المسيحيون يشكّلون أكثر من نصف المغتربين اللبنانيين المسجلين للانتخابات

يسعى وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل لإعادة فتح باب تسجيل المغتربين الراغبين بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، بعد شهرين من إقفالها، فيما يستغرب خصومه وخبراء انتخابيون الدفع باتجاه تعديل قانون الانتخاب قبل أشهر معدودة من موعد الاستحقاق وبالتالي فتح الباب على تعديلات أخرى تضع بنظرهم الانتخابات في مهب الريح، خاصة أن تأثير الأعداد التي تُسجّل لن يكون كبيرا أو يُحدث تغييرا يقلب موازين القوى.
وقد تسجّل 92.810 مغترب لبناني للمشاركة في الانتخابات خلال المهلة التي حددتها وزارة الخارجية والمغتربين والتي استمرت من مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حتى العشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وفيما وصفت الوزارة هذا العدد بـ«الإنجاز»، اعتبر خبراء أنه «متدن جدا» خاصة أنه ليس كل من تسجله الوزارة قد يكون قادرا على الاقتراع في الأيام والمواقع التي ستحدد بوقت لاحق.
ولم تعمم وزارة الخارجية والمغتربين حتى الساعة جداول تُظهر التوزيع الطائفي والمناطقي للمغتربين الذين سُجلوا للمشاركة بالانتخابات، إلا أن النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» نعمة الله أبي نصر، المتابع عن كثب للملف، كشف عن أن 55 في المائة ممن سُجلوا من المسيحيين و45 في المائة من المسلمين، لافتا إلى أن هذه الأرقام ينقلها عن الوزير باسيل. وقال أبي نصر لـ«الشرق الأوسط»: «كما تشير المعطيات إلى أن عددا كبيرا ممن تسجلوا من الشمال اللبناني»، ودعا الوزارة لنشر الجداول كاملة كي يتسنى للمرشحين البناء عليها في استعداداتهم للانتخابات.
ورجّح أبي نصر في حال إعادة فتح باب التسجيل بأن يتضاعف عدد من سجلوا أسماءهم بوقت سابق، مشيرا إلى أن مهلة 20 يوما قد تكون كافية وإذا كان هناك مخرج قانوني يسمح بذلك دون تأجيل الانتخابات فسيكون ممتازا، وإلا فلتؤجل الانتخابات 15 أو 20 يوما فتجري مثلا في 26 مايو (أيار) بدل 6 مايو في حال شكل ذلك ضمانة لتمثيل المزيد من المغتربين الذين تم إهمالهم في كثير من الأحيان عن قصد منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا.
بالمقابل، تؤكد مصادر في وزارة الخارجية أن إعادة فتح باب التسجيل لا يستدعي إطلاقا تأجيلا للانتخابات، مشددة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «تمسك الوزير باسيل بهذا البند الذي يتعاطى معه بوصفه بندا إصلاحيا يتوجب السير به، كما بإجراء الاستحقاق النيابي في موعده المحدد». وتضيف المصادر: «يتهمون الوزير بالسعي لتأجيل الانتخابات والكل يعلم تماما أن التيار الوطني الحر كان التيار الوحيد الذي تقدم بطعون لأبطال القرارات السابقة لمجلس النواب التي أقرت التمديدين الأول والثاني»، لافتة إلى أن «أي تأجيل لموعد الانتخاب سيسجل نقطة سوداء في سجل العهد، وهو آخر ما قد يسعى إليه الوزير باسيل».
وتكشف المصادر عن أن وزير الخارجية طلب إعادة إدراج بند تمديد مهلة اقتراع المغتربين، الذي تمت إحالته أمس إلى اللجنة الوزارية المختصة، على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، داعية لـ«التصويت عليه فيتحمل من يصوت ضده مسؤوليته أمام المغتربين».
ويلجأ المغتربون الراغبون بالمشاركة بالانتخابات اللبنانية إلى موقع إلكتروني وتطبيق على الهواتف الذكية خصصتهما الوزارة بعدما أقر قانون الانتخاب الجديد حقهم بالاقتراع في البلدان حيث يوجدون، على أن تتم زيادة عدد مقاعد المجلس النيابي 6 مقاعد في عام 2022 تكون مخصصة لهؤلاء المغتربين.
وترجح مراكز الأبحاث أن يكون عدد المغتربين المخول لهم الاقتراع ما بين 600 و700 ألف. وحسب تقديرات «الدولية للمعلومات» يبلغ عدد اللبنانيين المسجلين، أي كل من يحمل جنسيّة لبنانيّة سواء كان مقيماً في لبنان أو في الخارج، حتى نهاية عام 2014 نحو 5.227 نسمة. وفي حين لا تتوفر إحصاءات دقيقة حول عدد اللبنانيين الذين يحملون الجنسيّة اللبنانيّة ويقيمون في لبنان، فإن الدراسات الأخيرة تتوقع أن يكون عدد مواطني لبنان المقيمين 3.9 مليون لبناني، أي ما يشكّل نسبة 74.6 من اللبنانيين، ما يعني أن عدد المغتربين يصل إلى نحو 1.327 مليون نسمة، أي ما يشكّل نسبة 25.4 في المائة من اللبنانيين.
ويؤكد الخبير الانتخابي ربيع الهبر أن تأثير المغتربين في الاستحقاق النيابي المقبل لن يكون كبيرا أو يُحدث تغييرا جذريا، مستبعدا في حال إعادة فتح باب التسجيل أن يُسجَّل عدد إضافي كبير منهم. ويشير الهبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «معطيات تتحدث عن أن عددا كبيرا من المغتربين الذين تسجلوا هم من منطقة الكورة في الشمال اللبناني، وهم سيكونون قادرين على التأثير على النتائج في منطقتهم».