تقرير: الجزائر ترفض استقبال محققين أمميين بشأن التعذيب

TT

تقرير: الجزائر ترفض استقبال محققين أمميين بشأن التعذيب

أفاد المنظمة الحقوقية العالمية «هيومن رايتس ووتش» لها بأن الجزائر رفضت خلال عام 2017، استقبال فرق من «المفوضية السامية لحقوق الإنسان»، تشتغل على قضايا التعذيب في سياق محاربة الإرهاب. وتقول الحكومة الجزائرية إن سجونها خالية من التعذيب، حتى في فترة الصراع مع المتطرفين، في تسعينيات القرن الماضي.
وذكرت المنظمة في تقرير حديث لها، عن أوضاع ممارسة الحقوق والحريات بالجزائر، أن سلطات البلاد «واصلت خلال عام 2017 عدم امتثالها لطلبات زيارات قُطرية في إطار الإجراءات الخاصة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بما في ذلك المقررون الخاصون المعنيون بالتعذيب، وحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، وحالات الإعدام خارج القضاء والإعدام بإجراءات موجزة والإعدام التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي».
وتقول «جمعيات المفقودين» في الجزائر، إن نحو 20 ألفا اعتقلتهم قوات الأمن بداية التسعينيات بسبب انتمائهم إلى «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وأن عائلاتهم لم يسمح لها بزيارتهم. وتتهم السلطات بقتلهم تحت التعذيب. وأصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قانونا عام 2006، سمي «قانون السلم والمصالحة الوطنية» يحمي أفراد الأمن، من الملاحقة فيما تعلق بانتهاكات الأجهزة الأمنية خلال مرحلة الحرب ضد الإرهاب. يشار إلى أن «جبهة الإنقاذ» حملت السلاح ضد السلطات، على إثر تدخل الجيش مطلع 1992 لإلغاء نتائج انتخابات البرلمان التي اكتسحتها.
وأشار التقرير إلى أنه في أبريل (نيسان) 2017 «أصدر المقرر (الأممي) الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، تقريره عن زيارته للجزائر لعام 2016. وبينما أثنى التقرير على الحكومة في تحسين المؤشرات الصحية الأساسية، لاحظ أيضا انتشار حالات عدم المساواة والتمييز ضد فئات سكانية معينة، مثل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، ومتعاطي المخدرات، والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال والمهاجرين واللاجئين. ودعا إلى إلغاء تجريم المثلية الجنسية والعمل الجنسي. وتبدي الجزائر حرجا كبيرا في التعاطي مع قضايا المثليين، وحتى التنظيمات الحقوقية المحلية لا تخوض فيها.
وأوضح التقرير الحقوقي، بهذا الخصوص، أن قانون العقوبات الجزائري يجرَم العلاقات الجنسية المثلية بعقوبة سجن من شهرين إلى سنتين. وقال إنه في عام 2015، اعتقل عدة أشخاص بسبب العلاقات المثلية، لكن لم تتم محاكمة أي أحد. ونقل عن «ناشطين خلال انتخابات الرئاسة 2014»، أن الخطابات المناهضة للمثليين من السياسيين ووسائل الإعلام، أدَت إلى زيادة المضايقات والعنف، مما دفع العديد من قادة مجتمع المثليين إلى الفرار من البلد.
وفي مجال حرية التجمع، ذكر التقرير أن السلطات الجزائرية «تنتهك بشكل روتيني الحق في حرية التجمع، رغم الضمانات الدستورية التي تكفل هذا الحق. إذ يعاقب قانون العقوبات تنظيم مظاهرة غير مرخص لها في مكان عام، أو المشاركة فيها بالسجن لمدة تصل إلى سنة واحدة. وكانت السلطات قد حظرت المظاهرات العامة في العاصمة الجزائرية، إلى أجل غير مسمى في 2001 عندما كانت البلاد تعيش حالة طوارئ. لم تُلغ السلطات الحظر عندما رُفعت حالة الطوارئ في 2011.
ولاحظ التقرير أن «الحظر على المظاهرات في الجزائر العاصمة، يتم تطبيقه بشكل صارم من قبل السلطات التي تحشد أعداداً كبيرة من رجال الشرطة لمنع المظاهرات، واعتقال المشاركين، وتحتجزهم عادة لعدة ساعات قبل الإفراج عنهم». ومنعت قوات الأمن في اليومين الماضيين، مسيرة لمتقاعدي الجيش كانوا قادمين من مدن شرق البلاد. وضرب الأمن حصارا على العاصمة، حيث كانوا يعتزمون التظاهر. وتم الأسبوع الماضي، منع الأطباء من السير في شوارع العاصمة للاحتجاج على ظروف العمل السيئة، وعلى غياب وسائل العمل بالمستشفيات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.