تكثيف مشاورات اللحظة الأخيرة لتشكيل تحالف بين الكتل السنية

رئيس الوزراء يتمسك بموعد الانتخابات ويستنكر «دعايات كاذبة» لتأجيلها

العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي مساء أول من أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي مساء أول من أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

تكثيف مشاورات اللحظة الأخيرة لتشكيل تحالف بين الكتل السنية

العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي مساء أول من أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي مساء أول من أمس (رئاسة الوزراء العراقية)

لليوم الخامس على التوالي، تواصل القيادات السُنية التي يضمها «تحالف القوى العراقية» وأحزاب وشخصيات من خارج هذا التحالف، اجتماعاتها من أجل بلورة صيغة لتحالف يخوض الانتخابات المقررة في مايو (أيار) المقبل، فيما لا يزال ممثلو السُنّة في البرلمان يدعون إلى تأجيل الانتخابات بسبب «عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها حيال إعادة النازحين وحصر السلاح بيد الدولة وتأمين بيئة سليمة للانتخابات». غير أن رئيس الوزراء حيدر العبادي تمسك بإجراء الانتخابات في موعدها. واستغرب خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، مساء أول من أمس، ترويج «دعايات كاذبة» لمحاولة تأجيلها.
وتحدثت قيادات سُنّية إلى «الشرق الأوسط» عن الآلية التي يمكن أن ينبثق عنها هذا التحالف وأطرافه، عشية انتهاء مهلة تسجيل الكيانات الانتخابية لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي مددت حتى مساء اليوم.
وقال رئيس الكتلة النيابية لـ«تحالف القوى العراقية» صلاح الجبوري لـ«الشرق الأوسط»: «رغم نهاية الموعد، فإننا لم نصل بعد إلى صيغة نهائية يمكن أن نعلن بها صيغة التحالف الجديد ومن هم الموقِّعون عليه». وأضاف أن «الساعات القادمة ستحسم كل شيء، نظراً إلى الموعد الذي حددته المفوضية».
وأشار الجبوري إلى أنه يخوض المفاوضات لتشكيل هذا التحالف «ليس بصفتي رئيساً لكتلة تحالف القوى، لأنها كتلة برلمانية وليست تحالفاً انتخابياً، بل بوصفي ممثلاً لتحالف خاص في محافظة ديالى».
وأكد رئيس حزب «التصحيح» النائب السابق الدكتور كامل الدليمي لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك رؤيتين من أجل الخروج بتحالف متماسك يمكنه تحقيق جزء، ولو يسيراً، من طموحات أبناء المناطق الغربية الذين أصيبوا بخيبة أمل كبيرة من جراء ما حدث لهم بعد دخول داعش واحتلال مدنهم ومحافظاتهم». وأوضح أن «هناك رؤية تتحدث عن إمكانية تشكيل تحالف عابر للطائفية تشترك به غالبية القوى السنية مع الدكتور إياد علاوي، وتحالف آخر يتحدث عن رؤية مكون متضرر ومناطق منكوبة يكون برنامجه الرئيسي هو إعادة الإعمار والنهوض بالواقع الخدمي وإعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية».
وأضاف الدليمي أن «هناك رؤية يجري إنضاجها، وقد تكون هي الأقرب للواقع، تضم الدكتور سليم الجبوري رئيس البرلمان الحالي وصالح المطلك وحزب تحالف القوى الذي يضم محمد تميم وحزب التصحيح الذي أتزعمه، فضلاً عن نواب مستقلين ووزراء سابقين».
في السياق نفسه، أكد النائب عن محافظة نينوى أحمد الجبوري أن «المحور الأبرز في هذه التحالفات هو محور الدكتور سليم الجبوري الذي يضم عدداً كبيراً من أبرز القيادات السنية، وهناك محور آخر يضم أسامة النجيفي ومعه عدد من القيادات السنية أيضاً، بينها أحمد المساري والشيخ وضاح السديد، فضلاً عن الحزب الإسلامي بزعامة إياد السامرائي». ولفت إلى وجود محور آخر «اختار أن يكون ضمن القوائم الوطنية العابرة ويمثله الدكتور إياد علاوي وفائق الشيخ، إذ بدأنا في إطار هذا التحالف ترتيب الأوراق في محافظة نينوى».
وقال النائب عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري إن «العادة جرت منذ الدورات الماضية على دخولي الانتخابات وحدي ضمن قائمة خاصة بي، ولم أذهب إلى أي تحالفات طائفية... فضلاً عن أنه من الصعب بالنسبة لي أن أكون تحت زعامة أحد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «قناعاتي الخاصة تذهب باتجاه أن أبقى مدنياً علمانياً، إذ سأخوض الانتخابات ضمن قائمة الوطن... وفيما يتعلق بالخارطة السنية فإنها تتغير حسب الدعم الخارجي فهناك دول وأطراف هي التي تعمل على رعاية بعض القوى السنية».
واعتبر أن «الشخصيات السنية البارزة الآن بدأت تحدد خياراتها طبقا للدعم والتأثير الخارجي». غير أنه كشف عن «وجود قائمة عربية موحدة في كركوك، حيث سيدخل العرب السنَّة في قائمة واحدة، ولا أتوقع أن أحداً يمكن أن يخرقها، وكذلك الأمر في ديالى حيث ستكون هناك قائمة عربية واحدة بسبب خصوصية المحافظتين».



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.