عباس: سنرد الصفعة... ونقول لترمب ألف لا

دولة تحت الاحتلال ومراجعة الاعتراف بإسرائيل وآلية دولية جديدة... أهم تحديات «المركزي الفلسطيني»

عباس: سنرد الصفعة... ونقول لترمب ألف لا
TT

عباس: سنرد الصفعة... ونقول لترمب ألف لا

عباس: سنرد الصفعة... ونقول لترمب ألف لا

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه سيرد «الصفعة» الأميركية بشأن اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدا أنه قال وسيقول لا للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن «صفقة العصر».
واتهم عباس الرئيس ترمب بشطب القدس بتغريدة «تويتر». مضيفا في كلمة له في مستهل دورة طارئة للمجلس المركزي الفلسطيني، في مقر الرئاسة الفلسطينية، أمس: «القدس لنا، وهي عروس عروبتنا، ودرة التاج، وزهرة المدائن، ومن دون القدس لا توجد دولة».
وكشف عباس أن صفقة العصر تتضمن عرضا بدولة وعاصمتها أبو ديس (في أطراف القدس) مشددا: «من دون القدس ما في دولة»، وأردف: «نحن هنا باقون، ولن نرتكب أخطاء الماضي، نحن باقون، لن نرحل».
وتابع: «من أيام الكنعانيين هذه بلادنا، وتقول التوراة إن الكنعانيين لم يغادروا هذا البلد، وهم هنا قبل سيدنا إبراهيم. نحن هنا قبل جدنا إبراهيم، ولن نغادر هذا البلد».
وهاجم عباس بشدة حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، لرفضهما المشاركة في اجتماع المجلس المركزي. وقال: «أزعجني جدا أن إخوة في اللحظة الأخيرة قالوا لا نريد أن نحضر، المكان ليس المناسب لاتخاذ القرارات المصيرية، فأين هو المكان المناسب؟ دلوني على مكان من حولنا ومحيطنا لنأخذ فيه قرارات مصيرية أكثر من هذا المكان في وطننا؟».
وتابع: «قد لا ألوم (الجهاد) لأنهم لا يتحدثون في السياسة أو يعملون بها؛ لكن الأخ محمود الزهار القيادي في (حماس) قبل في مرحلة ما بانتخابات من دون القدس (...) أنا مستغرب أن قيادة (حماس) تتساوق مع الزهار الذي يتساوق مع (تويتر) ترمب في موضوع القدس».
ولمح عباس إلى أن «حماس» و«الجهاد» لم يحضرا بناء على تعليمات خارجية. وقال: «لا تريد هذا المكان وين بدك تروح؟ نحن هنا لا نأخذ تعليمات من أحد. بنقدر نقول لا لمين ما كان، إذا كان الأمر يتعلق بمصيرنا، بمستقبل أرضنا وشعبنا. قلنا لا لترمب ولغير ترمب ألف لا. القدس عاصمتنا الأبدية شاء من شاء وأبى من أبى. لا حجة لأحد، المكان غير مريح».
ويلخص حديث عباس توجه القيادة الفلسطينية المبني على تغيير قواعد اللعبة، بعد استبعاد الولايات المتحدة من العملية السياسية. ويفترض أن يقر المركزي خطة فلسطينية جديدة واستراتيجية جديدة. وانطلقت أعمال المجلس المركزي الفلسطيني «الدورة 28»، تحت عنوان «القدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية»، بحضور نحو 90 من أعضائه الـ114، وأكثر من 150 من الضيوف، اقتصر حضورهم على الجلسة الافتتاحية فقط.
و«المركزي» هو هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني، ويعد أعلى هيئة تشريعية فلسطينية في حالة انعقاده. وقد بدأ أعماله وسط خلافات فلسطينية كبيرة حول مكان انعقاده، وطبيعة القرارات المنتظرة منه، في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، بعد ما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
وكانت آخر دورة للمجلس قد عقدت في مدينة رام الله عام 2015.
ويعقد «المركزي» اليوم الاثنين جلستين مغلقتين، بحضور عباس، لوضع استراتيجية وطنية جديدة في مواجهة القرار الأميركي، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
ويناقش «المركزي» مجموعة من التوصيات، بما في ذلك وضع خطة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وتوجد على طاولة «المركزي» نقاط مثيرة للاهتمام، من بينها سحب الاعتراف بإسرائيل، طالما لا تعترف بالدولة الفلسطينية وليس لها حدود معروفة، وإعلان السلطة الفلسطينية دولة تحت الاحتلال، واعتبار منظمة التحرير حكومة هذه الدولة، والمجلس الوطني برلمانها؛ لكن لا يتوقع أن يتم إعلان موقف محدد ونهائي من ذلك، وإنما وضع هذه التصورات قيد الفحص والتنفيذ.
ويناقش «المركزي» طبيعة العلاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية مع إسرائيل، وثمة اقتراحات فلسطينية بمراجعة اتفاق أوسلو، فإذا لم يتم التخلي عنه يجري التخلي عن أجزاء منه لم تلتزم بها إسرائيل.
ويتوقع أن يخرج «المركزي» بدعوة لوقف الاتفاقات مع إسرائيل ومراجعتها، في ظل تصعيد المقاومة الشعبية على الأرض، والتوجه إلى المؤسسات الدولية بما في ذلك مجلس الأمن والأمم المتحدة، من أجل تجسيد الدولة الفلسطينية، وطلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
ويفترض أن يؤكد «المركزي» على رفض قبول أي دور للولايات المتحدة الأميركية في عملية السلام، طالما لم تتراجع عن قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وضرورة إيجاد آلية دولية بديلة لرعاية عملية سياسية جديدة في المنطقة، على غرار آلية «5+1» التي وضعت الاتفاق النووي الإيراني.
وسيتمسك «المركزي» بمبادرة السلام العربية، من دون القبول بإجراء أي تغيير أو تعديل عليها.
وسيدعو «المركزي» إلى إعداد دستور الدولة الفلسطينية كذلك.
لكن هذه التوصيات المتوقعة، وتوصيات أخرى، لم تكن مقنعة بالنسبة لكثير من الفصائل والشخصيات الفلسطينية.
وبقدر ما كانت دورة «المركزي» منتظرة، ويراها كثيرون مفصلية لجهة وضع استراتيجية مواجهة جديدة، تكشف الدورة عن عمق الانقسامات الفلسطينية؛ سواء بين الفصائل المنضوية تحت إطار منظمة التحرير، والتي حضرت الجلسة أمس، أو بين السلطة والفصائل الأخرى المعارضة خارج المنظمة.
وكشفت الجبهة الديمقراطية أن «لجنة العشرين» المكلفة بتقديم ورقة سياسية للمجلس المركزي عبر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فشلت في تقديم ورقتها، بعد أن انهار اجتماعها الأخير، ولم يتوصل أعضاؤها إلى توافق على ورقة موحدة.
وأكدت «الديمقراطية» أن لجنة مصغرة شُكلت لهذا الغرض بدلاً من «لجنة العشرين»؛ إلا أنها فشلت هي الأخرى في إنجاز الورقة السياسية، قائلة إن الأمر يوضح حجم الخلافات المحتدمة بين القوى الفلسطينية في اللجنة التنفيذية وفي المجلس المركزي.
وأوضحت «الديمقراطية» أنه جرى تشكيل «لجنة جديدة» في محاولة أخيرة لإقرار ورقة سياسية تُقدم إلى المجلس المركزي.
ولفتت إلى أن اللجنة ما زالت تواصل المشاورات بين أعضائها، على أمل الوصول إلى الحد الأدنى من التوافق (مرجعيتها قرارات «المركزي» في مارس «آذار» 2015) حول فك الارتباط بأوسلو، ووقف التنسيق الأمني، وفك الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي، واستئناف الانتفاضة والمقاومة الشعبية في الميدان، وتدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية في الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، وبقية المحافل الدولية.
واكتفت الجبهة الشعبية بالمشاركة في الاجتماع بتمثيل أقل، وتقديم مذكرة محددة حول مواقفها. وجاء ذلك في الوقت الذي قال فيه تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، إنه لن يشارك في دورة «المركزي»؛ لأن رئاسته لم تلتزم الحد الأدنى من تنفيذ ما أُقر في اجتماعه السابق عام 2015. وهذه الخلافات داخل منظمة التحرير جاءت في وقت رفضت فيه «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«القيادة العامة»، الالتحاق بدورة المجلس المركزي.
وتراجعت حركة حماس عن المشاركة في اجتماعات المجلس المركزي، قائلة إنها تريد أن يكون الاجتماع خارج الأرض المحتلة، وأن يسبق اجتماع «المركزي» اجتماع للإطار القيادي الموحد، يكون بمثابة اجتماع تحضيري تُناقش فيه القضايا التي سيتطرق لها اجتماع «المركزي»، وأن تتم مشاركة الفصائل المختلفة في التحضير للاجتماع وجدول أعماله. وانتهت «حماس» إلى نتيجة مسبقة بأن الظروف التي سيعقد «المركزي» في ظلها «لن تمكنه من القيام بمراجعة سياسية شاملة ومسؤولة، وستحول دون اتخاذ قرارات ترقى لمستوى طموحات شعبنا واستحقاقات المرحلة»، وساقت «الجهاد» أسباباً مشابهة، من بينها أنها لا تريد أن تكون مجرد «كومبارس».
وفسرت مواقف «حماس» و«الجهاد» في رام الله، على أنها هروب من المشاركة في رسم استراتيجية مواجهة جديدة، ومحاولة لفرض أجندات حزبية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم