«بروتين فيروسي» ينشط الذاكرة ويعزز الإدراك

عثر العلماء على بروتين يلعب دورا مهما في عمليات الإدراك، والذاكرة بعيدة المدى... يشابه البروتينات التي تفرزها الفيروسات.
ويتسم البروتين المسمى «آرك» Arc بخصائص مشابهة للفيروسات التي تقوم بعدوى خلايا الجسم عند النفاذ داخلها، وينبع أصله وفقا للعلماء من حدث تطوري وقع بالصدفة وقع قبل مئات الملايين من السنين.
وقال جايسون شيفرد الباحث في علوم الأعصاب بجامعة يوتاه الأميركية المشرف على الدراسة المنشورة في مجلة «سيل» (الخلية)، إن وجود بروتين مماثل للبروتينات الفيروسات، يعتبر أساسا لإقامة اتصالات بين خلية وأخرى داخل المخ، سيقود إلى تغيير مفاهيم تشكيل الذاكرة.
وشك الفريق العلمي بوجود صفات غريبة في البروتين عند تصوير هيكله الذي أظهر أن البروتين يتجمع في بنية كبيرة، على هيئة تماثل «عبوة من عربة فضائية على القمر». وتظهر مثل هذه البنية لدى الفيروسات التقهقرية، وأحدها فيروس «إتس آي في» المسبب لمرض الايدز.
وقال شيفرد الذي درس البروتين على مدى 15 عاما: «في ذلك الوقت لم نكن نعرف الشيء الكثير عن وظيفة (آرك) على مستوى الجزيئات أو تاريخ نشوئه وتطوره... إلا أن رؤيتنا لهيكله جعلنا ندرك أهميته».
وكانت الأبحاث السابقة قد وجدت أن فقدان هذا البروتين لدى الفئران يقودها إلى نسيان الأحداث التي تعلمتها خلال الـ24 ساعة السابقة. كما أن أمخاخها بدأت تفقد مرونتها. ويوجد داخل المخ ما يشبه النافذة الزمنية المبكرة التي يعمل فيها المخ مثل إسفنجة تمتص المعلومات والمهارات. ومن دون بروتين «آرك» فإن تلك النافذة لا تفتح أبدا.
وبعد دراستهم لبنية وهيكل البروتين، وجد الباحثون أن المناطق التي توجد فيها الرموز الجينية تماثل المناطق الموجودة في هيكل أو غطاء الفيروسات التي توظفه عادة لنقل العدوى من خلية إلى أخرى في الجسم.
ولأن البروتين يبدو مثل بروتينات الفيروسات وضع الباحثون سلسلة من طرق الاختبار للكشف عما إذا كان يتصرف مثل الفيروسات. وأظهرت التجارب على خلايا عصبية من مخ الفئران في أوعية الاختبار أنه ينتقل من خلية إلى أخرى مثل الفيروسات.
ويرجع أصل «آرك» إلى 350 - 400 مليون سنة مضت عندما أصيبت الأحياء التي تمشي على أربع أرجل بواحد من أسلاف الفيروسات التقهقرية ودخلت تركيبة تلك الفيروسات الجينية إلى داخل الحمض النووي «دي إن إيه» لتلك الحيوانات، وأدت تلك الصدفة لاحقا إلى انتقال «آرك» نحو الحيوانات اللبونة (الثدييات).