحاول الأطراف المعنية الرئيسية فك شفرة التأثيرات التي سيتمخض عنها تطبيق هذه الضريبة في الوقت الحالي وعلى المدى الطويل، وعلى الرغم من عدم سريان ضريبة القيمة المضافة على الإيجارات السكنية ومبيعات العقارات السكنية الجديدة، فهناك قطاعات عقارية أخرى قد تتأثر سلباً بزيادة التكاليف وارتفاع تحديات التدفقات النقدية». ويذكر أن أغلبية مبيعات قطاع الوحدات السكنية كانت تتركز في قطاع البيع على الخريطة؛ حيث يقدم المطورون العقاريون أسعاراً وخطط سداد مغرية للغاية. فقد شهد عام 2017 بيع 25.6 ألف وحدة سكنية على الخريطة في دبي، ما يضع عام 2017 على الطريق نحو تسجيل أعلى مستويات للبيع على الخريطة في دبي منذ عام 2008.
وبين التقرير أنه في الوقت الذي لا تزال مستويات المعروض المستقبلي في أبوظبي محدودة، تشير التكهنات إلى زيادة مستوى المعروض المحتمل دخوله إلى سوق دبي في عام 2018 و2019.
ولفت إلى أنه قد يؤدي اكتمال جميع المشروعات المقترحة إلى إمكانية زيادة العرض عن المطلوب في بعض قطاعات السوق غير أنه من المستبعد أن يتم استكمال جميع هذه المشروعات خلال هذه الفترة، حيث كشف تحليل أجرته شركة جيه إل إل أن نسبة الوحدات السكنية التي اكتمل العمل بها في دبي خلال السنوات الخمس الأخيرة لا تزيد على 40 في المائة من إجمالي المعروض المقترح.
ويتوقع التقرير أن تسجل إمارة دبي معدل نمو أسرع من متوسط النمو على مستوى الدولة بالكامل في عام 2018، ويعود ذلك جزئياً إلى زيادة إنفاق حكومة دبي عن الحد المعلن في ميزانية عام 2018 بنسبة 20 في المائة، والتي تصب في معظمها في مشروعات البنية التحتية والمشروعات المتعلقة باستضافة معرض إكسبو 2020.
المعروض: بلغ إجمالي المساحات الإدارية القابلة للتأجير في دبي 8.86 مليون متر مربع حتى الربع الرابع من عام 2017، ومن المتوقع أن يصل المعروض المستقبلي من المساحات الإدارية في دبي إلى 9.13 مليون متر مربع و9.28 مليون متر مربع في نهاية عامي 2018 و2019 على التوالي.
على الرغم من التحديات الكثيرة التي شهدها العام، نجحت بعض المباني في تحقيق نتائج إيجابية من حيث الإيجار في عام 2017، وتتمتع مدينتا دبي للإنترنت ودبي للإعلام بمعدلات إشغال من أعلى المعدلات في مدينة دبي بمتوسط 95 في المائة على مستوى جميع المباني، وهو ما يوضح عدم وجود مشاريع تطوير تهدف للمضاربة ويؤكد على نجاح تيكوم في الاحتفاظ بالمستأجرين.
المعروض: لم يشهد قطاع المساحات الإدارية اكتمال أي من المشروعات في الربع الرابع من عام 2017، ليظل المعروض من المساحات الإدارية في أبوظبي مستقراً عند نحو 3.5 مليون متر مربع من إجمالي المساحة التأجيرية حتى الربع الرابع لعام 2017. ومن المتوقع أن يسفر اكتمال العمل في المشروعات المستقبلية عن تسليم نحو 211 ألف متر مربع و57 ألف متر مربع من إجمالي المساحة التأجيرية في عامي 2018 و2019 على الترتيب.
وصلت الشواغر في قطاع المساحات الإدارية بأبوظبي إلى 22 في المائة في الربع الرابع لعام 2017، لتقف مستقرة عند هذه النسبة طوال هذا الربع. وظلت إيجارات المساحات الإدارية مستقرة بوجه عام خلال عام 2017 سواء بالنسبة لمباني «الدرجة أ» أو مباني «الدرجة ب»، ولكن دخول مساحات جديدة إلى السوق يعني احتمالية انخفاض الإيجارات في ظل زيادة المنافسة.
ملخص سوق المساحات الإدارية في الشارقة يُعد الطلب على المساحات الإدارية في الشارقة محدوداً نظراً لمجموعة من العوامل من بينها عدم كفاية مساحات انتظار السيارات، والازدحام المروري في الأماكن الرئيسية في المدينة، وعدم تطور منظومة النقل العام، وعدم وجود منطقة أعمال واضحة المعالم واحتدام المنافسة مع دبي. ويظل المعوق الأكبر لتطور هذا القطاع انخفاض نسبة الوظائف الإدارية داخل القاعدة الاقتصادية في الشارقة (التي يغلب عليها الطابع الصناعي مقارنة بالإمارات الأخرى)، وهو أمر لن يشهد تغييراً كبيراً على المدى القصير.
المعروض: يقدر إجمالي المساحة الإدارية الحالية في الشارقة بنحو 111 ألف متر مربع في الربع الثالث من 2017، ويقع معظمها في المناطق الداخلية. ويجري الآن العمل على إنشاء عدد قليل نسبياً من المباني الإدارية الجديدة حيث تبلغ مساحة المشروعات الجارية والمنتظر إنجازها في العام الجاري والمقبل أقل من 150 ألف متر مربع وبعضها يجري تطويره لصالح هيئات حكومية.
تراجعت إيجارات المساحات الإدارية في إمارة الشارقة في 2017 في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي ومحدودية الطلب على هذا القطاع؛ حيث سجلت إيجارات مباني الدرجة أ والدرجة بـالتي تراقبها شركة جيه إل إل انخفاضا بنسبة 17 في المائة على مدار العام وحتى الربع الثالث من عام 2017 ليبلغ متوسط الإيجارات 564 درهما (153 دولارا) للعام لكل متر مربع، مع توقع حدوث انخفاضات جديدة في عام 2018 نتيجة مواصلة الشركات سياستها في خفض التكاليف.
المعروض: قد يشهد السوق بحلول عام 2020 دخول إجمالي 570 ألف وحدة جديدة بما يمثل متوسط زيادة سنوية قدره 8 في المائة، ووفقاً لتقارير مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس، فمن المتوقع أن يرتفع عدد سكان دبي بمعدل 3 في المائة سنوياً، وهو ما يشي بالتأكيد بأن معدلات استيعاب السوق ستكون أقل من مستويات المعروض الجديد مما قد يؤدي إلى عدم شغل عدد كبير من الوحدات السكنية.
ويقدر مخزون الوحدات السكنية في دبي بنحو 491 ألف وحدة سكنية بنهاية عام 2017، وتمثل الشقق أكثر من 80 في المائة من إجمالي المعروض أي نحو 403 آلاف وحدة، بينما بلغ عدد الفيلات 86 ألف وحدة. ومن المنتظر أن تشهد الفترة القادمة دخول نحو 17 ألف شقة فاخرة إلى السوق في مطلع عام 2018 مع اقتراب اكتمال عدد من مشاريع التطوير السكنية.
الأداء: اجتذب سوق دبي السكني الكثير من الدورات من النمو (2001 - 2008)، إلى الانخفاض (2009 - 2011)، إلى الانتعاش (2012 - 2014)، إلى وضعه الحالي للهبوط الناعم. ويشير النشاط الأخير في السوق إلى أن الثقة قد عادت إلى كل من المستثمرين والمطورين، ولكن تجدر الإشارة إلى أن عدد عمليات الإطلاق الجديدة أقل عن مستويات الذروة في الفترة ما بين 2006 و2007 وأن حجم وقيمة المبيعات أقل من المستويات التي سجلت خلال 2013 و2014.
وانخفضت أسعار البيع والإيجارات على حد سواء خلال العام، ولكن معدل الانخفاض قد تباطأ خلال الربع الرابع، بمعدل 1.6 في المائة في جميع القطاعات، وبما أن السوق سيشهد زيادة في عدد الوحدات السكنية، فمن المتوقع أن تستمر الأسعار في التكيف (هبوطا) مع مستويات الإشغال التي تتبع اتجاها مماثلا لأن نمو العرض يفوق الطلب المحتمل.
المعروض: شهد عام 2017 تسليم 3 آلاف وحدة سكنية في أبوظبي، حيث شكلت الشقق 88 في المائة من المشاريع المكتملة ليصبح إجمالي مخزون الوحدات السكنية نحو 251 ألف وحدة سكنية، ومن بين المشروعات الرئيسية المسلمة.
ومن المتوقع دخول عدد محدود من الوحدات السكنية في المستقبل إلى السوق داخل جزيرة أبوظبي الرئيسية لتمثل الجزيرة نحو 57 في المائة من إجمالي المعروض من الوحدات السكنية في أبوظبي في 2020 مقارنة بنسبة 62 في المائة في عام 2017.
الأداء: شهدت أسعار بيع الشقق والفلل انخفاضات طفيفة خلال الربع الأخير من عام 2017 بينما ظلت مؤشرات الإيجارات ثابتة في هاتين الشريحتين السكنيتين. وقد تأثرت معنويات المستثمرين سلباً منذ عام 2014 مع بدء انخفاض أسعار النفط.
ومن المتوقع أن يضيف بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة في يناير (كانون الثاني) 2018 مزيداً من الحوافز للمشترين المحتملين في صورة خطط سداد أكثر سخاء مع تسليم العقارات، وهذا لأن لوائح ضريبة القيمة المضافة التي سيتم تطبيقها على مبيعات الوحدات السكنية لا تفرض أي ضريبة على جميع المبيعات السكنية للمطورين خلال ثلاث سنوات من اكتمال المشروع؛ على أن تدفع ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5 في المائة على أي منزل يباع بعد انقضاء مهلة السنوات الثلاث.
المعروض: أدى الازدحام في الأحياء السكنية القديمة الواقعة في غرب الإمارة على طول الساحل وتطوير تجمعات سكنية جديدة إلى انتقال عدد كبير من السكان إلى الأجزاء الشرقية. ويعود التغيير الرئيسي في سوق الوحدات السكنية بالشارقة إلى التغييرات التي طرأت على قوانين تملك العقارات الصادرة في عام 2014 للسماح للوافدين من غير العرب بشراء عقارات في مشروعات مختارة. وأدى ذلك إلى وضع المخططات الرئيسية لعدد من التجمعات السكنية بغرض بيعها، وتمثل الشقق الغالبية العظمى من الوحدات السكنية في الشارقة بنسبة 89 في المائة بينما لا تمثل الفلل إلا 11 في المائة من مخزون الوحدات السكنية الحالي.
الأداء: ظل متوسط أسعار الشقق المبيعة في الشارقة على حاله دون تغيير تقريباً خلال عام 2017 عقب الانخفاض المشهود الذي ضربه في عام 2016، حيث لم تبلغ نسبة التغيير في أي قطاع حتى الربع الثالث من عام 2017 نسبة 1 في المائة، ومما ساعد على استقرار الأسعار الزيادة التي حدثت في حركة المبيعات نظراً لعرض وحدات للبيع في مجموعة من المشروعات الجديدة خلال هذا العام، وبعكس أسعار البيع، واصلت أسعار الإيجارات في الشارقة تراجعها بنسبة تتراوح بين 6 و10 في المائة، حتى الربع الثالث من عام 2017.


مقالات ذات صلة

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.


«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.