تركيا تفتح جبهة جديدة في اليوم الثالث لعملية عفرين

إردوغان يؤكد استمرارها حتى تحقيق كل أهدافها... ومنبج ضمن الخطة

مقاتل من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا في معركة عفرين يحرك درون مراقبة أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا في معركة عفرين يحرك درون مراقبة أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تفتح جبهة جديدة في اليوم الثالث لعملية عفرين

مقاتل من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا في معركة عفرين يحرك درون مراقبة أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا في معركة عفرين يحرك درون مراقبة أمس (أ.ف.ب)

فتح الجيش التركي جبهة جديدة في أعزاز في إطار العمليات البرية التي ينفذها بدعم من الجيش السوري الحر في إطار عملية «غصن الزيتون» العسكرية في عفرين التي دخلت يومها الثالث أمس الاثنين، في الوقت الذي أكد فيه الرئيس رجب طيب إردوغان أن العملية ستنتهي عندما تحقق أهدافها في رد على المطالب الخارجية وبخاصة الأميركية بسرعة إنهاء العملية ولفتت مصادر بالخارجية التركية، إلى أن منبج على خطة العملية العسكرية في عفرين، وأكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بدوره أن العملية لم تشهد سقوط أي قتيل في صفوف القوات التركية حتى الآن.
وبدأ الجيش التركي عملية برية بالتعاون مع الجيش السوري الحر انطلاقا من مدينة أعزاز بريف حلب، باتجاه عفرين أمس، بحسب بيان لرئاسة أركان الجيش التركي.
وقال الجيش التركي في بيان إن القوات التركية وقوات كثيفة من الجيش السوري الحر تمكنت من السيطرة على جبل برصايا الاستراتيجي شمال شرقي مدينة عفرين، بعد ساعات من إطلاقها الهجوم من أعزاز المجاورة.
وبحسب مصادر عسكرية، أسر مقاتلو الجيش السوري الحر مسلحين اثنين على الأقل من وحدات حماية الشعب الكردية خلال السيطرة على الجبل. وتكمن أهمية جبل برصايا في أن الوحدات الكردية كانت تعتمد عليه في قصفها لبلدة أعزاز التي تسيطر عليها المعارضة السورية.
وتتواصل عمليات التمشيط في المنطقة لإزالة الألغام، وردم الأنفاق، التي تم اكتشاف بعضها والتعامل معها، فضلا عن ملاحقة عناصر الوحدات الكردية. بدورها قصفت وحدات المدفعية التركية المرابطة على خط الحدود، مواقع الوحدات الكردية في قرى جلمة وحميدية وحاجيلار وفريرية وتل سلور التابعة لناحية جندريس بعفرين.
وبحسب بيان آخر للجيش التركي، نجحت عملية «غصن الزيتون» في تشكيل خطوط دفاع عبر السيطرة على 11 نقطة في مدينة عفرين منذ انطلاق العملية البرية صباح أول من أمس الأحد. وأحكمت قوات الجيش السوري الحر، المدعومة من الجيش التركي، سيطرتها على قرى «شنكال» و«كورني» و«بالي» و«إدامانلي»، إضافة إلى «مزارع كيتا» و«كوردو» و«بينو» و«تلة سوريا» و«تلة 240»، إلى جانب تلتين أخريين.
ومنذ انطلاق العملية البرية، تمكنت قوات الجيش السوري الحر ووحدات الجيش التركي، من دخول المنطقة من الجانبين الشمالي والشمال الغربي. وبحسب مصادر عسكرية، لم تواجه قوات الجيش السوري الحر وعناصر الجيش التركي مقاومة جدية، بينما تمكنت قوات الجيش الحر من أسر عدد من عناصر الوحدات الكردية في محيط بلدة راجو.
مقتل مدنيين سوريين
وشن سلاح الجو التركي، أمس، غارات على مواقع عسكرية تابعة للوحدات الكردية في جندريس، إلى جانب استهداف مواقعها من جانب سلاح الجو والمدفعية في بلدية مالكية بمدينة تل رفعت. وقالت مصادر عسكرية إن الوحدات الكردية تواصل استهداف المدنيين بشكل مباشر؛ حيث قتل مدنيان في بلدة كلجبرين التابعة لمدينة أعزاز جراء صواريخ أطلقتها على المنطقة، كما عزز النظام السوري خطوط دفاعه في مدينة أعزاز.
في السياق ذاته، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم عدم وقوع أي قتيل في صفوف القوات التركية المشاركة بعملية «غصن الزيتون» التي انطلقت مساء السبت الماضي. وقال في مؤتمر صحافي مع زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، عقب لقائهما بمقر رئاسة الوزراء في أنقرة، إنّ جندياً واحداً أصيب بجروح طفيفة نتيجة اعتداءات «استفزازية» تعرضت لها وحدة تركية متمركزة في ولاية كليس الجنوبية. وأعرب رئيس الوزراء التركي عن امتنانه من الدعم الشعبي والسياسي الواسع لعملية غصن الزيتون، مشيراً إلى أنّ قوات بلاده تسعى لإنهاء العملية خلال فترة قصيرة.
من جانبه قال كليتشدار أوغلو إن أمن الحدود التركية يستحوذ على أهمية بالغة، ويجب إيلاء الاهتمام اللازم لهذه المسألة وأعرب عن أمله في أن تتكلل مهمة القوات المسلحة التركية في عفرين بالنجاح، دون إصابة أي جندي مشارك فيها. وأكد أهمية وحدة الأراضي السورية قائلا «إن قواتنا المسلحة تحارب الإرهابيين من جهة، وتساهم في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية من جهة أخرى».
إلى ذلك قالت مصادر محلية لوكالة أنباء الأناضول التركية، إن الوحدات الكردية أطلقت سراح عناصر تنظيم داعش الإرهابي المحتجزين لديها في عفرين للاشتراك في القتال ضد الجيش التركي والجيش السوري الحر. وأضافت المصادر أن وحدات حماية الشعب الكردية توصلت إلى اتفاق مع إرهابيي داعش الأسرى لديها لاستخدامهم في قتال الجيش التركي والجيش السوري الحر في إطار عملية غصن الزيتون.
في السياق، قتل مدني وأصيب اثنان إثر استهداف الوحدات الكردية قضاء كريك خان في ولاية هطاي بقذائف الهاون، حيث سقطت قذيفة في منطقة قلعة تبه، المحاذية للحدود السورية تسببت بمقتل مدني وإصابة 2 آخرين بجروح. وتعرض قضاء ريحانلي (الريحانية) بولاية هطاي أول من أمس الأحد، لـ11 قذيفة صاروخية أطلقتها الوحدات الكردية من الأراضي السورية، ما أسفر عن مقتل لاجئ سوري، وإصابة 46 آخرين بجروح بينهم 16 سورياً.
لا تعهد لروسيا
إلى ذلك قالت مصادر في وزارة الخارجية التركية إن أنقرة لم تتعهد لروسيا بحصر عملية «غصن الزيتون» التي بدأها الجيش التركي بمدينة عفرين السورية فقط، لافتة إلى أن منبج على خطة العملية التركية.
وفيما يتعلق بمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي قالت المصادر: «أكّدنا مجدداً رفضنا القاطع لمشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي والوحدات الكردية ومن يمتّ إليهما بصلة في المؤتمر».
وبشأن الموعد المحدد لإنهاء عملية عفرين، رد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الدعوات الأميركية لقوات بلاده بتحديد نطاق وزمن العملية العسكرية «غصن الزيتون»، قائلا إنها سوف تنتهي عند تحقيق أهدافها.
وأضاف إردوغان، في كلمة أمس أن «عملية عفرين على غرار عملية درع الفرات، سوف تنتهي عند تحقيق أهدافها»، قائلا: «أميركا تقول إن على عملية غصن الزيتون أن تكون محددة، هل كانت حربكم في أفغانستان محددة؟ هل خرجتم من العراق حتى الآن إنكم هناك حتى من قبل وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا قبل 15 عاما؟».
وأكد الرئيس التركي عدم إمكانية تحديد موعد لنهاية العملية، وقال: «مثل هذه الحرب ليست مسألة رياضيات، لا مصلحة لنا بالبقاء هناك عندما ينتهي العمل، نعلم أننا سننسحب»، مضيفاً: «سوف نحل مسألة عفرين ولن نتراجع أي خطوة». من جانبه أكد رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار خلال زيارة قام بها للقوات التركية في هطاي رفقة قادة القوات المسلحة، أنه ليس هناك توقيت محدد لانتهاء العملية وأنها ستنتهي عندما تحقق أهدافها.
في السياق ذاته، نفى العقيد هيثم عفيسي، نائب رئيس هيئة الأركان في «الجيش الوطني» التابع للحكومة السورية المؤقتة، ما أشيع عن بدء الجيش عملية عسكرية في منبج بالتزامن مع عملية «غصن الزيتون» في عفرين، التي بدأت السبت. وأضاف عفيسي، في تصريح خاص لصحيفة «ديلي صباح» التركية أمس، أن بيان وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، الذي صدر أول من أمس الأحد، وأعلنت من خلاله عن خوض «الجيش الوطني السوري» «العمليات القتالية والالتحام المباشر في ريفي منبج وعفرين»، لم يقصد شن عملية خاصة بمنبج. وإنما قصد أن تحرير منبج من مكملات عملية غصن الزيتون في عفرين، مؤكداً أن عملية منبج «تندرج ضمن المراحل الأربع لعملية غصن الزيتون التي بدأناها بالتنسيق والاشتراك مع الجيش التركي».
إلى ذلك، طمأن نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، رجال الأعمال والمستثمرين في تركيا، عقب انطلاق عملية «غصن الزيتون» العسكرية لتحرير عفرين السورية من الإرهاب وقال أمس: «رسالتي إلى المستثمرين، هو أن تأثير عملية غصن الزيتون سيكون محدوداً جداً على الأسواق وموازنة واقتصاد البلاد».
من ناحية أخرى أفادت وزارة الداخلية التركية، أمس، بأن الشرطة اعتقلت 24 شخصا بتهمة «نشر دعاية إرهابية» على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بالعملية العسكرية في عفرين. وأصدر الادعاء العام في مدينة ديار بكر بجنوب شرقي تركيا أوامر باعتقال 17 شخصا نشروا مواد على الإنترنت «لتحريض مواطنين من أصول كردية وتشجيعهم على الخروج إلى الشوارع».
وأضافت الوكالة أن الشرطة صادرت بندقية ومسدسا وذخيرة في مداهمات متعلقة بالأمر في ديار بكر. وجاءت هذه التحركات بعد أن فرقت الشرطة التركية احتجاجات موالية للأكراد في أنقرة وإسطنبول، أول من أمس الأحد، واعتقلت ما لا يقل عن 12 شخصا.



غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)

حض المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قادة الجماعة الحوثية على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً تصميمه على حماية التقدم المحرز في خريطة الطريق اليمنية التي تجمدت بعد تصعيد الجماعة البحري منذ نهاية 2023.

وجاءت تصريحات المبعوث غروندبرغ، الخميس، عقب اختتام زيارة إلى صنعاء هي الأولى له منذ منتصف 2023، وسط آمال أممية بأن تقود مساعيه إلى التوصل إلى إحلال السلام وطي صفحة الصراع المستمر منذ انقلاب الجماعة الحوثية على التوافق الوطني في سبتمبر (أيلول) 2014.

وقال غروندبرغ في بيان إنه أجرى مناقشات مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين لتجديد المشاركة في العملية السياسية، مع التركيز على معالجة التحديات واستكشاف إمكانيات تعزيز السلام في سياق المنطقة المعقد.

وأكد المبعوث الخاص غروندبرغ خلال اجتماعاتهِ مع قادة الحوثيين على أهمية خفض التصعيد الوطني والإقليمي لتعزيز بيئة مواتية للحوار. وحث -بحسب البيان- على ضرورة الاتفاق على إجراءات ملموسة لدفع الحوار إلى الأمام بعملية سياسية لتحقيق السلام والاستقرار المستدامين في جميع أنحاء اليمن.

المبعوث الأممي إلى اليمن بعد وصوله إلى صنعاء يستعد لاستقلال السيارة (رويترز)

كما سلطت المناقشات الضوء على أهمية اتخاذ تدابير لمعالجة التحديات الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية، وفي الوقت نفسه تعزيز الاستعدادات لوقف إطلاق النار، وهي مكونات أساسية لخريطة الطريق والتوصل إلى حل سياسي يلبي تطلعات اليمنيين.

وقال غروندبرغ: «أنا مصمِّم على حماية التقدم المحرز حتى الآن على خريطة الطريق والتركيز على آفاق السلام في اليمن».

وأوضح البيان أن المناقشات حول ملف المعتقلين المرتبطين بالصراع استندت إلى التقدم المحرز خلال المفاوضات التي عقدت في سلطنة عُمان في يوليو (تموز) 2024، حيث أكد المبعوث الخاص أن الملف حيوي لبناء الثقة بين الأطراف والمضي قدماً في تنفيذ الالتزامات السابقة.

وشدد على أهمية إعطاء الأولوية لهذه القضية الإنسانية كخطوة نحو تعزيز الثقة التي يمكن أن تساعد في تمكين اتفاقات أوسع نطاقاً وتظهر الالتزام بجهود السلام.

حماية المجتمع المدني

أفاد البيان الصادر عن مكتب غروندبرغ بأنه استهل زيارته إلى صنعاء بزيارة منزل عائلة أحد الموظفين في مكتبه كان الحوثيون اعتقلوه تعسفياً في يونيو (حزيران) 2024.

وأعرب المبعوث عن خالص تعاطفه ومواساته لما تكبدته عائلة الموظف في هذه الفترة العصيبة، عارضاً دعمه لهم. وأطلع غروندبرغ العائلة -بحسب البيان- على جهود الأمم المتحدة لإطلاق سراح جميع الموظفين المعتقلين تعسفياً. كما أعرب عن تضامنه مع عائلات المعتقلين الآخرين، مدركاً لمعاناتهم المشتركة والحاجة الملحة للإفراج عن أحبائهم.

سيارة أممية ضمن موكب المبعوث الأممي غروندبرغ في صنعاء (إ.ب.أ)

وفي جميع مناقشاته، أكد غروندبرغ أنه حث الحوثيين بشدة على إطلاق سراح الأفراد المعتقلين من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية فوراً ودون قيد أو شرط. وأكد أن الاعتقالات التعسفية غير مقبولة وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

وشدد غروندبرغ بالقول «يتعين علينا حماية دور المجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني. فهم يقدمون مساهمات حيوية لتحقيق السلام وإعادة بناء اليمن».

وقبل زيارة صنعاء كان المبعوث اختتم نقاشات في مسقط مع مسؤولين عمانيين، ومع محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

أجندة الزيارة

في بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحمّل مجلس القيادة الرئاسي اليمني الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».