مساع جديدة لبلورة تسوية لخلاف عون وبري

TT

مساع جديدة لبلورة تسوية لخلاف عون وبري

حمل الحراك السياسي في لبنان أمس مؤشرات على مساعٍ جديدة لبلورة تسوية للخلاف بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، على خلفية مرسوم أقدمية عام للضباط من دورة 1994 التي يصر بري على عدم دستوريتها لغياب توقيع وزير المال. وفيما أيد البطريرك الماروني بشارة الراعي موقف عون ووجهة نظره الدستورية حول المرسوم لجهة عدم حاجته إلى توقيع وزير المال، تمسك بري بـ«المناصفة واتفاق الطائف... ولا مجال للتفريط في هذا الموضوع».
واعتبر البطريرك الراعي بعد لقائه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، أمس، أن «مرسوم الأقدمية لا علاقة له بالمال والوزير المختص هو الدفاع وقد يضاف أيضا توقيع الداخلية، أما مرسوم الترقية فهو بحاجة لتوقيع وزير المال»، مشيراً إلى أنه «بإمكان الأمور أن تحل في جلسة واحدة والبلد لا يتحمل الخلافات».
ويقوم الخلاف بين الطرفين على اعتبار عون أن توقيع المرسوم من اختصاص الوزير المختص (وزير الدفاع) إلى جانب رئيسي الجمهورية والحكومة، كونه لا تترتب عليه الآن نفقات مالية، بينما يرى بري أن المرسوم يحتاج إلى توقيع وزير المال لأنه بعد فترة، ستُمنح لهؤلاء الضباط ترقية قبل زملائهم، وهذه الترقية تترتب عليها أعباء مالية، وهو ما يستوجب توقيع وزير المال على المرسوم.
وبينما بقيت الأمور عالقة بين الطرفين على خلفية أسباب دستورية وقانونية، قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إن «أسباب الأزمة سياسية وليست تقنية»، موضحاً: «إنها ذات إبعاد سياسية»، ونفى في الوقت نفسه انسحابه من الوساطة بين الرئيسين.
وتفعل خط الوساطة بين الطرفين منذ انطلاق الأزمة بينهما الشهر الماضي، وكان آخرها مبادرة حمّلها بري إلى رئيس الحكومة سعد الحريري مع النائب وليد جنبلاط. والتقى غطاس خوري، وزير الثقافة المقرب من الحريري، رئيس البرلمان، وقال بعد اجتماعه معه: «إننا تطرقنا إلى الأوضاع السياسية»، مكتفياً بالإضافة أن «الأجواء إيجابية والأمور تتجه نحو الحل».
إلى ذلك، لم يبدد وزير الداخلية نهاد المشنوق الأجواء التي توحي بتعقيدات تحيط بالملف، إذ شدد على «إننا مؤمنون بالتسوية وملتزمون الاستقرار، والرئيس الحريري لا يوفر جهداً في عمله الحكومي بتقديم أفكار ومشاريع وملفات، والتعاون مثمر بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري والحريري». وأضاف: «أبو مصطفى (بري) زعلان شوي لكن بسيطة، قلبه كبير ويتسع». وتابع: «لبنان وسط الحرائق التي تحيط به تبقى مشاكله مقدوراً عليها ويمكن حلها، إن في الأمن أو في السياسة أو في النقد».
وقال المشنوق إن «التعاون المثمر بين الرؤساء الثلاثة هو الذي ثبّت الاستقرار، وأنجز تشكيلات دبلوماسية وقضائية، وإن كنت لا أوافق على بعضها، وأنجز إصدار مراسيم النفط وأنجز الشراكة مع القطاع الخاص التي ستفتح آفاقا لتنفيذ مشاريع من خارج مالية الدولة التي لا تتحمل، وذلك بفضل مثابرة الرئيس سعد الحريري ومتابعته».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.