صحيفة إيرانية تتحدث عن «صراع حصص» مع روسيا في سوريا

TT

صحيفة إيرانية تتحدث عن «صراع حصص» مع روسيا في سوريا

غداة سحب موقع «تابناك» المقرب من «الحرس الثوري» تقريرا كشف خلافات إيرانية - روسية حول إعادة الإعمار في سوريا، استغلت صحيفة «قانون» الإصلاحية المقربة من الحكومة الإيرانية التقرير لكشف أبعاد جديدة من الخلافات بين موسكو وطهران حول تقاسم حصص ما بعد الحرب السورية.
وقالت الصحيفة تحت عنوان «لا شيء، حصة إيران من سوق الشام» إن الرئيس السوري بشار الأسد أبعد اليد الإيرانية في مرحلة ما بعد «داعش»، لافتة إلى أن عقود إعادة الإعمار تسجل لصالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «رغم تكاليف باهظة الثمن دفعتها إيران». وقالت إن تهنئة الرئيس الإيراني حسن روحاني للأسد بعد إعلان هزيمة «داعش» كانت «ذريعة لإثارة إعادة إعمار سوريا» بعد «مخاوف من ضياع السوق السورية». كما حذرت الصحيفة مما اعتبرته ترقبا صينيا للدخول على خط المنافسة مع إيران والتضييق على الشركات الإيرانية في سوريا. كما حذرت من تكرار سيناريو سوق أفغانستان للإيرانيين في سوريا والعراق.
وكان موقع «تابناك» نشر التقرير أول من أمس قبل سحبه بعد دقائق. وهو ما أثار اهتمام وسائل الإعلام الإيرانية بتناول خلافات طهران وموسكو بشأن تقاسم حصص الحرب. ويتهم التقرير روسيا والنظام السوري بـ«مراوغة» إيران على صعيد الشراكة الاقتصادية.
ليست المرة الأولى التي تتداول فيها وسائل إعلام إيرانية خلافات إيرانية روسية في سوريا. في سبتمبر (أيلول) 2016 أعرب مستشار خامنئي العسكري اللواء رحيم صفوي خلال مقابلة متلفزة عن مخاوف إيرانية من اتفاق روسي - أميركي «لا يأخذ حصة إيران بعين الاعتبار» وقال حينذاك إنه يأمل «ألا تخدع واشنطن موسكو في هذه اللعبة وتحصد أميركا مصالح أكثر وتكون حصة إيران أقل».
في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال قائد الحرس الثوري الأسبق محسن رفيق دوست: «نحن حاضرون في سوريا والعراق وسنتعاون في إعادة الإعمار».
لكن هذه المرة انتقد الموقع التابع لقائد «الحرس الثوري» الأسبق وأمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي قناة «أفق» المتشددة والمقربة من الحرس الثوري كما هاجم هيئة الإذاعة والتلفزيون التي تسيطر عليها أغلبية محافظة معتبرا إياها من الجهات التي تسوق التعامل مع روسيا وتمثل اللوبي المدافع عن المصالح الروسية في إيران وهو ما يشير إلى تباين في «الحرس الثوري» حول المصالح الإيرانية في سوريا.
وفي هذا الإطار، كشف «تابناك» عن «تفاهم بين موسكو ودمشق لإقامة شراكة اقتصادية تقصى بموجبه الشركات الإيرانية من النشاط الاقتصادي خاصة في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا». بحسب الموقع، فإن الائتلاف الاقتصادي الجديد يلزم دمشق بالحصول على موافقة روسية إذا ما أرادت إيران الاستثمار في السوق السورية.
وأهم مآخذ موقع «تابناك» على الشريك الروسي تشير إلى «تخلي روسيا عن إيران ومماطلتها في بيع منظومة إس 300 للصواريخ». وزعم الموقع أن تقريره قائم على معلومات من الحكومة الإيرانية وليس «تكهنات إعلامية» مشيرا إلى قلق بين المسؤولين الإيرانيين.
بعد ساعات من سحب التقرير، أبرزت صحيفة «قانون» المؤيدة لسياسات إدارة روحاني التقرير وهاجمت في العدد الصادر أمس الحليف الروسي في الصراع الداخلي السوري.
وفي إشارة إلى خسائر إيران خلال الحرب السورية، قالت على صفحتها الأولى «يجب ألا نسمح أن تحقق أهداف بشار الأسد وأي طرف يريد إبعاد اليد الإيرانية من فترة إعادة الإعمار وما بعد داعش» وتابعت الصحيفة أن محاولات إيران لحفظ الأسد في السلطة كانت مكلفة على الصعيدين الخسائر في الأرواح واللوجيستي. كما حذرت ضمنا من اللعب في أراضٍ تم اختبارها سابقا في إشارة إلى خلافات روسية إيرانية في سوريا.
تشير الصحيفة إلى أن ما كشف عنه موقع «تابناك» تردده وسائل الإعلام المستقلة (المقربة من الحكومة) منذ سنوات لكنها تتهم بالتودد لأميركا والغرب.
ويرى فريق من المحللين الإيرانيين أن «طهران تعلم تماما أنه لا يمكن أن تعول على روسيا وهي تنظر إليها من موقف الند الشريك وأن ترفع درجة التعامل معها إلى مستوى الندية». وبحسب خبير تحدث لـ«الشرق الأوسط» من طهران «كل الجهات تعلم ذلك وهذا واضح من كلامهم بين الحين والآخر. لكن هناك عدة أسباب تفرض على الإيرانيين مواصلة العمل مع الروس وفق هذا المنهج. وبعض هذه الأسباب فئوي وبعض منها استراتيجي».
ولم تكن المرة الوحيدة التي تتناقل مواقع مقربة من الحرس الثوري تصريحات حول أزمة الثقة بين طهران وموسكو في سوريا وترى إيران «الصراع مع روسيا صراعا وجوديا على البقاء وهي لا تطلب مصالح مادية منه بقدر ما تحاول الحصول على ورقة رابحة في حرب الهيمنة والنفوذ الإقليمي»، وفق الخبير الإيراني الذي رفض الكشف عن هويته.
وتوضيحا للأسباب الاستراتيجية يقول الخبير إن «طهران ترى نفسها في خضم صراع دولي. بالتالي إذا أرادت أن تستمر في اللعبة دون أن يقضى عليها نهائيا، عليها أن تحتمي بطرف من أطراف اللعبة. وروسيا هو ذلك الطرف الذي تحتمي به إيران وتقدم له امتيازات مقابل امتياز واحد فقط من جانب روسيا وهو استخدام حق النقض (فيتو) عند الضرورة وهو امتياز يبدو أن روسيا جاهزة لتقديمه وقد قدمته أكثر من مرة».
وبحسب الخبير، «خلافا لذلك فهي جاهزة لأخذ لقمة العيش من مواطنيها من أجل الحرب في سوريا. ولكنها تعلم أنها لا تستطيع خوض الحرب بالوكالة في سوريا لوحدها. القضية بسيطة هنا. إيران تريد الحرب في سوريا لأسباب ليست اقتصادية. على الأقل الأجهزة الآيديولوجية ترى الأمر من هذا المنطلق. وإنها تعرف أن الوجود الروسي هناك ضرورة لبقائها هناك لذلك فهي جاهزة لتقديم الميزات الاقتصادية في سوريا لروسيا».
وكانت دمشق وطهران وقعتا مذكرات للتعاون الاقتصادي بداية العام الماضي شملت تأسيس شركة للهاتف النقال في سوريا والاستثمار في حقول الفوسفات في ريف حمص، إضافة إلى السيطرة على أراض زراعية وتأسيس ميناء صغير لتصدير النفط في بانياس على البحر المتوسط. لكن دمشق لأسباب مختلفة تريثت في تنفيذ المذكرات وسط أنباء على تسريع التعاون مع روسيا خصوصاً في مجالات الفوسفات والنفط وتوسيع قاعدتي طرطوس وحميميم غرب سوريا.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.