تونس... انتقال ديمقراطي وضيق اقتصادي

TT

تونس... انتقال ديمقراطي وضيق اقتصادي

بعد سبع سنوات من الثورة على الفساد، تجد تونس نفسها في خضم احتجاج اجتماعي يرفع الشعارات ذاتها التي رفعتها الثورة «عمل، حرية، كرامة»، وسط شعور كثير من التونسيين باليأس من تحسن ظروف عيشهم.
يقول وليد (38 عاماً)، وهو عاطل عن العمل من مدينة طبربة غرب العاصمة، خلال إحياء تونس الذكرى السابعة للثورة «لا شيء تحقق منذ سبع سنوات. صحيح أننا حصلنا على الحرية، لكننا أصبحنا أكثر جوعاً مما كنا في السابق».
وترى المحللة السياسية ألفة لملوم أن «هذه التعبئة الاجتماعية كشفت غضباً يشعر به السكان أنفسهم، الذين ثاروا في 2011، لكنهم لم يحصلوا على شيء من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية».
وكانت الثورة التونسية نقطة انطلاق ما بات يسمى «الربيع العربي»، وقد بدأت من مدينة سيدي بو زيد المهمشة في 17 من ديسمبر (كانون الأول) 2010 حين أحرق البائع المتجول الشاب محمد البوعزيزي نفسه. وأعقبت تلك البادرة اليائسة والغاضبة، حركة احتجاج على البطالة وغلاء المعيشة اندلعت سريعاً في البلاد بأسرها. وتحت الضغط الشعبي اضطر الرئيس زين العابدين بن علي، الذي حكم البلاد لـ23 سنة، للفرار في 14 من يناير (كانون الثاني) 2011.
ولئن تمكنت تونس حتى الآن من دفع انتقالها الديمقراطي، فإنها بقيت غارقة في الضيق الاقتصادي والاجتماعي، حيث أشار تقرير حديث للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أن «السنوات مرت وما زال المواطنون محرومين من الحقوق التي تجندوا لأجلها» في 2011.
وبحسب رئيس المنتدى مسعود الرمضاني، فإن تونس «أبقت على النموذج الاقتصادي ذاته، مع المشاكل ذاتها» التي كانت قائمة قبل الثورة، مضيفاً أن «الوضع ما انفك يتدهور».
وتابع التقرير أنه رغم الإنجازات الديمقراطية «فإن البطالة والبؤس والفوارق الاجتماعية والجهوية تفاقمت».
كما تأثر الاقتصاد التونسي بشدة بعدم الاستقرار الذي أعقب الثورة، وعانت السياحة التي تعد قطاعاً أساسياً ومورداً مهماً للعملة الصعبة، من انعكاسات اعتداءات شهدتها تونس في 2015. وإزاء هذه الصعوبات الاقتصادية اتجهت السلطات إلى صندوق النقد الدولي، الذي منح تونس في 2016 خط قروض بقيمة 2.4 مليار يورو على أربع سنوات، شرط خفض عجز الميزانية والعجز التجاري.
ورغم أن بعض الخبراء الاقتصاديين توقعوا أن تتجاوز نسبة النمو 2 في المائة في 2017، لكن بطالة الشباب تبقى عالية وتفوق 35 في المائة، بحسب منظمة العمل الدولية. كما تراجعت نسبة التمدرس إلى 96 في المائة. وفي هذا السياق أشار المنتدى إلى أنه تم تسجيل مغادرة عشرة آلاف طفل المدارس الابتدائية، ومائة ألف الإعداديات والثانويات دون الحصول على أي مؤهل دراسي منذ 2011. وفي مؤشر على تنامي اليأس بلغت الهجرة السرية خريف 2017 مستوى قياسياً غير مسبوق منذ 2011.
وبين الاثنين والخميس الماضيين، رمى محتجون يافعون الحجارة والزجاجات الحارقة على قوات الأمن التي ردت بالغاز المسيل للدموع. وتوفي محتج في طبربة. كما تظاهر بضع مئات أول من أمس بهدوء في تونس العاصمة وصفاقس (وسط شرقي)، ثاني أكبر المدن التونسية، ضد إجراءات التقشف. ورفعوا «ورقة صفراء» رمزاً لتحذير الحكومة. وجرت هذه التحركات بدعوة من حملة «فاش نستناو» (ماذا ننتظر؟) التي انطلقت احتجاجاً على رفع الأسعار.
بيد أن تونس ماضية في البناء الديمقراطي.
ومن المقرر أن تنظم أول انتخابات بلدية بعد الثورة في مايو (أيار) 2018، وذلك بعد تأجيل موعدها مراراً، وهي انتخابات مرتقبة لترسيخ البناء الديمقراطي. كما ينتظر تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2019.
وفي تقرير الخميس، أكدت مجموعة الأزمات الدولية أن عدم الثقة بين أبرز أحزاب الحكم هي التي تعرقل إرساء الهيئات الدستورية الأساسية. ودعا التقرير إلى إرساء المحكمة الدستورية العليا قبل انتخابات 2018 و2019.
لكن لملوم ترى أن «طاقة المقاومة لا تزال موجودة، وتونس التي حلمنا بها لا تزال (رايتها) مرفوعة بسواعد شبان يعملون بهمة، حتى وإن تطلب الأمر وقتاً».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.