د. سامي الجمعان: المسرح السعودي يتحرك ويشاغب ولا يراوح مكانه

هناك ظلم لتجربتنا المسرحية.. ومسرحنا يفعل ما يفوق ظروفه وبيئته الصارمة

د. سامي الجمعان
د. سامي الجمعان
TT

د. سامي الجمعان: المسرح السعودي يتحرك ويشاغب ولا يراوح مكانه

د. سامي الجمعان
د. سامي الجمعان

بدأ الكاتب المسرحي السعودي د. سامي الجمعان حياته الثقافية من المسرح، وحصل في عام 1987 على أول جائزة تمثيل في المسرح السعودي على مستوى الخليج، وذلك في مهرجان مسرح الشباب الخليجي في الشارقة. وشهدت خشبة المسرح صعوده نحو الإخراج المسرحي وكتابة النص. ثم تفرغ لدراسة المسرح أكاديميا، فكانت رسالة الماجستير التي حصل عليها بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف في السرديات والدراما. أما الدكتوراه فكانت عن دراسته «خطاب الرواية النسائية السعودية وتحولاته».
وحققت الأعمال التي أخرجها حضورا على المسرح، وفازت بجوائز محلية وخليجية (حاز على أكثر من تسع جوائز في مجال الإخراج والتأليف المسرحي). وقد حققت النصوص المسرحية التي كتبها نجاحا ملحوظا، بينها نصه «والقافلة تسير» الحائز على جائزة أفضل نص في مهرجان مسرح الشباب الخليجي عام 1993. ونصه «حدث في مكة» الحائز عام 2011 على المركز الثاني، في مسابقة تأليف وزارة الثقافة والإعلام. كما فاز نصه «موت المؤلف» في مهرجان المسرح السعودي الرابع عام 2007 بجائزة أفضل نص.
وللجمعان عدد من الدراسات النقدية، بينها دراسة بعنوان «حضور ألف ليلة وليلة في المسرح العربي»، وأخرى بعنوان «المسرحية في الأدب العربي». وله كتاب بعنوان: «موت المؤلف.. نص وبيانات مسرحية». كما أصدرت له وزارة الثقافة والإعلام مجموعته المسرحية الثانية بعنوان «حدث في مكة ومسرحيات أخرى». وصدر له كتيب بعنوان «الظاهرة التمثيلية عند العرب». وحرر كتاب «في المسرح السعودي» الصادر عن كرسي الآداب السعودية بكلية آداب جامعة الملك سعود بالرياض عام 2013. واختير نصه عن الشاعر الجاهلي الأعشى للمسرحية الرئيسة في مهرجان سوق عكاظ 2013.
لدى الجمعان مشروع تأليف مسرحي يحمل عنوان «مسرحة الرموز والتجارب المسرحية العربية»، يمثل تجربته الكتابية في مجال المسرح، ويتضمن الجانب النظري لهذا المشروع واستراتيجياته.
«الشرق الأوسط» التقت الدكتور سامي عبد اللطيف الجمعان، الباحث والكاتب المسرحي، وأستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك فيصل في الأحساء، وعضو مجلس إدارة جمعية المسرحيين السعوديين، ومدير فرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء سابقا، في الأحساء شرق السعودية حيث يقيم، وأجرت معه الحوار التالي.

المسرح والأحكام المسبقة

> أين يقف المسرح السعودي اليوم؟ لماذا لا نلحظ تراكما في التجربة المسرحية على الرغم من مرور كل هذه السنوات؟
- إن أردت جوابا حاسما فموجزه أن مثل هذا السؤال ينتمي إلى فئة الأحكام المقولبة عن المسرح السعودي. والمقولبة هي التي تتبنى منظور الحكم المسبق / الجاهز، وهو حكم يظلم كثيرا تجربتنا المسرحية السعودية، بل في اعتقادي ان أصحاب هذه الرؤية هم أبعد ما يكونون عن المسرح السعودي ومشهده، لأن الواقع مغاير ومختلف. نحن حيال تجربة تتنامى وتتطور وتتكرس بشكل لافت، ونحن كعاملين في هذا الحقل نمتلك أدلة قاطعة على ثراء التجربة وتفرع أغصانها.
> ما هذه الأدلة؟
- من تلك الأدلة، ما تقوله الإحصاءات والأرقام التي تشير إلى حراك مسرحي سعودي يزيد سنة عن الأخرى. أيضا المنافسة الخليجية والعربية التي بدأت التجربة المسرحية السعودية تقتحمها بجدارة، على المستويين الخليجي والعربي. أضف إلى هذا وذاك التنوع الفني المنتمي إلى التجربة، من حيث المدارس المسرحية المعمول في إطارها، ناهيك بتجربة النص المسرحي السعودي التي بدأت تبلغ حد الاحترافية عبر أسماء لامعة.
> على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على تأسيس أحمد السباعي (عام 1961) لأول تجربة للعرض المسرحي، حملت اسم «دار قريش للتمثيل القصصي»، فإن المسرح السعودي لا يزال يراوح مكانه. مَن يتحمل المسؤولية عن ذلك؟
- سأكررها في كل محفل، وسأقول بأعلى ما أوتيت من قوة: المسرح السعودي لا يراوح مكانه، وحكمي هذا يتكئ على الموضوعية لا على الانفعالية أو العاطفية والارتجال. مسرحنا ينجز، يتحرك، يشاغب، يصمد، يغامر، يفعل ما يفوق ظروفه المحيطة وبيئته الصارمة. ولكن دعني أُرِحْكَ من هذه الدوامة بتحديد مكمن مشكلة المسرح السعودي ومعضلته الأساسية، المتمثلة في موقف ثقافتنا المجتمعية من فن المسرح، وتوجسنا الاجتماعي منه، وترددنا الرسمي في دعمه وتكريس حضوره، مما أدى إلى أن يصبح المسرح هامشيا في حاجتنا الاجتماعية إليه، بينما المسرح له خاصية التأثير الاجتماعي المستمر، بحيث يصبح تفاعل الناس معه تفاعلا يوميا وعادة متواترة. ومتى ما وصلنا إلى هذه الحالة الثقافية الاجتماعية في فهمنا لدور المسرح، سنسحب تهمنا تلك ونلقي بها عرض البحر.

> لماذا تنجح «الممانعة» الاجتماعية في إعاقة المسرح السعودي، ويفشل المسرحيون في الدفاع عن قضيتهم؟
- ببساطة شديدة، لأن تيار الممانعة يدرك موقف مجتمعنا المتوجس من الفنون عامة، ويلعب على هذا الوتر، بينما لم يحسن المسرحي السعودي تسويق بضاعته الفنية، ولا تسويق إبداعه. وفي ظني، إن السبب في هذا هو عدم جديتنا كمسرحيين في صنع موقف اجتماعي مغاير للسائد في الوعي بدور المسرح وأثره. فنحن نصنع المسرح كمنتج، ولا نصنع آليات تسويقه اجتماعيا، وهو ما أدى إلى نخبوية جماهيرية خانقة.

من يدعم المسرح؟

> أين تقف جمعية المسرحيين؟ هناك من يرى أنها لم تسهم في دفع الحركة المسرحية للأمام وحسب، بل أضرت بها أيضا. كيف تراها أنت؟
- أيضا هو اتهام باطل بكل المقاييس، فجمعية المسرحيين المتهمة دائما من دون وجه حق، وقعت في إشكالية تنظيمية شأنها شأن الجمعيات الأخرى، على الرغم من أن بداياتها الأولى كانت رصينة ومنظمة، فضلا عن المنجز الذي حققه مجلس إدارتها الحالي بالتعاون مع أعضائها، الذي يحاول البعض طمسه أو تجاهله. ولا أدري هل يستطيع أحد مسح تاريخ مثبت وموثق، فعلى الرغم من الإمكانات الضعيفة من جانب، والهجوم الإعلامي الكاسح على المجلس منذ البدايات من جانب آخر، أود من كل منصف العودة إلى ما سعيت لإنجازه، وهذا ليس من باب الدفاع إنما من باب إحقاق الحق. وصدقني كان الطموح أكبر والتطلعات أجمل لولا العثرات التي وقفت في الطريق ويصعب تجاوزها، لأن المال مثلا هو عصب النشاط والحركة، وهذا غير متوفر. فالإدارة الحالية على أقل تقدير تطالب بدعم مادي لعقد جمعيتها العمومية وترشيح المجلس الجديد، ولكن لا مجيب، وستبقى إشكالية الدعم المالي بُعْبُعاً لكل مجلس حالي أو مقبل.
> كيف تقيم مساهمة القطاع الخاص، والشركات، وخصوصا مساهمة «أرامكو» في إثراء التجربة المسرحية؟
- «أرامكو» ضربت مثالا حيا وحقيقيا على دعمها للمسرح. ودربت المواهب السعودية، ودعمت المهرجانات المحلية، وأتاحت الفرصة للمسرحيين للعمل في مهرجاناتها. ولكنني أقول ما زال المنتظر من هذه الشركة السعودية العملاقة أكبر، والطموح في دعمها أكثر. قبل أيام قليلة، دعتنا الشركة إلى معرض إثراء المعرفة الذي تنظمه من أجل حضور عرض مسرحي. وقد سرني أن النسبة الأكبر من الطاقم من الشباب السعودي المتدرب، الذي خضع في بريطانيا لورش عمل كثيرة في مجال المسرح. أما القطاعات الأخرى فيبدو أنها حتى الآن غير مقتنعة بالمسرح.

المسرح ووسائط الإعلام المتعددة

> لماذا لا يوجد عرض مسرحي سعودي امتدت به الحياة، أسوة بالتجارب المسرحية العربية والخليجية مثلا؟
- عروض جميلة ومتقنة بالفعل كان مصيرها التلاشي. وهذه مسألة أوافقك عليها إن كنت تقصد بامتداد الحياة به إطالة أمد عرضه. وهي إشكالية حقيقية تواجه المسرح السعودي والكثير من المسارح العربية، وهي قصر حياة العروض، على الرغم من الفترات الزمنية الطويلة التي نهدرها في التحضير. ويعود هذا إلى قلة الدعم المادي، ثم القاعات غير المتوفرة وغير المجهزة، والنفَس المسرحي القصير لدى المسرحي السعودي. وهذا ينسحب أيضا على المسرح الخليجي، فهو يواجه أيضا إشكالية قِصَر النفَس المسرحي نفسها، وصغر حياة العروض.
> برأيك، هل يمكن للمسرح كموقع إبداعي أن يحظى بمكانة في وسائط الإعلام المتعددة المعاصرة؟
- المسرح الآن يناضل من أجل هذا، فالهجوم الكاسح للحركة السينمائية، وتطور دور السينما، فضلا عن برامج التواصل الاجتماعي، وقوة حضور الإنترنت، سرق جميعه الضوء من المسرح. وهذه حقيقية علينا أن نعترف بها، ولكن يجب أن نعرف بأن المسرح يمتاز بنكهته «الفرجاوية» الخاصة، فلفرجته ومشاهدته متعة لا يحققها غيره، على اعتبار الأداءات الحية، والنبض التواصلي الوجداني المباشر، والأثر الذي يتركه المسرح في نفوس الجماهير. وبالتالي فالمسرح رغم قوة منافسيه سيبقى بذلك الوهج الخاص الذي لا يمتلكه سواه.

> كيف ترى وسائل التواصل الاجتماعي كـ«تويتر» التي تستخدم اليوم لصناعة حالة حوارية ذات قوالب مسرحية؟ هل يمكن أن نلجأ إلى العالم الافتراضي بعد أن عجزنا عن صناعة واقعنا المسرحي على الأرض؟
- لكل نوع جمالياته وطقوسه. وأنا أرى أن نستبدل الفكرة التنافسية بين المسرح والعوالم الفنية والإلكترونية الأخرى بفكرة أكثر حضارية، هي الفكرة التفاعلية، بحيث نستثمر التكنولوجيا في فن المسرح. ونستثمر منتج وسائط التواصل الاجتماعي في صناعة أفكار المسرح، وهي مشاريع قائمة على مستوى العالم حاليا، حيث صناعة المسرحية «الفيس بوكية» مثلا، وتشكيل نصوص مسرحية من تغريدات الـ«تويتر»، وهكذا. لا ننسى أن الفنون والعلوم تراكمية وتفاعلية، يأخذ بعضها من البعض الآخر ومن هنا يفترض أن ننطلق.

المشروع المسرحي

> اشتغلت أكاديميا على مسرح التراث من خلال كتابك «حضور ألف ليلة وليلة في المسرح العربي». ألا تعتقد أن الاشتغال بالتراث استهلك الكثير من المسرح الخليجي الجاد؟
- لأن الصلة وثيقة بين التراث وفن المسرح، فهذا الأمر طبيعي للغاية. ومنذ أن نشأ المسرح على أيدي اليونانيين وغيرهم وهو يتكئ على التراث ويتعاطى مع صيغه. فالمسرح اليوناني في بواكيره نهل من الأساطير، واستوحى التاريخ، وجسد الرموز والأبطال. فوجد فن المسرح في تراث الأمم كنزا لا ينضب ومصدرا لا ينتهي. وكتابي الذي أشرت إليه هو في الأصل رسالة ماجستير جمعت بين حقلين: حقل المسرح وحقل السرديات القديمة، ممثلة في الكتاب القصصي العظيم «ألف ليلة وليلة»، في محاولة مني لتقصي تلك الفاعلية وقياس مدى تأثير «ألف ليلة وليلة» في المسرح العربي عامة. وانتهيت إلى أن المسألة لا تقتصر على التأثير، بل تبلغ مرتبة «الحضور»، والحضور هنا بمعناه الفلسفي العميق يعني «الهيمنة»، هيمنة قصص «ألف ليلة وليلة» في حضورها على الكتاب وقدرة موتيفاتها السحرية على جذب أقلامهم.
> ماذا بعد كتابك «موت المؤلف وبيانات مسرحية»؟ إلى أين تحمل قضية المسرح؟
- قيمة هذا الكتاب الذي صدر عام 2009 في حمله توثيقا لثلاث تجارب مهمة أصدرتها على شكل بيانات مسرحية. الأولى تجربة أحمد السباعي المسرحية التي لم تكتمل، وخوضي في القضايا الدائرة حولها. ثم واقع المسرح السعودي وإشكالية القبضة الاجتماعية المحيطة به. ثم مشروعي التأليفي الذي عنونته بـ«مسرحة الرموز والتجارب المسرحية العربية». وهذا المشروع هو خلاصة ما انتهت إليه تجربتي الكتابية في مجال المسرح، فضمنته الجانب النظري لمفهوم المشروع واستراتيجياته، ثم نصا مسرحيا يعتبر بمثابة التطبيق على المشروع، وهو نص «موت المؤلف». ما أود الإشارة إليه، وهذا ما يحبطنا، هو أن نقادنا لا يطلعون على تجاربنا ولا يتأملونها. لك أن تتصور أن بعض النقاد العرب على اطلاع على هذا الكتاب والمشروع، وكتبوا عنه أكثر من نقادنا ومسرحيينا. فنحن تنقصنا جدية التأمل في التجارب السعودية والتعامل معها نقديا.
> أصدرت مجموعتك المسرحية «حدث في مكة.. ترنيمة إلى أحمد السباعي». ماذا تقول للسباعي أبي التجربة المسرحية السعودية؟
- أقولها بفخر: كم أعتز بك أيها السباعي الأديب المغامر. أيها المتطلع لواقع أجمل. فليرحمك الله لأنك كنت تصنع المسرح في زمن لم يعرف المسرح. وسامح الله من أحبطك ووقف في وجه مشروعك الثري. وأقول للسباعي: كم أعجبتني جديتك وعنايتك بالتفاصيل. كم كنت حضاريا في إعطائك الأدوار لأصحابها. فالمؤلف تركته للكتابة، والمخرج للإخراج، من دون أن تستأثر بكل شيء كونك صاحب المشروع والقائم عليه. رحمك الله، ولو كان مشروعك اكتمل ربما كنا نتحدث الآن عن واقع مسرحي سعودي مغاير.
> لك دراسة بعنوان «خطاب الرواية النسائية السعودية وتحولاته». كيف رأيت تحولات هذا الخطاب؟
- بداية، كان لي هدف من التوجه إلى الرواية بصورة عامة في أطروحة الدكتوراه، الإحاطة بالسرديات قديمها وحديثها، ضمن مشروع نقدي متكامل، حيث خصصت الماجستير للجمع بين جنسي القصص القديم والمسرح. وفي الدكتوراه اتجهت إلى القص الحديث ممثلا في الرواية، وكانت تطلعا للجمع بين الحقلين مسرحا وسرديات، وهذا بحد ذاته ثراء وليس انتقالا غير مبرر، كما يعتقد البعض. أما عن كتاب «خطاب الرواية النسائية السعودية» فتحركت فيه باتجاه رصد منعرجات وتحولات خطاب الكاتبات السعوديات عبر نافذة الرواية، وانتهيت إلى أن الكاتبة السعودية أنجزت خطابا متباينا في حيله ومقولاته وآلياته، حسب المرحلة التي كانت تعبرها. وبالتالي فالانكسارات في الخطاب حدثت مرتين بعد عام 1980 وبعد عام 2001 أيضا، إلا أن الانكسار الثاني في توجهات الخطاب كان قويا وحادا وملحوظا ومن دون مواربة، علما بأنني أعيد هذا التحول السريع والقوي إلى ما واكب المرحلة من أحداث ذات مرجعية سياسية ودينية وثقافية واجتماعية، يوجد لها تفضيل في الدراسة.

خلافات

> كيف تطور الخلاف داخل جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، خصوصا بينك وبين عبد العزيز السماعيل، مدير عام جمعية الثقافة والفنون، إلى خصومة مستحكمة رغم تاريخكما الطويل في التعاون والتبادل المسرحي؟
- بداية، أعترض على كلمة «خلاف»، لأن أخلاقياتي ترفض شخصنة القضايا والمسائل. وعبد العزيز السماعيل أخ عزيز وقريب من النفس. كل ما في الأمر أنني أختلف معه في آلية إدارته لجمعية الثقافة والفنون، كونها تقوم على التنظير أكثر من الفعل، وتبنى على الطموحات والأحلام المتجاوزة أكثر من الواقع ومعطياته. وهذه الطرق عفى عليها الزمن، وبات التعاطي الآني والفعلي مع الواقع في حدود معطياته هو الوسيط الناجع لمشروعاتنا. ولكي أكون أكثر موضوعية، أشير إلى مثال بسيط. عد إلى تصريحات الزميل السماعيل بعد تعيينه مباشرة كمدير عام للجمعية، واقرأ الوعود العريضة التي تحدث بها، وهي موجودة وموثقة. ثم لاحظ كيف تحدث عن أحلام وردية وطموحات لم يستطع بعد السنة الرابعة له تحقيق شيء منها. على سبيل المثال، تحدث عن الانتخابات وها هو يتناساها. وتحقق عن الفترة المحددة لمديري الفروع، وهي فترتان، وها هو يتناساها. تحدث عن رؤساء اللجان والمدة الزمنية المحددة لهم، وتناساها. وتحدث عن البنى التحتية وتناساها. تحدث عن التحولات الجذرية في مسار الفعاليات، وها هي الفروع تقدم ما قدمناه قبل ثلاثين عاما، والشريط يعيد نفسه إلا من المهرجانات المسرحية التي هي في أصل مشروعات فروع لا مشروعات كيان واستراتيجيات إدارة. ثم إن أكثر شخص كان ينادي بتجديد الدماء في الفروع هو الزميل السماعيل، ولكنه ضعف أمام هذا البرنامج لأسباب غير معلومة، ما أدى إلى تكلس بعض الفروع وبقاء الحال على ما هو عليه. تلك هي القضية ولا غير، اختلاف في وجهات النظر من أجل مصلحة جمعية لا شخصية. وهذا حق مشروع لنا، لأننا أبناء جمعية الثقافة، ومنجزها أخذ من أعمارنا وجهدنا الكثير. وقد اعتبرناها كمنتمين إليها مشروع حياة. تلك هي الفكرة التي يجب أن يعيها كل من يعتقد أن الجمعية حكر عليه وملك خاص له، فهي مؤسسة باقية بصفتها الرسمية والأفراد كلهم إلى زوال.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.