السودان يعلن استعداده لمواجهة احتمال {تهديدات أمنية مصرية ـ إريترية}

القاهرة تتفادى التصعيد مع الخرطوم... وتدعو إلى عدم «تسميم الأجواء»

الرئيس السيسي خلال استقباله نظيره الإريتري في القصر الرئاسي بالقاهرة (أ.ب)
الرئيس السيسي خلال استقباله نظيره الإريتري في القصر الرئاسي بالقاهرة (أ.ب)
TT

السودان يعلن استعداده لمواجهة احتمال {تهديدات أمنية مصرية ـ إريترية}

الرئيس السيسي خلال استقباله نظيره الإريتري في القصر الرئاسي بالقاهرة (أ.ب)
الرئيس السيسي خلال استقباله نظيره الإريتري في القصر الرئاسي بالقاهرة (أ.ب)

أعلن السودان رسميا استعداده لمواجهة تهديد يستهدف أمنه واستقراره من طرف دولتي جواره مصر وإريتريا، عبر حدود ولاية كسلا السودانية ودولة إريتريا.
وأغلق السودان حدوده الشرقية مع دولة إريتريا، ونشر آلاف الجنود في الولاية، وبالقرب من الحدود المشتركة، وذلك بعد إعلان الرئيس عمر البشير فرض حالة الطوارئ في ولايتي كسلا وشمال كردفان في 30 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وذكرت التصريحات الرسمية وقتها أن إغلاق الحدود، ونقل الجنود إلى شرق البلاد، يهدف إلى نزع السلاح، ومحاربة التهريب وعصابات الاتجار بالبشر.
بيد أن إبراهيم محمود، مساعد الرئيس ونائبه في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، كشف لأول مرة، عقب اجتماع للمكتب القيادي للحزب الحاكم، أنهم تلقوا {معلومات أمنية عن تهديدات محتملة، قد تأتي من مصر وإريتريا ناحية منطقة ساوا الإريترية}.
وأوضح محمود أن اجتماع قيادة الحزب الحاكم، الذي انعقد مساء أول من أمس واستمر حتى صباح أمس، {وجه بمواصلة الترتيبات الأمنية على الحدود الشرقية للبلاد، وبمواجهة تهديدات محتملة ومشتركة من كل مصر وإريتريا}.
وقال محمود إن اجتماع المكتب القيادي للحزب الحاكم تلقى «تنويرا من النائب الأول للرئيس بكري حسن صالح، يتعلق بتهديدات قد تحدث في بعض الولايات، خصوصا من جهة ولاية كسلا، وهناك معلومات وردت بشأن تحركات مصرية إريترية، بمنطقة ساوا قرب حدود كسلا».
وزار النائب الأول للبشير أواخر الشهر الماضي دولة إريتريا ليومين، التقى خلالها القيادة الإريترية. وأثارت الزيارة المفاجئة علامات استفهام كبيرة، سيما أن صالح ليس من المسؤولين الذين يسافرون باستمرار، وبقيت أهداف الزيارة وما تمخض عنها طي الكتمان.
وبخصوص العلاقة مع مصر، فإن سفير السودان لدى مصر موجود في بلاده منذ أكثر من أسبوع، وذلك بعد استدعائه على خلفية توتر حاد شاب علاقات البلدين، ورفعت حدته حملات إعلامية مصرية منسقة على السودان، بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للسودان الشهر الماضي.
وذكر مساعد البشير أن قيادة حزبه اطمأنت على الترتيبات الأمنية، ووجهت بمواصلتها تحسبا لأي تهديدات محتملة لأمن وسلامة واستقرار البلاد، وقال إن «السودان أصبح واحدا من الدول الأكثر أمنا في محيطه الإقليمي».
وأوضح محمود أن حكومته تقوم بتحركات سياسية ودبلوماسية، تتعلق بالأوضاع المتوترة بين السودان والبلدين الجارين، بيد أنه قطع بعدم رغبة السودان في إثارة أي مشكلة مع جيرانه في المستقبل، وبأنه يسعى لمزيد من التعاون مع دول الجوار كافة، ودول الإقليم والعالم.
وضمن هذه الجهود التقى رئيس أركان الجيش السوداني الفريق عماد عدوي، الاثنين الماضي، رئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريام ديسالين، على هامش مشاركته في اجتماعات وزراء دفاع أعضاء الاتحاد الأفريقي، نقل له خلالها مستجدات الأوضاع على الحدود السودانية.
ومنذ سيطرة القوات المصرية على مثلث حلايب، المتنازع عليه بين السودان ومصر منذ 1995 إثر محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا، ظل يشكل قلقا مستديما لعلاقات البلدين، وذلك على الرغم من أن النزاع على حلايب ليس وليد ذلك التاريخ.
ودأب السودان على تجديد شكواه لمجلس الأمن بخصوص ملف النزاع على مثلث حلايب سنويا منذ 1958. ووزعت الخارجية السودانية الاثنين، عبر مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، خطاب الشكوى السوداني على أعضاء مجلس الأمن، باعتباره وثيقة رسمية من وثائقه.
كما زاد التوتر حدة بين مصر والسودان، بسبب موقف الأخيرة من سد النهضة المؤيد للموقف الإثيوبي، الذي ترى مصر أنه يهدد مصالحها المائية، فيما يرى السودان أنه يحفظ له حصته من مياه النيل، التي كانت تذهب لمصر، ويزوده بطاقة كهربائية رخيصة.
من جانبها، سعت مصر إلى تجنب التصعيد مع السودان أمس، إذ تفادت مصادر رسمية مسؤولة الرد على اتهامات سودانية، تتعلق بتحركات عسكرية مصرية بالقرب من الحدود السودانية مع إريتريا.
ورفض المتحدثان الرسميان باسم وزارتي الدفاع والخارجية المصريتين، التعليق على اتهامات مساعد الرئيس السوداني، في اتصالين مع «الشرق الأوسط». واكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد بالقول إن الموقف المصري حيال السودان سبق أن «عبر عنه وزير الخارجية سامح شكري في أكثر من مناسبة».
وكان شكري قد أجاب خلال مؤتمر صحافي أمس مع وزير الخارجية التنزاني عن موقف بلاده إزاء التوترات الأخيرة مع السودان، قائلا إن مصر «دائما لديها أمل في أن تشهد العلاقات (مع السودان) القدر الكافي بما يراعي تطلعات الشعبين ومصلحتهما، وفقا للاتفاقيات السابقة... وهذا يتطلب جهدا وانفتاحا لسياسات تكون داعمة لهذا التوجه... وهذا تطلع مصر دائما».
وأشار شكري إلى اتفاق الحريات الأربع بين الجانبين (الدخول، والخروج، والتنقل، والامتلاك)، قائلا إن «هناك بعض العثرات التي تواجه هذا التنفيذ، فضلا عن بعض المشاورات الجارية بالنسبة للتوازن في إطار التنفيذ الكامل لهذه الحريات التي لم تصل للتنفيذ بشكل كامل ومتكافئ».
وأبلغ مصدر سياسي مصري مطلع «الشرق الأوسط» أمس أن «بلاده ترغب في تهدئة الأجواء مع السودان في هذه الآونة... وتأمل ألا يكون السودان مخلبا لقوة إقليمية تريد الضغط على مصر وتسميم الأجواء».
وشدد المصدر المطلع، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «بلاده لديها مصالح دائمة وحيوية مع السودان لا تقع فقط في ملف المياه، لكنها تشمل أيضا وجودا عسكريا مصريا في منطقة دارفور ضمن قوات حفظ السلام الدولية».
وكشف المصدر عن «دور خليجي ستبرز ملامحه قريبا في إطار وساطة للتهدئة بين البلدين».
وكانت الخرطوم قد أعلنت السبت الماضي عن إغلاق المعابر الحدودية مع إريتريا، وربطت الحكومة الأمر بمرسوم رئاسي صدر في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بإعلان الطوارئ في ولاية كسلا الحدودية لمدة ستة أشهر، على خلفية انتشار السلاح وتدهور الأوضاع الأمنية.
لكن وسائل إعلام سودانية أرجعت إغلاق الحدود، وإرسال تعزيزات عسكرية، وإعلان «التعبئة والاستنفار» في كسلا، إلى ما قالت إنها حشود عسكرية مصرية - إريترية، ومن حركات دارفورية متمردة موجودة في الجانب الإريتري من الحدود.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.