العثماني: «العدالة والتنمية» تجاوز المراحل الصعبة

TT

العثماني: «العدالة والتنمية» تجاوز المراحل الصعبة

قال سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي ورئيس الحكومة، إن حزبه استطاع أن يتجاوز المرحلة «الصعبة» و«الأليمة» التي عاشها عقب إعفاء أمينه العام السابق عبد الإله ابن كيران من تشكيل الحكومة، وخيب بذلك ظن من كانوا يراهنون على انقسام الحزب وفشله.
وجاء حديث العثماني، خلال افتتاح الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) أمس، وهي أول دورة تعقد بعد المؤتمر العام للحزب، الذي انتخب العثماني أمينا عاما خلفا لابن كيران، وذلك بعد خلافات حادة نشبت بين قيادييه، وبعد أن نجح التيار الذي عارض «الولاية الثالثة» لابن كيران في إقناع عدد من أعضاء المجلس الوطني بالتصويت ضد التمديد له، ليفوز العثماني بعد ذلك بمنصب الأمين العام بفارق بسيط عن منافسه إدريس الأزمي الإدريسي، الذي انتخب رئيسا للمجلس.
ونوه العثماني أمس بـ«المواقف المشرفة» لابن كيران في الإعداد للمؤتمر وتجاوز عقباته، وأقر بأن الإعداد للمؤتمر «مر في سياق دقيق مطبوع بتوتر إيجابي داخل الحزب، نتيجة التفاوت في التقدير السياسي للمرحلة، لا سيما بعد إعفاء ابن كيران من مهمة تشكيل الحكومة بسبب ما واجهه من عرقلة مفتعلة»، مشددا على أن الحزب استطاع أن يتجاوز تلك المرحلة الصعبة والأليمة بسبب إصرار أعضائه على «النظر إلى المستقبل والحفاظ على مكتسبات الحزب ليبقى موحدا رائدا ومسؤولا».
وقال العثماني إن الذين كانوا يراهنون على ضعف وانقسام الحزب «خاب ظنهم، وخرج الحزب من مؤتمره قويا، وسيبقى موحدا ما دام متمسكا بمرجعيته ووحدة صفه».
وذكر العثماني بأن هناك أربعة ثوابت لا بد للحزب أن يتشبث بها لكي يبقى أداة للإصلاح، وعلى رأسها التشبث بـ«المرجعية الدينية والتاريخية والوطنية لبلدنا وبمؤسساته، وعلى رأسها الملكية الدستورية وإمارة المؤمنين»، مشددا على أن هذا العنصر «خط ثابت مستقر وأساسي، ولا يمكن أن نتساهل فيه». فيما تتمثل الثوابت الأخرى، برأيه، في «التمسك بالإصلاح السياسي والجمع بين الإرادة الحزبية وإكراهات الواقع، وتمسك أعضاء الحزب بقيمه، وبالإخلاص والعطاء، ثم وحدة الحزب».
وحضر ابن كيران في افتتاح دورة المجلس أمس، بعد أن توارى عن الأنظار منذ المؤتمر العام للحزب، الذي رفض خلاله أن يصبح رئيسا للمجلس الوطني للحزب، وفضل الانسحاب من جميع هياكل الحزب، الأمر الذي أكده أمس عندما طلب منه الصحافيون الإدلاء بتصريح، حيث قال إن «هناك قيادة جديدة هي التي تصرح الآن فاذهبوا إليها. مهمتي على رأس (العدالة والتنمية) انتهت مع المؤتمر». كما أوضح أيضا أنه حضر «كعضو عادي لأساهم مع الإخوان في مجلسهم»، متمنيا أن تمر أشغال المجلس بشكل جيد، و«يتحدث الإخوان بوضوح وصراحة وود، حتى يمضي الحزب بشكل أفضل نحو المستقبل».
ويرى مراقبون أن «العدالة والتنمية» دخل مرحلة جديدة في عهد العثماني، وأن الحزب فقد كثيرا من شعبيته، وأنه سيؤدي ثمن هذا التحول خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، على الرغم من أن أعضاء كثرا في الحزب يحاولون استعادة الزخم الذي عاشه الحزب إبان فترة ابن كيران. وفي هذا الصدد، حث الأزمي رئيس المجلس الوطني، المحسوب على تيار ابن كيران، على الحفاظ على الحزب «كأداة للإصلاح»، إلى جانب من وصفها بـ«القوى الشريفة في البلاد»، وإضفاء مزيد من المصداقية على الحياة السياسية والحزبية، و«استمرار الحزب في الانتصار للإرادة الشعبية»، مشددا على أنه لن يتم كل ذلك إلا بالحفاظ على وحدة الصف الداخلي.
كما نوه الأزمي بالدور الذي لعبه ابن كيران «في إيصال الحزب إلى شاطئ الأمان، وتجاوز المطبات والمراحل الصعبة».
واستكمل المجلس الوطني أمس انتخاب هياكله، حيث انتخب عبد العلي حامي الدين، نائبا لرئيس المجلس، وخالد البوقرعي، وآمنة ماء العينين، وكريمة بوتخيل، أعضاء بمكتبه، ويعد أعضاء المكتب الجدد من أبرز الذين دافعوا عن التمديد لابن كيران، ومن المؤيدين لخطه السياسي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم