مئات المستوطنين يهاجمون قرى نابلس بالحجارة والقنابل

السفير الأميركي يحمل السلطة المسؤولية في حادثة مقتل مستوطن

قوات إسرائيلية تُغلِق الطريق المؤدي إلى المنطقة التي قتل فيها المستوطن أمس بالقرب من قرية جت بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تُغلِق الطريق المؤدي إلى المنطقة التي قتل فيها المستوطن أمس بالقرب من قرية جت بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

مئات المستوطنين يهاجمون قرى نابلس بالحجارة والقنابل

قوات إسرائيلية تُغلِق الطريق المؤدي إلى المنطقة التي قتل فيها المستوطن أمس بالقرب من قرية جت بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تُغلِق الطريق المؤدي إلى المنطقة التي قتل فيها المستوطن أمس بالقرب من قرية جت بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

هاجم مئات المستوطنين اليهود، الفلسطينيين في منطقة نابلس، منذ مساء أول من أمس، وحتى مساء أمس (الأربعاء)، انتقاماً لمقتل مستوطن في إحدى البؤر الاستيطانية. وحمى جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي المستوطنين، وفرضوا حصاراً كاملاً على المنطقة، بدعوى التفتيش عن منفذي العملية. وتسابق وزراء اليمين الإسرائيلي في الردّ على العملية بمزيد من الاستيطان. وطالبوا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بدعوة المجلس الوزاري الأمني المصغر لاتخاذ سلسلة من الإجراءات الثأرية.
وكان المستوطن رازيئيل شيباح (35 عاماً)، قد لقي مصرعه بالرصاص، بالقرب من البؤرة الاستيطانية التي يقيم فيها، «حفات غلعاد» غرب نابلس، التي تُعتَبَر حتى بنظر الإسرائيليين غير قانونية. وكشف تحقيق أولي في الهجوم أن فلسطينيين أطلقوا النار على شيباح أثناء سفره بسيارته على طريق رقم 60 وهربوا. وأُصِيب شيباح بجراح بالغة في الجزء العلوي من جسده، وبعد تقديم الإسعاف الأوليّ له في المكان، نقله المسعفون من «نجمة داود الحمراء»، بمساعدة قوة طبية تابعة للجيش الإسرائيلي، إلى مستشفى مئير في كفار سابا، حيث أُعلِن هناك عن وفاته.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قوات كبيرة قامت بعمليات تفتيش في المنطقة لتحديد مكان المخربين الذين نفذوا الهجوم. وأمر قائد المنطقة الوسطى، الجنرال روني نوما، بفحص الداخلين والخارجين من نابلس، ونشر الجنود وحواجز الطرق في المنطقة. وقال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، معقباً على الحادث، إن «قوات الأمن ستبذل كل ما يمكن من أجل الوصول إلى القاتل المقيت، ودولة إسرائيل ستعاقبه». وقال رئيس المجلس الإقليمي شومرون، يوسي دغان: «لن نستسلم للإرهاب».
وقال مجلس المستوطنين «ييشاع»: «اليوم فقط تم نشر قائمة المدفوعات التي قدمتها السلطة الفلسطينية للإرهابيين وأسرهم. في العام الماضي، دفعت السلطة الفلسطينية للأسرى وعائلات الانتحاريين أكثر من مليار شيقل، بهدف دعم الإرهاب وزيادته. نطالب رئيس الوزراء بوقف هذا الأمر الذي يشجع الإرهاب في دولة إسرائيل. نعتمد على جنود الجيش الإسرائيلي في القبض على الإرهابيين الذين ينبغي محاسبتهم على أفعالهم».
وقال وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، صباح أمس، إنه أصدر تعليمات بفحص إمكانية شرعنة البؤرة الاستيطانية «حفات غلعاد»، لتصبح مستوطنة «شرعية». وأكدت وزيرة القضاء، أييليت شاكيد، أن «الرد على العملية سيكون تسوية البؤرة الاستيطانية (حفات غلعاد)». وأضافت: «هم يريدون الاقتلاع، ونحن سنبني». وبحسبها، فإن «الفلسطينيين سوف يدركون أن قتل الإسرائيليين سوف يمسّ بهم أيضاً».
وفي ظلّ هذه الأجواء، تدفق مئات المستوطنين إلى الشوارع المحيطة بنابلس وراحوا يعتدون على السيارات الفلسطينية بالحجارة والشتائم وبإطلاق قنابل الصوت والدخان. وأغلقوا الطرقات ومنعوا السيارات من التحرك. وداهموا عدداً من البيوت في قرى المنطقة. وشرعوا بتنفيذ أعمال عربدة مختلفة، وقام عشرات المستوطنين من مستوطنة «ايتسهار» ظهر أمس، بأعمال تجريف واسعة النطاق بالقرب من قرية مادما جنوب نابلس. وقال غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، إن المستوطنين يحاولون الاستيلاء على مئات الدونمات بعد ساعات على مقتل مستوطن.
وشنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة قبل الماضية، حملة بحث وتمشيط واسعة اقتحمت خلالها عدداً من القرى الواقعة قرب مكان عملية إطلاق النار التي أدت إلى مقتل المستوطن. وأفاد المواطنون بأن جنود الاحتلال اقتحموا قرى صرة، وتل، وعراق بورين، والمناطق الجنوبية مثل نابلس الجديدة، ومنطقة المخفية، وصادروا كاميرات مراقبة. واعتقلوا طاقم التلفزيون الفلسطيني الذي بَثّ التقارير عن ممارساتهم بالبث الحي.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن قوات الاحتلال أبلغت الجانب الفلسطيني، رسمياً، عن «نشاط أمني في المنطقة المحيطة بمكان العملية حتى إشعار آخر، من دون الإبلاغ عن تفاصيل إضافية».
واستدعى الجيش الإسرائيلي قوات قوامها نحو ألفَي جندي، للقيام بإجراءات غير عادية في المنطقة. وفرض جيش الاحتلال إغلاقاً كاملاً على مدن وقرى محافظة نابلس، ما أدى إلى محاصرة مئات السيارات لمواطني إسرائيل العرب، الذين سهروا في نابلس ومنعتهم من العودة إلى قراهم ومدنهم في المثلث. وقالت وسائل إعلام عبرية إن «الجيش الإسرائيلي تلقى أمراً بشن عملية أمنية واسعة النطاق وغير عادية داخل قرى نابلس عقب مقتل المستوطن».
وأعلن «الشاباك» (جهاز المخابرات الإسرائيلية) أن عدد العمليات تضاعف ثلاث مرات منذ إعلان ترمب، الشهر الماضي، القدس عاصمة لإسرائيل، وأن قواته تسعى لِلجم هذا المسار.
وهاجم سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، أمس، السلطة الفلسطينية، وبدا أنه يحمِّلها قسطاً كبيراً من المسؤولية عن مقتل المستوطن، واتهمها بتشجيع العمليات عندما تدفع رواتب للأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم.
وكتب فريدمان في تغريدة على «تويتر»، أن المستوطن «قتل بدم بارد» من قبل فلسطينيين، مشيراً إلى أن حركة حماس امتدحت منفذي العملية. وتابع أن «قوانين السلطة الفلسطينية ستوفر لمنفذي العملية تعويضاً مالياً»، مضيفاً: «لا تبحثوا عن سبب عدم تحقيق السلام».
وينسجم موقف فريدمان مع الحملة التي أطلقتها وزارة الدفاع الإسرائيلية، بقيادة أفيغدور ليبرمان، لمحاربة السلطة الفلسطينية على قيامها بدفع الرواتب للأسرى ولعائلات الشهداء. وادعت الوزارة أن السلطة الفلسطينية دفعت في عام 2017 أكثر من 550 مليون شيقل لأسرى محررين ولعائلات الأسرى، كما دفعت لذوي الشهداء والجرحى نحو 687 مليون شيقل.
وردت وزارة الخارجية الفلسطينية على فريدمان فاتهمته بمساندة اليمين المتطرف في إسرائيل الذي يسعى لسن «قانون مخصصات الشهداء والأسرى»، حيث يؤكد مواقفه الانتقائية التي تعبر عن انحيازه التام للاحتلال والاستيطان، وتنكره لقضية شعبنا الفلسطيني، وحقوقه الوطنية العادلة، والمشروعة.
وتساءلت: «أين فريدمان من عملية اغتيال المقعد إبراهيم أبو ثريا على الشريط الحدودي في قطاع غزة، وغيره من مئات الفلسطينيين الذين أعدمتهم قوات الاحتلال بدم بارد وأمام كاميرات التلفزة، وفي وضح النهار؟! أين كان سفير واشنطن من عملية الاختطاف التي تعرضت لها الطفلة عهد التميمي، ومئات الأطفال من بين أحضان أسرهم في ساعات الليل المتأخرة وعمليات الترهيب والتعذيب التي يتعرضون لها هم وأُسرهم؟! وأين هو من اعترافات الشرطة الإسرائيلية قبل أيام بإعدام أكثر من 200 مواطن فلسطيني أعزل، لم يشكلوا أي خطر أو تهديد على جنود الاحتلال؟ لماذا لم يتألم فريدمان لمعاناة وألم وعذابات عائلاتهم وذويهم وأسرهم؟!



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».