فيلم «بنزين» يغوص في الجنوب التونسي

يغوص فيلم «بنزين» للمخرجة التونسية سارة العبيدي في العالم المصغر لعائلة من الجنوب التونسي. حليمة (تؤدي دورها الممثلة سندس بلحسن) وسالم (يقوم بالدور الممثل التونسي علي اليحياوي) يحرمان من ابنهما الذي يشارك في إحدى رحلات الموت عبر المتوسط.
العائلة تخوض رحلة بحث مضنية حول ابنها، تضرب شمالاً وجنوباً وتدق كل الأبواب من قابس (جنوب شرقي تونس) إلى العاصمة التونسية شمالاً، للبحث عن أي خيط يوصلها إلى حقيقة ما جرى لابنها.
عرض فيلم «بنزين» صباح أمس، في المركز الفرنسي بتونس (وسط العاصمة التونسية). وكان العرض مخصصاً للإعلاميين، وهو الفيلم الروائي الطويل الأول في رصيد المخرجة سارة العبيدي، وقد صورته في قرية صغيرة تدعى المجني، وهي تقع في منطقة قابس (جنوب شرقي تونس). وحاولت من خلاله الغوص في عالم الهجرة غير الشرعية نحو الضفة الشمالية للمتوسط، ونجحت في تصوير لوعة عائلة تونسية غادرها ابنها الحاصل على شهادة جامعية في اتجاه إيطاليا.
وتشارك في هذا العمل السينمائي، ثلة من الممثلين على غرار فاطمة بن سعيدان وجمال شندول ومكرم الصنهوري وفتحي بوسهيلة وعبد الحي مجيد ومنصور الصغير وعدد آخر من الممثلين أصيلي المنطقة التي تم فيها التصوير، كي تعطي المخرجة صبغة واقعية على أحداث الفيلم. وقد حصل على دعم بقيمة 400 ألف دينار تونسي (حوالي 160 ألف دولار) من قبل وزارة الثقافة التونسية لإنجازه. ومن المنتظر أن تنطلق عروضه في القاعات السينمائية بداية من يوم 19 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وصورت المخرجة بحرفية عذاب اختفاء الابن أحمد على وجوه عائلته المصغرة، وأصرت على تضارب الروايات، وهي عملية تحصل في كل عملية هجرة غير شرعية، البعض يتوقع غرقه، والبعض الآخر يغذي الأمل بوجوده في أحد مراكز الإيواء في الجزر الجنوبية الإيطالية، في حين أنّ العائلة لا تفقد الأمل بعودة ابنها، وتسعى بكل الوسائل لتنسم، ولو القليل من الأخبار، وتدق كل الأبواب الرسمية وغير الرسمية من وزارات وجمعيات حقوقية تونسية وأوروبية، علّها تغنم ولو القليل ممّا يمنّي النفس بعودة «الابن الضال».
فالأب سالم، يمضي وقته في البحث عن خيوط تؤدى إلى العثور على «الحراق» أي صاحب القارب الذي يهرّب الشباب نحو إيطاليا، علّه يمنحهم الأمل بوجود ابنه على قيد الحياة.
في حين أنّ الأم حليمة لم تعد تقوى على الانتظار، وتعيش في مناخ من العزلة وصعوبة العيش التي يترجمها عمق الجنوب التونسي ذي الطبيعة الصحراوية القاسية، فكأنّما الطبيعة تتحالف مع الواقع المعاش لأجل مزيد تأزم الحالة الاجتماعية والاقتصادية لإحدى العائلات المنسية في عمق الصحراء.
فيلم «بنزين» يتطرق إلى ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ويتقصى أصداء أوجاع عائلة فقدت ابنها، ويرسم أرواحها التائهة على وقع طبيعة الجنوب ومناخاته المخصوصة، ومن خلال هذه القصة، يخطّ الفيلم ملامح دراما ثنائية، دراما مئات العائلات التونسية التي فقدت أبناءها في عرض البحر ودراما بلد عجز عن توفير الأمل لأبنائه.