انتهاكات ضد مئات المعتقلين الموالين لصالح داخل سجون الحوثي

مقتل قيادي انقلابي في كمين قرب صنعاء على خلفية توتر مع القبائل

TT

انتهاكات ضد مئات المعتقلين الموالين لصالح داخل سجون الحوثي

كشفت مصادر أمنية مناهضة للميليشيات الحوثية في العاصمة اليمنية صنعاء، أن الجماعة الموالية لإيران هددت المعتقلين العسكريين الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح بالإعدام، على خلفية اتهامهم بالمشاركة في الانتفاضة التي كان دعا إليه الشهر الماضي، وانتهت بمقتله والتنكيل بأقاربه والمئات من أعضاء حزبه.
جاء ذلك في وقت استمرت فيه قيادات جماعة الحوثي على مستوى المحافظات والمديريات التي تسيطر عليها، في عمليات التحشيد لجبهات القتال، في مسعى لإسناد صفوفها المتهاوية في مختلف الجبهات، أمام التقدم المستمر للجيش الوطني المدعوم بقوات التحالف العربي.
وأفادت المصادر بأن القيادي في الجماعة المعين نائبا لوزير داخلية الانقلاب أبو الكرار الخيواني، أمر بجمع نحو 600 معتقل من العسكريين الموالين للرئيس السابق في عنبر منفرد داخل السجن المركزي بصنعاء، قبل يومين، وألقى عليهم خطابا هدد فيه بأن مصيرهم سيكون الإعدام. وأضافت المصادر أن القيادي الحوثي طلب من المعتقلين تدوين اعترافات خطية بالأدوار التي اضطلعوا بها خلال المواجهات بين الميليشيات وحرس الرئيس السابق في أحياء شارع الجزائر والكميم والسبعين والحي السياسي، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأن تتضمن الاعترافات أسماء القيادات التي كانوا يتلقون التوجيهات المباشرة منها.
وحسب المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» ورفضت الكشف عن نفسها لاعتبارات أمنية، فإن المسؤول الحوثي أمر بإخضاع المعتقلين للتعذيب وانتزاع الاعترافات منهم بالقوة، كما أمر بإخضاعهم لدروس خاصة من «الملازم الخمينية» التي كتبها مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، الذي قتل في مواجهات مع الجيش اليمني في 2004.
وكان رئيس مجلس انقلاب الجماعة (مجلس الحكم) صالح الصماد، قد أصدر ما سماه «عفواً عاماً» عن المشاركين من المدنيين في انتفاضة الرئيس السابق التي تصفها الجماعة بـ«فتنة ميليشيات الخيانة» مستثنيا من عفوه العسكريين، وأغلبهم كانوا ضمن حراسات منازل صالح وأقاربه والمقرات التابعة لحزبه (المؤتمر الشعبي العام).
وأطلقت جماعة الحوثي في الأسبوعين الأخيرين سراح جزء من المعتقلين المدنيين، وزعماء قبليين موالين لصالح، في وقت يقول ناشطون في حزب «المؤتمر العام» إن الميليشيات الحوثية لا تزال تعتقل في سجونها السرية في صنعاء والمدن التي تسيطر عليها نحو ألفي معتقل من أعضاء الحزب المدنيين.
ولا توجد إحصائية دقيقة بعدد العسكريين الذين اعتقلتهم الجماعة عقب مقتل صالح، وكذلك الذين تمت تصفيتهم، إلا أن مصادر في حزب «المؤتمر العام» تقول إن عددهم يناهز الألف جندي وضابط، وأن كثيرا منهم خطفوا من منازلهم دون أن تكون لهم علاقة بالمواجهات، وإنما بناء على انتمائهم السابق إلى «قوات الحرس الجمهوري».
وأمس، واصلت قيادات الجماعة الحوثية الانقلابية على مستوى المحافظات والمديريات، حملة التحشيد في صفوف القبائل لتجنيد مقاتلين في صفوف الجماعة، على خلفية الانكسارات الكبيرة التي منيت بها أخيراً في جبهات صعدة والساحل الغربي والجوف وشبوة والبيضاء ونهم.
وأفادت المصادر الحوثية الرسمية بأن محافظها في ذمار محمد حسين المقدشي، دشن أمس حملة التجنيد في مديرية «عتمة» تحت شعار «انفروا خفافا وثقالا»، وقالت إن اجتماعا مماثلا حضره قياديون موالون لها في مديرية «كحلان عفار» التابعة لمحافظة حجة. وترى مصادر سياسية أن جماعة الحوثي باتت تعيش أسوأ أيامها في جبهات القتال، وهو ما جعلها تستنفر قياداتها في أوساط أبناء القبائل وتلاميذ المدارس والفئات المهمشة والعاطلين عن العمل، وفي صفوف النساء.
إلى ذلك، أفادت مصادر قبلية أمس في صنعاء، بأن مسلحين نصبوا كمينا للقيادي الحوثي خالد القيري جنوب صنعاء، وأطلقوا عليه النار ما أدى إلى مقتله، فيما رجحت المصادر أن مسلحين من قبيلة خولان يقفون وراء العملية، على خلفية التوتر القائم بين زعمائها وجماعة الحوثيين منذ أيام. واتهمت المصادر القيري بأنه كان أحد عناصر الميليشيات الذين قاموا باقتحام قرية «بيت الأحمر» في مديرية سنحان، ونهب منازل الرئيس السابق وكبار القيادات العسكرية الموالية له.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.