غادر ميانمار أكثر من 655 ألف شخص من أقلية مسلمي الروهينغا، منذ 25 أغسطس (آب) الماضي إلى بنغلاديش، عندما شن الجيش والميليشيات البوذية عمليات مسلحة ضدهم، وصفت من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية بأنها نموذج للتطهير العرقي. وبسبب الضغوط الدولية دخلت حكومة ميانمار في مفاوضات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع حكومة بنغلاديش، التي لجأ إليها الروهينغا، من أجل إعادتهم إلى قراهم الأصلية.
وأمس قالت بنغلاديش إن ممثليها ناقشوا مع ميانمار تطبيق اتفاق كان قد تم توقيعه في نوفمبر الماضي لإعادة اللاجئين إلى قراهم الأصلية في ولاية راخين الشمالية في ميانمار. الاتفاق الذي تم التوصل إليه في نايبيداو عاصمة ميانمار هذا الأسبوع يسمح لنحو 750 ألفا من الروهينغا الذين فروا من ميانمار خلال عمليتين عسكريتين في شمال ولاية راخين في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 وأغسطس 2017 بالعودة إلى قراهم.
ولا تشمل الاتفاقية نحو مائتي ألف لاجئ مقيمين في بنغلادش منذ ما قبل أكتوبر 2016 الذين فروا خلال أعمال عنف عرقية وعمليات عسكرية سابقة. وقال البيان الصادر عن الاجتماع إن البلدين يخططان لاستكمال إعادة لاجئي الروهينغا، الذين فروا من ديارهم بسبب الحملة العسكرية الوحشية في ولاية راخين بميانمار، خلال عامين، وذلك بداية من وصول أول العائدين إلى البلاد في وقت لاحق من الشهر الحالي.
وقالت دكا إن الدولتين اتفقتا مؤخرا على الاستمارة التي يتعين على اللاجئين تعبئتها لتأكيد انتمائهم إلى ولاية راخين. وأضافت دكا أن الاستمارة ستكون على أساس «العائلات» وتشمل الأيتام و«الأطفال المولودين نتيجة حوادث غير مرغوبة». ولم تصدر حكومة ميانمار بيانا من جانبها بعد الاجتماع الثلاثاء.
وبموجب الاتفاق قالت بنغلاديش إنها ستقيم خمسة «مخيمات ترانزيت» لإرسال اللاجئين إلى مركزي استقبال في ولاية راخين. وأكد البيان أنه من المقرر أن يتم تسكين اللاجئين العائدين، مؤقتا، في مخيم «هلا بو خاونج»، الذي يتم بناؤه حاليا، بعد أن يتم تسجيلهم في واحد من مركزين مخصصين لاستقبال العائدين. لكن أثارت منظمات حقوق الإنسان شكوكا بشأن عملية إعادة اللاجئين الخاصة بالحكومة، حيث أشارت منظمة العفو الدولية أمس الثلاثاء إلى أن فترة العامين تعتبر «جدولا زمنيا مستحيلا».
وصرحت لورا هيج، الباحثة في شؤون ميانمار التابعة للمنظمة لوكالة الأنباء الألمانية بأن «نظام الفصل العنصري الذي جعل (الروهينغا) ضعفاء جدا في المقام الأول، ما زال ساريا في ولاية راخين. وحتى يتم تفكيك هذا النظام، فليس من الممكن أن تكون هناك عمليات إعادة آمنة أو كريمة».
وتعتزم ميانمار التعامل مع 300 لاجئ عائد يوميا، ابتداء من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي، بحسب ما قاله كو كو نيانج، المدير العام لوزارة الرعاية الاجتماعية والإغاثة وإعادة التوطين، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أمس الثلاثاء. وقال كو كو نيانج لـ«رويترز» إن ميانمار وقعت على الاتفاق مع بنغلاديش وتهدف إلى بدء عملية العودة بحلول 23 يناير. وقال زاو هتاي المتحدث باسم الحكومة لـ«رويترز» الأسبوع الماضي إنه سيكون بوسع العائدين تقديم طلبات للحصول على الجنسية «بعد أن يجتازوا عملية التحقق» من هويتهم.
من ناحية أخرى، قال السفير الأميركي لدى ميانمار، سكوت مارسيل، أمس الثلاثاء، إنه يتفهم نية الحكومة لإعادة توطين اللاجئين في قراهم الأصلية، إلا أن العائدين من أفراد الروهينغا «يجب أن يكونوا قادرين على معرفة بما سيتعرضون له» قبل عودتهم. وطالب السفير بأن تتسم العملية بالشفافية، وأن تتمكن وسائل الإعلام من الوصول إلى ولاية راخين، إلى جانب إجراء مشاورات مع اللاجئين قبل إعادتهم. وأكد أنه من المهم أيضا معالجة مشكلات التمييز ضد الروهينغا، مثل حصولهم على الرعاية الصحية والتعليم وحرية التنقل والمواطنة. وقال في حديثه لوكالة الأنباء الألمانية إن «إحراز تقدم في مثل هذه القضايا الأساسية سيجعل العودة أكثر جاذبية بالنسبة للاجئين». وأكدت الأمم المتحدة أن جميع عمليات إعادة اللاجئين يجب أن تتم طواعية، وأن اللاجئين يجب إعادتهم إلى موطنهم.
وقال روشان علي، وهو رجل دين من الروهينغا فقد كثيرا من أقاربه في العملية العسكرية ويقيم حاليا في مخيم بلوخالي للاجئين في جنوب بنغلاديش إنه «لا أحد يريد العودة». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا مجال للعودة إطلاقا. سيقتلوننا إذا عدنا». وشددت وكالات الإغاثة على ضرورة العودة الآمنة والطوعية، في حال تحققت هذه الخطوة.
من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن «المفوضية تعتقد أن أي عمليات إعادة يجب أن تقوم على قرارات مستنيرة وطوعية، من جانب اللاجئين أنفسهم. وستتحدد وتيرة العودة عندما يشعر اللاجئون أن الوقت والظروف مناسبان».
من جهتها، نفت ميانمار الاتهامات التي وجهت إليها بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد الروهينغا، لكنها رفضت السماح لبعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بالتحقيق في حجم ما وصفته الولايات المتحدة بـ«التطهير العرقي». ولا تعترف ميانمار بالروهينغا كمجموعة عرقية وتحرمهم من الجنسية وتعتبرهم مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش رغم وجودهم على أراضيها منذ أجيال.
بنغلاديش وميانمار تتفقان على إعادة لاجئي الروهينغا خلال عامين
بنغلاديش وميانمار تتفقان على إعادة لاجئي الروهينغا خلال عامين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة