زارت المستشار الألمانية أنجيلا ميركل العاصمة الفرنسية وسط أجواء من «القلق» في ألمانيا على مصير اتفاق التحالف الكبير الجديد بين المحافظين والاشتراكيين، وأجواء من «التفاؤل» في فرنسا بالعلاقة مع الموضوع نفسه. وجاءت الزيارة قبل وقت قصير جداً من انعقاد مؤتمر الحزب الاشتراكي، الذي ينظر في قبول أو رفض برنامج التحالف بين الحزبين الألمانيين الكبيرين، وقبل وقت قصير من الاحتفال بالذكرى الخمسين لتوقيع اتفاقية الإليزيه بين الطرفين قبل 55 سنة في 22 يناير (كانون الثاني) 1963.
وكان ميثاق الإليزيه أساس الصداقة الجديدة، ما بعد الحرب العالمية الثانية، التي أطلقها الرئيس الفرنسي شارل ديغول والمستشار الألماني الأول كونراد أديناور سنة 1963. وصرح وزير الخارجية الألماني سيغمار غابريال لوكالة الصحافة الفرنسية بمناسبة ذكرى الاتفاقية، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون يمثل «فرصة تاريخية» لدفع المشروع الأوروبي قدماً. وقال وزير الخارجية الاشتراكي الديمقراطي في تصريح خطي بمناسبة توقيع هذه المعاهدة الألمانية الفرنسية في 1963: «علينا أن ننتهز الفرصة التاريخية السانحة الآن بوجود هذا الأوروبي المؤمن بالتكامل إيمانويل ماكرون».
وتعول المستشارة الألمانية ميركل على خصمها الاشتراكي مارتن شولتز في حث أكثرية أعضاء المؤتمر الاشتراكي (600 موفد) على قبول وثيقة التحالف بين الطرفين. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تفاؤله بأن ينال نص الاتفاق ثقة الموفدين الاشتراكيين، واعتبر إقراره وتشكيل حكومة تحالف عريض في ألمانيا، مكسباً لفرنسا وأوروبا.
ويعرف ماكرون أن الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، رغم خلافاته الكبيرة مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي، يقف في السياسة الأوروبية إلى جانب أنجيلا ميركل تماماً.
ويعرف مايسترو الدبلوماسية الفرنسية أيضاً أن إقرار نص التحالف الكبير الألماني قد لا يمر على المؤتمر، وأن مؤتمر الحزب الاشتراكي قد يقرر تكرار جولات المفاوضات مع المسيحيين حول النص برغبة التوصل إلى اتفاقات محسنة يمكن أن تحظى بموافقة قواعد الحزب الاشتراكي. وسبق للرئيس الفرنسي ماكرون في سبتمبر (أيلول) الماضي أن تحدث عن رغبته في نسخة جديدة من اتفاقية الإليزيه، وكان ذلك قبل أسبوعين فقط من الانتخابات الألمانية التي وضعت المستشارة أنجيلا ميركل أمام مفترق طرق. وقال ماكرون في كلمته أمام المنبر الأوروبي في جامعة السوربون في نهاية سبتمبر: «دعونا يوم 22 يناير نضع نص اتفاقية إليزيه جديدة».
وعند استقباله رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتولوني، قال ماكرون إنه سعيد بالنجاح الذي تحققه المستشارة الألمانية على صعيد تشكيل الحكومة الجديدة. وأضاف أن هذا الإنجاز يصب في مصلحة أوروبا، وفي مصلحة فرنسا على وجه الخصوص، التي تنتظر بفارغ صبر أن تنجح ميركل في مساعيها.
في هذه الأثناء يبدو مستقبل التحالف الكبير مقلقاً بسبب الخلاف داخل الحزب الديمقراطي الاشتراكي. إذ رفض مؤتمرا الحزب في ولاية سكسونيا السفلى وفي برلين نص الاتفاقية، وإن بأغلبية ضئيلة. وتقف منظمة الشبيبة الاشتراكية، ويقف الجناح اليساري في الحزب ضدها أيضاً، ويبذل رئيس الحزب جهداً استثنائياً لإقناع أعضاء المؤتمر (يوم الأحد في بون) بقبول الاتفاقية.
ويعول مارتن شولتز، في الحصول على الأغلبية الكافية، على وفد ولاية الراين الشمالي (نحو 20 مليون نسمة) التي سترسل أكبر وفد إلى المؤتمر. ويظهر من استطلاعات الرأي الأخيرة أن الكفة تميل في هذه الولاية إلى قبول وثيقة التحالف الكبير، ولكن بأقلية ضئيلة.
في هذه الأثناء، تحاول المستشارة الألمانية أن تجعل أوروبا قلب نص الاتفاق الحكومي المقبل مع الاشتراكيين. ويقال إن أوروبا احتلت جزءاً كبيراً من نص الوثيقة المؤلف من 28 صفحة. وواضح أن التركيز على أوروبا، ودفع نقاط الخلاف الأخرى إلى الخلف، يعني زيادة نقاط الاتفاق على نقاط الخلاف بين المسيحيين والاشتراكيين، خصوصاً أن الاتفاق ينص على أن «أوروبا قوية وموحدة ضمانة للاستقرار والديمقراطية والرفاهية في ألمانيا». وطبيعي لا يحتاج ماكرون وميركل ما احتاجه ديغول وأديناور من وقت وجهد كي يجددا عقد الإليزيه. إذ إنه من المعروف أن ديغول وأديناور التقيا 15 مرة خلال 4 سنوات، قضيا 1000 ساعة في النقاش حول نص الاتفاقية، وتبادلا 40 رسالة.
وسيجتمع وفدان من الطرفين غداً لبحث موضوع «الديناميكية الجديدة» لأوروبا، التي تحدث عنها ماكرون في إحدى خطبه. وهي ديناميكية تعتمد، بحسب تصور الرئيس الفرنسي، على المحور الفرنسي - الألماني لتطوير اتفاقيات الاتحاد الأوروبية وتعزيزها وإصلاحها.
وسيحضر فرنسوا روغي، رئيس المجلس الوطني الفرنسي، جلسة البرلمان الألماني ويلقي كلمة بالمناسبة. وبعدها يسافر رئيس البرلمان الألماني فولفغانغ شويبله إلى باريس برفقة وفد برلماني يضم ممثلي كل الأحزاب البرلمانية الديمقراطية عدا ممثل عن حزب البديل لألمانيا الشعبوي. ويتوقع المحللون السياسيون، في حالة عدم إقرار وثيقة التحالف الكبير من قبل مؤتمر الاشتراكيين، أن يتأجل موضوع إصلاح الاتحاد الأوروبي إلى أجل غير مسمى. ويقال إن ميركل طلبت من ماكرون أن يتحلى بالصبر حتى ذلك الحين.
7:57 دقيقة
ماكرون يريد «اتفاق إليزيه» جديداً بعد 55 سنة على توقيعه
https://aawsat.com/home/article/1149961/%D9%85%D8%A7%D9%83%D8%B1%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%C2%AB%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D9%87%C2%BB-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%8B-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-55-%D8%B3%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%B9%D9%87
ماكرون يريد «اتفاق إليزيه» جديداً بعد 55 سنة على توقيعه
الميثاق يعتبر أساس الصداقة بين باريس وبرلين
- كولون: ماجد الخطيب
- كولون: ماجد الخطيب
ماكرون يريد «اتفاق إليزيه» جديداً بعد 55 سنة على توقيعه
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة