مفهوم الهوية... والعولمة

ضمن مشروعها «ثقافة السلام من أجل أمن أجيال المستقبل»، أصدرت مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية، كتاباً بعنوان «الهوية الإسلامية وقضاياها في الفكر المعاصر» من تأليف الباحث حسيب القايد، الذي يرى أن «المأزق المعاصر للهوية الإسلامية ليس في اكتساح العولمة لنا، على ما نظن أو نتوهم، وإنما يكمن في عجزنا عن إعادة ابتكار هذه العولمة وتشكيلها في ظل هذه الفتوحات التقنية والتحولات التاريخية الضخمة، فأصل قضايا الهوية الإسلامية في عصرنا الراهن هي في عجزنا عن عولمتها وحوسبة اقتصادنا وعقلنة سياستنا وجعل فكرنا كونياً». ويرى المؤلف أن هذه الإشكاليات هي ما تجعلنا نهرب من مواجهتها.
ويطرح الكتاب 3 قضايا رئيسية جاءت في 3 فصول هي: قضية تصور مفهوم الهوية، وقضية المكونات، وقضية التواصل. حيث ينطلق المؤلف من القضايا التي تثيرها الهوية الإسلامية في مواجهة مراكز القوة في العالم، خصوصاً الغربية منها التي تحاول إعلاء شأن بعض الهويات دون غيرها واعتبارها متميزة وطمس أخرى واعتبارها مستهجنة، معتمدة -هذه القوى- على مدى وظيفية الهوية في المصالح الاقتصادية والسياسية.
ويعالج الكتاب مسألة الهوية من كونها باتت مرتبطة ببعض الوقائع التاريخية المهمة التي شهدها القرن الماضي مثل تفكك الاتحاد السوفياتي، وسقوط جدار برلين، وحروب الخليج، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وغزو أفغانستان، وغيرها. ويرى المؤلف أن وقوع هذه الأحداث أدى إلى ظهور بعض الهويات في المشهد العالمي، فوجّهت إليها أصابع الاتهام في قضايا عديدة كالهوية الإسلامية بشكل خاص التي باتت تفرض على المسلم المعاصر أن يعيد طرح أسئلة الهوية ضمن قضاياها، على غرار ارتباطها بالتيارات الأصولية، واندراجها في صراع الحضارات، ومحور الخير والشر، وصراع الأنا والآخر، والإرهاب، ومقاومة الاحتلال.
ولا يكتفي الكتاب بطرح الإشكاليات، بل يقدم تصورات حيوية وحلولاً لمواجهة هذه القضايا من منطلق أن تكون الهوية الإسلامية نداً في المشهد الفكري العالمي، بما تحمله هذه الهوية من أفكار معتدلة لتصحيح المفهوم الخاطئ الذي تحاول بعض القوى ترويجه.