لبنان: طبخة قانون العفو العام نضجت... واستثناءاته محدودة

TT

لبنان: طبخة قانون العفو العام نضجت... واستثناءاته محدودة

يترقب آلاف الموقوفين والمحكومين القابعين في السجون اللبنانية، ومعهم عائلاتهم، مشروع قانون العفو العام الذي بدأ يطبخ في الكواليس السياسية، لمعرفة حيثياته، ومن سيشمل هذا العفو ومن يستثني، إلا أن الأجواء التي استشفتها «لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين» خلال لقائها الأخير مع رئيس الحكومة سعد الحريري، أعطتهم جرعة تفاؤل قوية، بعدما قدم لهم الأخير وعداً بقرب صدور هذا العفو الذي سيشمل الجميع، لكنه يستثني بطبيعة الحال الجرائم المحالة على المجلس العدلي، أي جرائم الاعتداء على أمن الدولة، والتفجيرات والاغتيالات السياسية، وكذلك العناصر المتورطة بخطف وذبح جنود الجيش اللبناني في جرود عرسال.
وتتعدد الروايات حول الآلية المتبعة في مشروع القانون، وكذلك المحاذير والخوف من بروز عقبات تطيح به وبالرهان عليه، إلا أن المحامي محمد صبلوح وكيل عدد كبير من «الموقوفين الإسلاميين»، الذي يشارك في لقاءات لجنة الأهالي مع القيادات السياسية والأمنية، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري «وعد الأهالي بصدور قانون العفو قبل نهاية يناير (كانون الثاني) الحالي، وأبلغهم أنه أخذ وعداً من رئيس الجمهورية ميشال عون، بالموافقة على هذا العفو، الذي سيشمل معظم الموقوفين الإسلاميين».
ويبدو أن مصلحة معظم القوى السياسية تتقاطع مع قانون العفو، ليكون ثاني عفو عام يصدر بعد القانون المماثل في العام 1991، الذي صدر غداة انتهاء الحرب الأهلية، والذي استثنى الجرائم المحالة على المجلس العدلي التي طالت قادة سياسيين ورجال دين وسفراء.
وكشف المحامي صبلوح أن المشاركين في «ندوة (فندق) البريستول» الأسبوع الماضي «تلقوا رسالة من الرئيس ميشال عون، يُفهم منها أنه لم يعد هناك «فيتو» على الموقوفين الإسلاميين، وأنه لا يمانع من العدالة والعفو العام». ولفت أيضاً إلى أن «النائب بهية الحريري (عمّة رئيس الحكومة سعد الحريري)، التقت قبل يومين أهالي موقوفي ومحكومي أحداث عبرا (شرق مدينة صيدا)، وأبلغتهم أن مسودة القانون باتت جاهزة، وهي قيد النقاش في الدوائر المعنية». هذه الأجواء أيّد وجودها عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري، وإن لم يفصح عن مضامين القانون العتيد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «النقاشات في موضوع قانون العفو باتت في مرحلة متقدمة». وأكد أن الوضع «يتجه نحو الإيجابية، لأن الاعتراضات على العفو باتت أقلّ من ذي قبل، وهناك قناعة لدى قوى كبيرة بأن العفو يجب أن يشمل من طالتهم المعاناة لسنوات طويلة».
ورفض حوري الدخول في التفاصيل لكنه شدد على أن العمل بات متقدماً. وعن إمكان صدور قانون العفو قبل نهاية الشهر الحالي أو قبل موعد الانتخابات النيابية المقررة في السادس من مايو (أيار) المقبل، لفت حوري إلى أن الأمور «ليست مقيّدة بمهل زمنية، لكن هناك عملاً متقدماً».
ويتخوّف البعض أن يقتصر القانون على أشخاص ويستثني آخرين، بدوافع سياسية أو طائفية أو مذهبية، حيث تردد أن هذا القانون سيستثني أغلبية الموقوفين الإسلاميين، بعد الحديث عن إحالة ملفاتهم على المجلس العدلي، مثل أحداث عبرا التي حصلت بين الجيش اللبناني وأنصار الشيخ أحمد الأسير، ومعارك عرسال التي وقعت بين الجيش ومسلحي «جبهة النصرة» وتنظيم داعش.
المحامي صبلوح لفت إلى أن العفو «سيشمل بكل تأكيد موقوفي عبرا، لأن هؤلاء صدرت أحكام مبرمة بحقهم وبعضهم قضى عقوبته وخرج من السجن»، وتوقع أن يطال الاستثناء الأشخاص الذين ثبت دورهم في خطف عسكريين من الجيش اللبناني في عرسال ومن ثم تصفيتهم، مذكراً بأن «عدد الموقوفين الإسلاميين يبلغ 1300 شخص، بينما عملاء إسرائيل وعائلاتهم الذين كانوا في عداد (جيش لبنان الجنوبي) بقيادة العميل أنطوان لحد، يبلغ عددهم 4859 شخصاً، وهؤلاء سيشملهم العفو لأنهم يوصفون بـ(المبعدين قسراً)، علماً بأن أبناءهم ولدوا في إسرائيل، وتربوا على فكرة كراهية العرب»، بحسب ما قال. ودعا المحامي صبلوح إلى «عدم الكيل بمكيالين في موضوع الاعتداء على الجيش».
وفي بداية كلّ عهد رئاسي يعلّق السجناء والموقوفون آمالاً كبيرة على مبادرة الرئيس الجديد لإصدار عفو عام يشملهم، إلا أن ذلك لم يتحقق.
وكان المحامي صبلوح سلّم رئيس الحكومة سعد الحريري مشروع قانون عفو مدروس، بحيث تطبّق إجراءات العفو بطريقة تسلسلية، أي أن يكون المحكوم قد خضع للعقوبة، ونفذ القسم الأكبر منها، ويشمله العفو بأقل الخسائر، ويلحظ أنه «من ارتكب جريمة جنائية خلال خمس سنوات من تاريخ العفو عنه، يُعاد توقيفه وتطبّق بحقه العقوبتان».
ويشدد على أن «يستفيد من العفو الأشخاص المحكومون بعقوبات محددة في قانون العقوبات، الذين باتت أحكامهم مبرمة، شرط أن يبرزوا أمام اللجنة المختصة بدرس طلبات العفو إسقاطاً من الجهة المدعية (تراجعاً عن الدعوى)، وبراءة ذمة تؤكد حصولهم على تعويضاتهم». ويؤكد مشروع القانون على «ضرورة أن يشمل (العفو) الأشخاص الموقوفين والمتوارين عن الأنظار المدعى عليهم قبل صدور قانون العفو، ويلحظ إلغاء جميع القرارات الصادرة عن المحاكم القاضية بتجريد المحكوم عليهم من حقوقهم المدنية والسياسية الصادرة قبل تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.