مرسوم الأقدميّة ينقل صراع عون وبري إلى حلبة القضاء

TT

مرسوم الأقدميّة ينقل صراع عون وبري إلى حلبة القضاء

تتسع مساحة الخلاف في لبنان بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على خلفية إصدار مرسوم يعطي الأقدمية سنة لضباط في الجيش اللبناني تخرّجوا في عام 1994، من دون أن يحمل هذا المرسوم توقيع وزير المال علي حسن خليل، وهو أبرز وزراء حركة «أمل» في الحكومة. ووصل الخلاف إلى أروقة القضاء وتحوّل حلبة للصراعات السياسية، خصوصاً بعد الرأي الذي قدّمته هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، وجزمت فيه بقانونية المرسوم المشار إليه، من دون الحاجة إلى توقيع وزير المال، ما جعل السلطة القضائية طرفاً بما يحصل، وفق مقربين من رئيس البرلمان، باعتبار أن الهيئة القضائية «أقحمت نفسها في نزاع دستوري، ليس من اختصاصها النظر فيه».
ومع تحوّل المرسوم إلى أزمة بالغة التعقيد، يتمسّك الرئيس ميشال عون بمبدأ لجوء المتضررين من المرسوم إلى مجلس شورى الدولة، والطعن به، في حين يؤكد بري أنه ليس ضعيفاً إلى حدّ اللجوء إلى قضاء يخضع لسلطة وزير العدل المنتمي إلى فريق عون الوزاري. وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «القضاء ليس جزءاً من الخلافات السياسية، وهو غير معني بالسجالات القائمة بين الأطراف»، مشيراً إلى أن «الهيئات القضائية والمحاكم تصدر قراراتها وأحكامها بعيداً عن أي تأثير سياسي».
ولا يزال كلّ طرف متمسكاً بطروحاته، المرتكزة إلى نصوص القانونية ودستورية، سرعان ما يستشهد الطرف الآخر بنصوص مناقضة لها، حيث قالت مصادر القصر الجمهوري لـ«الشرق الأوسط»» إن الرئيس عون «لجأ إلى القضاء لأن القانون يقول إنه عندما يقع خلاف حول مرسوم تنظيمي يلجأ المتضررون إلى مجلس شورى الدولة للبت في النزاع». وأوضحت أنه «عندما طلب الرئيس عون استشارة من هيئة التشريع والاستشارات، كان يريد تفسيراً للقانون وليس تفسير الدستور، وكان جوابها أن المرسوم (الأقدمية) قانوني»، مشيرة إلى أن الهيئة «استندت بذلك إلى حكم لمجلس شورى الدولة، أصدره قضاة من جهابذة القانون». وذكّرت بأن «مراسيم مماثلة صدرت في عهد الرئيس عون ولم تحمل تواقيع وزير المال، ولم يعترض عليها أحد، منها إعطاء الأقدمية أربعة أشهر للأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى (اللواء سعد الله حمد) حتى يتمكن مجلس الوزراء من ترقيته وتعيينه بهذا المنصب، كما صدر مرسوم بإعطاء أقدمية للضباط الذين شاركوا في معركة (فجر الجرود)، ولم يعترض يومها وزير المال».
وعلى قاعدة القبول بالشيء ونقيضه، ذكّرت مصادر قصر بعبدا بأنه «عندما حصل لغط حول إمكانية إجراء الانتخابات النيابية من دون اعتماد البطاقة الممغنطة والـ(ميغا سنتر)، دون الحاجة إلى تعديل في قانون الانتخابات، طلب الرئيس نبيه بري استشارة قانونية من هيئة التشريع والاستشارات، لأخذ رأيها، بما لا يعرّض الانتخابات للطعن». وسألت: «لماذا يثق رئيس المجلس بالقضاء هنا، ولا يثق به عندما يعطي رأياً مخالفاً لرغبته؟».
لكنّ مصادر مقرّبة من رئيس البرلمان أوضحت أن بري «طلب من هيئة التشريع استشارة تتعلّق بمادة قانونية في قانون الانتخابات، بخلاف الآخرين الذي طلبوا منها تفسيراً للمادة 54 من الدستور». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «الفرق كبير فيما طلبه رئيس المجلس وما طلبته رئاسة الجمهورية من هيئة التشريع والاستشارات»، معتبرة أنه «عند وضوح النص يبطل الاجتهاد». وجددت تأكيدها أن «وزارة العدل منتمية، وهذا ما تأكد بطلب وزير العدل (سليم جريصاتي) من هيئة التشريع تفسير مادة دستورية ليس من اختصاصها، وهذا الطلب بحدّ ذاته مخالفة كبرى». وأكدت أن «القضاة الذين أعطوا رأيهم بذلك منتمون أيضاً». وشددت على أن «جوهر الأزمة يكمن في مخالفة الدستور فقط».
ويحدد القانون اللبناني مهام هيئة التشريع والاستشارات بإعداد وصياغة مشروعات القوانين والمراسيم والقرارات التنظيمية، ومشروعات المعاهدات والاتفاقات الدولية التي يطلب منها وضعها، وتقديم اقتراحات إلى وزير العدل بشأن تعديل واستحداث النصوص القانونية وتفسير هذه النصوص، وإبداء الرأي في العقود التي يكون للدولة علاقة بها، وإبداء الرأي في المسائل التي يطرحها وزير العدل.
ومع الإصرار على الاحتكام لرأي القضاء من جهة، والتحفظ على ذلك من جهة أخرى، عبّرت مصادر نيابية متابعة للاستشارات القضائية والإمعان في الترويج لها لـ«الشرق الأوسط»، عن أسفها على «اختباء البعض وراء القضاء واتخاذه وسيلة لفرض قراراته». وسألت: «هل نسي الغيارى على القضاء أنفسهم، عندما طلبوا من مجلس شورى الدولة برئاسة القاضي شكري صادر، رأيه في تعيين موظّف في منصب رفيع، ولمّا أعطى رأيه بعدم الموافقة على هذا الاقتراح بسبب وجود ملف قضائي بحق الموظّف المذكور، أقيل القاضي صادر من منصبه وجرى تعيين قاضٍ آخر مكانه؟». وشددت المصادر النيابية على «ضرورة العودة إلى جذور المشكلة ومعالجتها عبر الاحتكام إلى النصوص الدستورية».



إرهاب الحوثيين يتصدّر نقاشات يمنية - أميركية في الرياض

رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
TT

إرهاب الحوثيين يتصدّر نقاشات يمنية - أميركية في الرياض

رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)

استحوذ إرهاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال اليومين الأخيرين على مجمل النقاشات التي دارت بين قيادات الشرعية والمسؤولين الأميركيين، وسط تطلع رئاسي لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية عالمية وتجفيف مواردها المالية وأسلحتها.

وتأتي المحادثات اليمنية - الأميركية في وقت يتطلع فيه الشارع اليمني إلى اقتراب لحظة الخلاص من الانقلاب الحوثي واستعادة صنعاء وبقية المحافظات المختطفة، بخاصة عقب التطورات الإقليمية المتسارعة التي أدت إلى هزيمة إيران في كل من لبنان وسوريا.

وذكر الإعلام الرسمي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، استقبل في الرياض جيسي ليفنسون، رئيس مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، وسفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وبحث معهما العلاقات الثنائية، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز الشراكة الوثيقة بين الجانبين على مختلف الأصعدة.

وطبقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، تطرق اللقاء إلى التهديدات الإرهابية التي تغذيها الميليشيات الحوثية والتنظيمات المتخادمة معها، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والاعتداءات، وأعمال القرصنة المستمرة على سفن الشحن البحري بدعم من النظام الإيراني.

واستعرض العليمي - وفق الوكالة - جهود الإصلاحات الحكومية في المجال الأمني وأجهزة إنفاذ القانون وسلطات مكافحة الإرهاب وغسل الأموال والجريمة المنظمة، والدعم الدولي المطلوب لتعزيز قدراتها في ردع مختلف التهديدات.

وفي حين أشاد رئيس مجلس الحكم اليمني بالتعاون الوثيق بين بلاده والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، قال إنه يتطلع مع الحكومة إلى مضاعفة الضغوط الدولية على الميليشيات الحوثية، بما في ذلك تصنيفها منظمة إرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها وتسليحها.

تأكيد على دور واشنطن

وشملت اللقاءات الأميركية في الرياض عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الرحمن المحرمي، ونقل الإعلام الرسمي أن الأخير ناقش مع السفير الأميركي، ستيفن فاجن، آخر المستجدات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والعسكرية في اليمن.

وتناول اللقاء - وفق وكالة «سبأ» - التداعيات الاقتصادية والإنسانية في اليمن والمنطقة، في ظل استمرار تصعيد ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر. كما تم بحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين لمكافحة الإرهاب ودعم جهود السلام والاستقرار في المنطقة.

النقاشات اليمنية - الأميركية ركزت على الدعم الأمني لمواجهة الإرهاب (سبأ)

واستعرض اللقاء، حسب الوكالة، الجهود التي يبذلها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن.

وفي هذا السياق، جدد المحرّمي حرص المجلس على تنفيذ الإصلاحات الداخلية ومكافحة الفساد لتحسين الخدمات الأساسية وتلبية احتياجات المواطنين، مؤكداً على أهمية الدور الأميركي والدولي في دعم هذه الجهود.

ونسب الإعلام الرسمي إلى السفير الأميركي أنه «أكد دعم بلاده لجهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة في مواجهة التحديات المختلفة، مشيداً بالجهود المبذولة لتعزيز الاستقرار وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات الراهنة».

دعم المؤسسات الأمنية

وفي لقاء آخر، الاثنين، بحث وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني مع السفير الأميركي ومدير مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، الوضع الأمني في البحر الأحمر والتهديدات الحوثية المستمرة للملاحة الدولية، وبحث التعاون الثنائي لتطوير القدرات الأمنية للمؤسسات اليمنية.

وفي حين أكد الوزير الزنداني التزام الحكومة بمواصلة الجهود الرامية إلى القضاء على الإرهاب والتطرف، شدد على أهمية الشراكة الدولية في هذا المجال.

وزير الخارجية اليمني مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي (سبأ)

إلى ذلك، بحث وزير الداخلية اليمني إبراهيم حيدان مع المسؤولين الأميركيين تعزيز التعاون الأمني في مجال التكنولوجيا وأمن واستخدام المعلومات لمكافحة الإرهاب والتصدي للتحديات الأمنية التي تواجه اليمن والمنطقة.

وحسب ما أورده الإعلام الرسمي، أكد حيدان خلال لقائه السفير فاجن والمسؤول في الخارجية الأميركية ليفنسون على أهمية دعم جهود الحكومة اليمنية لتعزيز الاستقرار ومواجهة التنظيمات الإرهابية والميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني التي تهدد أمن وسلامة اليمن ودول الجوار.

وأشار حيدان إلى الجهود التي تبذلها وزارته في إعادة بناء الأجهزة الأمنية وتطوير الأنظمة الرقمية لتحسين قدراتها العملياتية، رغم التحديات التي تواجهها البلاد في ظل الظروف الراهنة.

وعود أميركية بدعم القوات الأمنية اليمنية في مجال التدريب وبناء القدرات (سبأ)

ونسب الإعلام الرسمي إلى رئيس مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، جيسي ليفنسون، استعداد بلاده لدعم الجهود الأمنية في اليمن من خلال التدريب وتقديم المساعدات التقنية وبناء القدرات.

يشار إلى أن الحوثيين في اليمن يخشون من حدوث إسناد دولي واسع للحكومة الشرعية يؤدي إلى القضاء على انقلابهم واستعادة صنعاء وتأمين الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وكان زعيمهم عبد الملك الحوثي قد طمأن أتباعه بأن الجماعة أقوى من نظام بشار الأسد، ولن يستطيع أحد إسقاطها لجهة ما تملكه من أسلحة إلى جانب ما استطاعت تجنيده من عناصر خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.