تركيا تطلق عملية «غصن الزيتون» العسكرية في عفرين

أعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش التركي انطلاق عملية عسكرية باسم «غصن الزيتون» في عفرين شمال سوريا، ودخلت عناصر من فصائل الجيش السوري الحر الموالية لتركيا إلى عفرين. واستدعت الخارجية التركية سفراء كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وأبلغتهم بانطلاق العملية، فيما جرت اتصالات بين وزيري الخارجية التركي والأميركي ورئيس الأركان التركي ونظيريه الروسي والأميركي حول العملية.
وقالت رئاسة أركان الجيش التركي في بيان أمس، إن العملية العسكرية في عفرين انطلقت اعتباراً من الساعة الخامسة (14:00 ت. غ) تحت اسم «عملية غصن الزيتون». وأضاف البيان أن العملية تهدف إلى «إرساء الأمن والاستقرار على حدودنا، وفي المنطقة، والقضاء على (إرهابيي) كل من حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية وداعش في مدينة عفرين، وإنقاذ شعب المنطقة من قمع وظلم الإرهابيين».
وتابع البيان أن العملية «تجري في إطار حقوق بلادنا النابعة من القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب، وحق الدفاع عن النفس المشار إليه في المادة 51 من اتفاقية الأمم المتحدة، مع احترام وحدة الأراضي السورية».
وشددت رئاسة الأركان على أن العملية «تستهدف الإرهابيين فقط، ويجري اتخاذ كل التدابير اللازمة للحيلولة دون إلحاق أضرار بالمدنيين». وقصفت قاذفات تركية نقاط مراقبة وكثيراً من الأهداف العسكرية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في مناطق تابعة لناحية جنديرس، وهي جلمة والحميدية وحاجلار وفريرية وتل سلور.
وذكر بيان لرئاسة هيئة الأركان التركية أنه تم تدمير 108 أهداف بين 113 هدفاً خططت لتدميرها، كما تم قصف مطار منغ العسكري، وتم نقل كثير من المصابين إلى النقاط الطبية التابعة للقوات التركية، وقالت مصادر طبية إن جميعهم من عناصر الميليشيات الكردية.
وشهدت قاعدة إنجرليك الجوية في أضنة، جنوب تركيا، حركة للطائرات الحربية بعد بدء عملية «غصن الزيتون» وشوهد هبوط 3 مقاتلات في القاعدة بعد بدء قصف مقاتلات سلاح الجو التركي لمواقع التنظيم الإرهابي وانتقلت المقاتلات إلى حظيرة الطائرات في القاعدة.
وبدأت عناصر من فصائل الجيش السوري الحر الموالية لتركيا دخول المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في مدينة عفرين بمحافظة حلب.
وتحركت مدرعات تركية وعناصر من الجيش السوري الحر، متقدمة نحو حدود ولايتي كليس وهطاي التركيتين (جنوب)، باتجاه مناطق في عفرين، عقب استهداف سلاح المدفعية التابع للقوات المسلحة التركية أهدافاً بداخلها ظهر أمس. وبحسب مصادر إعلامية، لم تتعرض وحدات الجيش السوري الحر لأي مقاومة من قبل وحدات حماية الشعب الكردية. واستدعت وزارة الخارجية التركية سفيري روسيا وإيران والقائم بأعمال السفير الأميركي في أنقرة وأطلعتهم على العملية العسكرية. كما تلقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس، اتصالاً هاتفياً من نظيره الأميركي ريكس تيلرسون حول عملية عفرين.
وقال جاويش أوغلو إنه تم تسليم النظام السوري مذكرة خطية بشأن العملية العسكرية كما تم إبلاغ الأمم المتحدة.
وفى الوقت نفسه، قالت مصادر إعلامية تركية إن اتصالات جرت بين رئيس الأركان التركي ونظيريه الروسي والأميركي فاليري غيراسيموف وجوزيف دانفورد عقب انطلاق العملية العسكرية.
وأعلنت الحكومة التركية على لسان المتحدث الرسمي باسمها نائب رئيس الوزراء بكير بوزداغ، أن العملية لا تستهدف وحدة الأراضي السورية أو سيادة سوريا، وأنها اتخذت جميع التدابير حتى لا تتعرض أرواح المدنيين أو ممتلكاتهم للخطر. وقال بوزداغ إن عملية «غصن الزيتون» لا تستهدف الأكراد أو التركمان أو العرب في المنطقة، وإنما تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي و«داعش».
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن الهدف من عملية «عفرين» هو القضاء على الظلم الذي يمارسه «هؤلاء السفلة» (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية) في المنطقة، «وإنهاء هجماتهم من عفرين تجاه منطقة درع الفرات وأراضينا». وقال في خطاب أمام المؤتمر العام لفرع حزب «العدالة والتنمية» (الحاكم) في ولاية زونجولداك، شمال البلاد، أمس على الهواء مباشرة: «يجري هذه الأيام التخطيط لمكائد جديدة على حدودنا الجنوبية، هناك بلدان يفترض أن تكون حليفة لنا (في إشارة إلى أميركا)، تغرقنا بالوعود باستمرار من جهة، وتقوم من جهة أخرى بتثبيت مواطئ قدم للميليشيات الكردية و(داعش) في المنطقة».
وأضاف: «الإرهابيون يقولون إن تركيا تنفذ عملية ضد الأكراد، هذا محض كذب... هناك 350 ألف شخص من أشقائنا الأكراد لجأوا إلى تركيا هاربين من ضغوط العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا». وأشار إلى أن «ضمان سلامة وممتلكات المواطنين في الولايات الجنوبية الحدودية» من أهم أهداف عملية «غصن الزيتون» أيضاً. وأكد مواصلة تركيا محاربة الإرهاب وقيامها بما يلزم بخصوص ذلك.
وفي وقت سابق، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن العملية العسكرية «بدأت بالفعل على الأرض»، وأنها ستمتد إلى منبج بعد عفرين، وأن «الحرب على الإرهاب» ستستمر حتى حدود العراق.
وقال إردوغان، في خطاب بمدينة كوتاهيا السبت، إن «عملية عفرين بدأت عملياً على الأرض، ومنبج ستكون التالية»، مضيفاً: «سنطهّر دنس الإرهاب الذي يحاول تطويق بلادنا حتى حدود العراق».
واستنكر ضمنياً المطالبات الأميركية لبلاده بالعدول عن خططها بشأن عفرين، قائلاً: «ما دام لم يتم حتى الآن الوفاء بالوعود التي قطعت لنا بشأن منبج، فلا أحد يستطيع إبلاغنا بما ينبغي علينا فعله بهذا الخصوص».
وسبق أن تعهدت الولايات المتحدة العام الماضي بإخراج عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من منبج إلى شرق الفرات، لكنها لم تفِ بتعهداتها.
وهاجم إردوغان واشنطن بسبب دعمها لما سماه «التنظيمات الإرهابية» في سوريا بالتدريب والسلاح تحت لافتات مختلفة، مشيراً إلى أن «الذين يخططون للعبة في سوريا من خلال تغيير اسم التنظيم يعتقدون أنهم يتمتعون بالدهاء. أقول لهم إن الاسم الحقيقي لذلك التنظيم هو العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية».
وشدد إردوغان على تمسك بلاده بوحدة أراضي سوريا والمطالب الديمقراطية لشعبها، واصفاً رئيس النظام السوري بشار الأسد بـ«المحتل»، وقال: «لا نتبنى أدنى توجه سلبي إزاء وحدة الأراضي السورية ومستقبلها المستقل والمزدهر والمطالب الديمقراطية لشعبها». وتابع: «أتعلمون من هو المحتل في سوريا؟ إنه كل من يقتل الشعب السوري بجميع فئاته بمن فيهم الأطفال. وهل هناك محتل أكبر ممن قتل قرابة مليون شخص (في إشارة إلى الأسد)». وأكد إردوغان أن حكومته تعلم جيداً أن تركيا لن تكون في أمان ما دامت سوريا غير آمنة.
وكشفت تقارير صحافية تركية، نقلاً عن مصادر عسكرية، تفاصيل العملية العسكرية التركية في عفرين وقائد العملية، وقالت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة، إن العملية يقودها قائد الجيش الثاني الفريق إسماعيل متين تمل، الذي كان له دور بارز خلال عملية «درع الفرات». وأشارت إلى أن العملية يشارك فيها لواءان من القوات الخاصة، وستكون «عملية محاصرة» مدعومة بغطاء جوي، على خلاف عملية درع الفرات التي كانت «عملية تطهير». وذلك لاختلاف الشروط الجغرافية وطبيعة الأرض في أماكن تنفيذ العمليتين.
ومن المخطط أن تتم محاصرة عفرين غرباً من هطاي وشمالاً من كليس، وشرقاً من أعزاز، ومن الجنوب ستتم محاصرتها من تل رفعت وإدلب. وتم تعيين متين تمل قائداً للجيش الثاني عقب اعتقال قائد الجيش الثاني السابق آدم حدودي الذي شارك في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016.
في غضون ذلك، واصلت المدفعية التركية، أمس، قصفها مواقع الوحدات الكردية في عفرين من مواقعها على الشريط الحدودي بين ولايتي كليس وهطاي الجنوبيتين، وسمع دوي الانفجارات من بعض القرى التركية الواقعة على الحدود السورية. ووصلت تعزيزات عسكرية جديدة، أمس، إلى ولاية هطاي مرسلة إلى الوحدات العسكرية على الحدود مع سوريا، ضمت مركبات وآليات عسكرية، استقدمت إلى هطاي من وحدات عسكرية مختلفة.
وأضيفت هذه التعزيزات إلى تعزيزات أرسلت أول من أمس إلى الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا في ولاية كليس ضمت 20 شاحنة، محملة بعربات نقل جنود مدرعة، وعربات عسكرية، استقدمت من وحدات عسكرية مختلفة، في ظل تدابير أمنية مشددة.
وأقيمت تحصينات جديدة حول المخافر الحدودية التركية في هطاي، المقابلة لعفرين. ووصلت وحدات من الجيش السوري الحر، العاملة في مدينتي الباب والراعي ضمن نطاق عملية درع الفرات، شمال سوريا، إلى ولاية هطاي جنوب تركيا، في 20 حافلة جاءت عبر ولاية كليس لتنضم إلى القوات التركية. كما نشرت القوات التركية منظومة كورال التي تعمل على التشويش على تشويش الرادارات على الحدود مع سوريا قبالة مدينة عفرين.
وبحسب مصادر تركية، أدى نشر منظومة كورال إلى وقف تحليق الطائرات الأميركية والروسية ليلاً بسبب قدرتها على التشويش على الطائرات الحربية وعلى منظومات الدفاع الجوي، بما فيها منظومة إس - 400 الروسية، إضافة إلى التشويش على حركة الصواريخ.
وذكرت المصادر أن تركيا قامت أول من أمس، بتفعيل أنظمة الدفاع الجوي التابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، التي استقدمت من إيطاليا في 2016، والمتمركزة في ولاية كهرمان ماراش جنوب البلاد، حيث وضعت على أهبة الاستعداد للتصدي للهجمات المحتملة من الأراضي السورية باتجاه تركيا.
ووصل نائب قائد عمليات القوات المسلحة الإيطالية، نيكولا لانزا دي كريستوفوريس، إلى كهرمان ماراش، الخميس الماضي، وأجرى جولة تفقدية في المكان الذي تتمركز فيه الأنظمة.
على صعيد آخر، تمكنت تركيا بالتنسيق مع روسيا من إخراج 700 مريض ومصاب من غوطة دمشق المحاصرة منذ 5 سنوات من قبل النظام السوري إلى مستشفيات دمشق اعتباراً من الثلاثاء الماضي، بحسب مصادر في رئاسة الجمهورية التركية.
ويعيش نحو 400 ألف مدني بالغوطة الشرقية في ظروف إنسانية مأساوية، جراء حصار قوات النظام السوري، للمنطقة والقصف المتواصل عليها.