مساعٍ لتنفيذ المرحلة الثانية من خفض مهمة «يوناميد» في دارفور

مجلس الأمن يرحب باستمرار وقف الاشتباكات بين القوات الحكومية السودانية والمعارضة

TT

مساعٍ لتنفيذ المرحلة الثانية من خفض مهمة «يوناميد» في دارفور

أكد مسؤولون في الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» أن المساعي جارية من أجل تنفيذ المرحلة الثانية من عملية خفض عدد أفراد البعثة المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) في يونيو (حزيران) المقبل، وذلك بسبب «التحسن المطرد» في عملية السلام بين الحكومة السودانية والجماعات المسلحة في الإقليم.
وظهر هذا التوجه لدى المسؤولين الدوليين خلال اجتماع عقده مجلس الأمن، واستمع فيه إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام جان - بيار لاكروا حول التقرير الدوري للأمين العام أنطونيو غوتيريش في شأن أداء البعثة المختلطة.
وقال عمر دهب، المندوب السوداني الدائم لدى الأمم المتحدة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل المؤشرات تفيد إلى أن مجلس الأمن يتجه إلى خفض مهمة (يوناميد) بفضل التحسن الملحوظ في الأوضاع على الأرض»، ملاحظا أن «هناك إجماعا بين أعضاء المجلس والأسرة الدولية للإشادة بالخطوات التي تتخذها الحكومة السودانية من أجل إحلال السلام في البلاد».
ويتسق هذا الكلام مع توجه عام موجود لدى المنظمة الدولية، التي تواجه أيضا ضغوطا متزايدة من الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب لخفض ميزانية عمليات حفظ السلام، وتحسين فاعليتها عبر العالم.
وأوضح دهب لأعضاء مجلس الأمن أن الحكومة تتقدم «نحو تعزيز واستدامة السلام في تنفيذ المشاريع المساعدة، وأهمها جمع السلاح من أيدي المواطنين بعد انتهاء الأسباب التي دفعتهم إلى اقتنائه»، مؤكدا أن هذه العملية «تسير بصورة ممتازة، حسب ما هو مخطط لها، رغم قلة الموارد وشح الإمكانات». كما رحب بالإجراءات التي اتخذتها «يوناميد».
بدوره، عكس لاكروا في إحاطته التحسن المطرد، الذي يجري على أرض الواقع في الإقليم، حيث سلط الضوء على إذن المجلس بخفض عدد أفراد بعثة «يوناميد» من العسكريين والمدنيين، وتسليم 11 موقعا من البعثة إلى الحكومة السودانية، فضلا عن طلب إجراء تقييم مكتوب بحلول الأول من يناير (كانون الثاني) للأشهر الستة الأولى من إعادة تشكيل البعثة، مضيفا أن الفريق المشترك من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة أجرى تقويما حول التمثيل بالتعاون مع «يوناميد» والفرق الإنسانية المحلية.
وأنجزت المرحلة الأولى من عملية إعادة التشكيل قبل الموعد النهائي المحدد في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إذ جرى إغلاق 11 موقعا للمهمة المشتركة في 31 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأكد لاكروا أن الحكومة السودانية تتعاون لتسهيل إعادة الوحدات العسكرية إلى أماكنها الأصلية وتسليمها للمواقع، موضحا أنه على الرغم من أن الفترة المشمولة بالتقرير لم تشهد أي اشتباكات مسلحة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة في دارفور، فإن السمة الرئيسية في ذلك الوقت كانت الشروع في المرحلة «القوية» لحملة جمع الأسلحة.
ومع تحرك العملية المختلطة نحو تنفيذ المرحلة الثانية، أوصى لاكروا مجلس الأمن بأن ينظر في ضرورة إجراء استعراض للنظر في مفهوم جديد للبعثات، في سياق تجديد ولاية العملية المختلطة.
من جهته، أشار المندوب الإثيوبي، تيكيدا آليمو، أيضا إلى عملية جمع الأسلحة، مبرزا أنه يأمل في أن يواصل خفض مستوى العنف المسلح في دارفور، وأن يهيئ الظروف اللازمة لعودة النازحين، واعتبر ذلك أحد أكبر التحديات التي تواجه تحقيق سلام مستدام.
أما ممثل غينيا الاستوائية فقد شدد على أنه «نظرا لأن الصدامات بين الحكومة والحركات المسلحة قد انخفضت بشكل كبير، فإن التركيز قد يكون الآن على العملية السياسية». وقال إنه يتعين حل النزاع من خلال هذه العملية، والتعامل مع النزاعات على الأراضي، ونزع سلاح السكان المدنيين والميليشيات.
وعلى أثر الاجتماع، رحب أعضاء المجلس بتقرير التقييم المشترك من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في شأن المرحلة الأولى من إعادة تشكيل المهمة المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد)، و«عدم وجود أي نتائج سلبية حتى الآن». وأشادوا بـ«التعاون الجيد بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتنفيذ المرحلة الأولى من إعادة التشكيل». كما رحبوا «باستمرار وقف الاشتباكات المسلحة بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، بالإضافة إلى تمديد وقف الأعمال العدائية أحاديا»، مشددين على «أهمية استخدام هذا الوقت لإحراز تقدم في عملية السلام المتوقفة حالياً».
وطالب أعضاء المجلس الحركات المسلحة غير الموقعة على الاتفاق «بالامتناع عن عرقلة تنفيذ قانون نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج»، داعين الأطراف الموقعة على «التنفيذ التام لوثيقة نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج». كما شجعوا العملية المختلطة والفريق القطري التابع للأمم المتحدة على «المشاركة بشكل كامل في دعم تنفيذ وثيقة تنمية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تشكل إطارا صالحا للسلم في دارفور».
كما عبر أعضاء المجلس عن «القلق من التحديات الإنسانية الجارية، بما في ذلك وجود مليونين ومائة ألف نازح يحتاجون إلى المساعدة»، ورحبوا بالاتفاق الذي وقعته الحكومة السودانية في 8 من يناير الماضي بشأن فتح قاعدة عمل مؤقتة للعملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور، في كل من غولو وجبل مرة، لكنهم تأسفوا لعدم احترام الجدول الزمني الذي حدده القرار «2363»، وأكدوا على «ضرورة ضمان عدم حدوث أي تأخير آخر في فتح القاعدة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».