احتدام معارك شمال سوريا يوقع قتلى وأسرى

مسؤول كردي: تحرير إدلب لا يقتصر على قوات النظام أو تركيا

مقاتلون من الفصائل المعارضة قرب قرية خوين يستعدون للانطلاق باتجاه جبهة معارك إدلب (أ.ف.ب)
مقاتلون من الفصائل المعارضة قرب قرية خوين يستعدون للانطلاق باتجاه جبهة معارك إدلب (أ.ف.ب)
TT

احتدام معارك شمال سوريا يوقع قتلى وأسرى

مقاتلون من الفصائل المعارضة قرب قرية خوين يستعدون للانطلاق باتجاه جبهة معارك إدلب (أ.ف.ب)
مقاتلون من الفصائل المعارضة قرب قرية خوين يستعدون للانطلاق باتجاه جبهة معارك إدلب (أ.ف.ب)

تطغى معارك الكر والفرّ على المواجهات في الشمال السوري، بين قوات النظام وفصائل المعارضة. ففي حين سجّل تقدم للأولى في ريف حلب الجنوبي، بسيطرتها على نحو 79 بلدة، تمكنت فصائل غرفة عمليات «رد الطغيان» من استعادة السيطرة على قرى جديدة بريف إدلب الجنوبي، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام ترافقت مع عمليات قصف عنيفة من الطيران الحربي.
وفي موازاة ذلك، شكّكت المعارضة بتصريحات رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي سالم مسلط، الذي أعلن أن الدخول إلى إدلب مدرج على جدول القوات الكردية، بينما قالت مصادر قيادية كردية لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن، ليست هناك وعود أو اتفاق عسكري مع (قوات سوريا الديمقراطية) لدخول إدلب، والكلام عن هذا الموضوع لا يزال في إطاره السياسي».
وقال كل من مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، وقيادي في «الجيش الحر»، لـ«الشرق الأوسط» أنه «إضافة إلى الأسباب السياسية، فإن (سوريا الديمقراطية) لا تملك القدرة العسكرية لدخول إدلب».
في المقابل، وفيما رفض مستشار الرئاسة المشتركة لـ«الاتحاد الديمقراطي»، سيهانوك ديبو، توضيح ما إذا كان هناك اتفاق أو بحث لمشاركة «سوريا الديمقراطية» في معركة إدلب، اكتفى بالقول: «انطلاقاً من مشروع هذه القوات، وعلاقاتها كما أهدافها التي ترتكز على محاربة الإرهاب، نعتبر أنه لا يمكن تحرير إدلب إلا بمشاركتها، ومن الخطأ اعتبار أن هذه المهمة مقتصرة على قوات النظام السوري، أو النظام التركي الذي يدعم فصائل عدّة موجودة في المنطقة»، على حد تعبيره.
وفي حديث مع وكالة أنباء «هاوار» الكردية، كان مسلم قد قال: «كثير من الدول والقوى في سوريا تخطط للدخول إلى إدلب، ومن بينها قواتنا، وسنكون على قدر المسؤولية في طرد جميع القوات الإرهابية منها».
واستمرت المعارك في إدلب، حيث تمكنت فصائل غرفة عمليات «رد الطغيان» من استعادة السيطرة على قرى جديدة في الريف الجنوبي، بعد مواجهات عنيفة مع قوات النظام ترافقت مع عمليات قصف عنيفة من الطيران الحربي.
وقال المرصد إن فصائل المعارضة تمكنت من تحقيق تقدم كبير، لتوسع سيطرتها إلى 17 قرية ومنطقة في ريف محافظة إدلب وأطراف ريف حماة، وهي: تل سلمو، وطلب، والدبشية، وسروج، والخوين، وتل مرق، ومشيرفة شمالي، والجدعانية، والوبيدة، وأم الخلاخيل، وخريبة، وربيعة، وتل خزنة، والزرزور، ومزارع الحسين، واصطبلات ورسم الورد.
وتسبب القتال العنيف بين الطرفين في سقوط مزيد من الخسائر البشرية من طرفي القتال، حيث ارتفع إلى 177 على الأقل عدد الذين قتلوا منذ مساء الأربعاء الماضي، حيث ارتفع إلى 82 على الأقل عدد قتلى قوات النظام والمسلحين الموالين لها، كما ارتفع إلى ما لا يقل عن 95، بينهم 6 قياديين من مقاتلي الفصائل، عدد من قضوا في القصف والاشتباكات ذاتها، بحسب المرصد الذي لفت إلى أسر الفصائل 31 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
وعلى جبهة ريف حلب الجنوبي، سيطرت قوات النظام خلال الساعات الـ24 الأخيرة على عشرات القرى والبلدات الواقعة في منطقة محاذية لمطار أبو الضهور العسكري، بعد طرد «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى منها، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «سيطرت قوات النظام خلال الـ24 ساعة على 79 قرية على الأقل في ريف حلب الجنوبي، المحاذي لمطار أبو الضهور العسكري».
وتخوض قوات النظام منذ 3 أسابيع معارك عنيفة ضد «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى للسيطرة على المطار الواقع في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، على الحدود مع محافظة حلب (شمال).
ونتيجة هذا الهجوم الذي دفع أكثر من مائة ألف مدني للنزوح منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول)، بحسب الأمم المتحدة، تمكنت من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في المنطقة، كما استطاعت قبل أيام دخول حرم المطار، قبل أن تتراجع إثر هجوم مضاد للفصائل.
ومن خلال هجومها في ريف حلب الجنوبي، تحاول قوات النظام التقدم إلى المطار من جهتي الشمال والشرق، بموازاة تقدمها جنوبه من إدلب.
وخرجت القرى والبلدات الواقعة في ريف حلب الجنوبي عن سيطرة قوات النظام منذ عام 2012، وفق المرصد الذي أفاد بأن «تقدم قوات النظام السريع سببه انهيار (هيئة تحرير الشام)، وانسحاب مقاتليها ومجموعات أخرى من المنطقة».
وإلى جانب السيطرة على المطار، تهدف قوات النظام إلى تأمين طريق حيوي يربط مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، بدمشق. وبحسب عبد الرحمن، فإن تقدمها الأخير يقربها من تحقيق هدفها، مع سيطرتها على عدد من القرى في محيط بلدة خناصر الاستراتيجية التي يمر عبرها الطريق الدولي.
وأوردت صحيفة «الوطن» السورية، القريبة من السلطات، على موقعها الإلكتروني، أن الجيش «حرر معظم مناطق ريف حلب الجنوبي الشرقي، بتقدمه من محورين ضد (جبهة النصرة) وحلفائها»، مشيرة إلى أنه «يلتف» حول المطار.
وسيطرت «هيئة تحرير الشام» (النصرة آنذاك)، مع فصائل معارضة في سبتمبر (أيلول) عام 2015، على مطار أبو الضهور بعد حصاره لنحو عامين. وكان يُشكل حينها آخر مركز عسكري لقوات النظام في محافظة إدلب.
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» حالياً على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، فيما يقتصر وجود الفصائل المقاتلة على مناطق محدودة.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.