الرئيس الألماني إلى لبنان في زيارة هي الأولى من نوعها

يعول عليها لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين

TT

الرئيس الألماني إلى لبنان في زيارة هي الأولى من نوعها

في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس ألماني منذ 120 عاماً، يستقبل لبنان الرئيس فرنك فالتر شتاينماير نهاية الشهر الحالي تلبية لدعوة رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث من المتوقع أن يلتقي الرؤساء الثلاثة ويتفقد القوة الألمانية البحرية وتلك المشاركة في قوات اليونيفيل.
وتولي رئاسة الجمهورية اهتماماً خاصاً لهذه الزيارة التي سيقوم بها شتاينماير من 29 يناير (كانون الثاني) الحالي إلى 31 منه، بمرافقة زوجته ووفد رسمي. وستتركز المباحثات خلالها على الأوضاع العامة، وسبل تعزيز العلاقات اللبنانية – الألمانية، وتطويرها في المجالات كافة، بحسب بيان الرئاسة اللبنانية.
وتكتسب لقاءات الرئيس الألماني أهمية سياسية واقتصادية بالنسبة إلى لبنان ولعلاقته مع اللاعب الأكبر في سياسة الاتحاد الأوروبي، وتصفها مصادر متابعة بـ«المهمة» والجيدة لتطوير العلاقات مع أكبر دولة صناعية في أوروبا، وبخاصة أنها تأتي قبل ثلاثة مؤتمرات لدعم لبنان، وهي مؤتمر «بروكسل 2» حول أزمة النازحين و«باريس 4» الاقتصادي ومؤتمر «روما 2» لدعم الجيش والمؤسسات العسكرية والأمنية. وأشارت المصادر إلى أن للرئيس الألماني علاقة مميزة مع لبنان ومسؤوليه، وهو الذي كان وزيراً للخارجية الألمانية وزار لبنان خلال ولايته، وسجّلت له مواقف داعمة.
وكانت المستشارة الأميركية أنجيلا ميركل قالت خلال لقائها رئيس الحكومة سعد الحريري في برلين في شهر مايو (أيار) الماضي: إن «ألمانيا تعتبَر ثاني أكبر دولة مانحة للبنان، ونقدم دعماً مالياً بلغ أكثر من 286 مليون يورو في العام المنصرم (2016) ونساعد لبنان في مواجهة هذه الأزمة، كما أننا نحاول أن نستخدم هذه الأزمة من أجل إنعاش الديناميكية الاقتصادية في المنطقة. المهمة الرئيسية هي مساعدة اللاجئين، لكن أيضاً المجتمع المضيف، طالما أنه هو الذي يواجه عبء استضافة اللاجئين السوريين. وبالتالي، فإن المجتمع الدولي يجب ألا يعالج مشكلة اللاجئين فقط، بل أيضاً الدول المضيفة».
وتعهدت ألمانيا في مؤتمر بروكسل الأخير بتقديم مبلغ 2.3 مليار دولار أميركي للنازحين في سوريا ولبنان والأردن، وذلك على الفترة الممتدة بين 2017 و2020، وتقدر المساعدات التي قدمتها ألمانيا إلى لبنان بمليار دولار أميركي منذ عام 2015.
بدوره، أكد سفير ألمانيا لدى لبنان مارتن هوت، في حديث لـ«مجلة الأمن العام» في وقت سابق، أن «ألمانيا ملتزمة بمساعدة لبنان في موضوع النزوح السوري، وأن الخضات السياسية التي يمرّ بها لبنان لن تؤثر في هذا الملف»، مشيراً في الوقت عينه «إلى أن دعم الاقتصاد في لبنان يحتاج إلى درجة معينة من الاستقرار، ومن دون ذلك لن تتشجع أي شركة ألمانية على المجيء؛ لذا من مصلحة لبنان أن يحافظ على استقراره»، وأكد: «نحن بصفتنا مجتمعاً دولياً لا نهتم لمسألة اللاجئين فحسب، بل لمسألة الاستقرار الاقتصادي اللبناني أيضاً»، معتبراً أن انتخاب رئيس وتشكيل حكومة بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي شكّل قوة دفع إيجابية للبنان.
في هذا الإطار، يرى رئيس اتحاد غرف التجارة والزراعة والصناعة في لبنان، محمد شقير، أن توطيد العلاقة مع ألمانيا وزيارة رئيسها إلى لبنان لا بد أن تنعكس إيجاباً على العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أي زيارة لمسؤول إلى لبنان هي مهمة، وبخاصة في هذه المرحلة للتأكيد على أن لبنان ليس متروكاً ويلقى دعماً إقليمياً ودولياً، فكيف إذا كانت لرئيس أكبر دولة مصدرة في العالم والرابعة في قائمة الدولة التي يستورد منها لبنان، وبخاصة السيارات وأنواع الماكينات المختلفة، لكنه في المقابل لا يصدّر لها شيئاً». لافتاً إلى أنه حتى الآن لم يتّضح عما إذا كان سيرافق الرئيس الألماني وفد اقتصادي إلى لبنان أم لا.
وفي حين تعتبر الجالية اللبنانية في ألمانيا هي الأكبر بين الدول العربية، حيث يقدر عددها وفق مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني بنحو 114000 لبناني، يوجد في لبنان بحسب إحصاءات غرفة التجارة والصناعة الألمانية، أكثر من 400 شركة لبنانية تمثل شركات ألمانية أو ترتبط معها بعلاقات تجارية. وقد انخرطت شركات ألمانية كثيرة في مشروعات إعادة الإعمار في لبنان بعد الحرب، مثل مشروعات البنى التحتية، ومشروعات تأهيل وبناء محطات توليد الطاقة الكهربائية، وكذلك في مجال الهاتف الخليوي، بحسب موقع السفارة اللبنانية في ألمانيا.
ويعتبر لبنان سوقاً جيّدة للمنتجات الألمانيّة، كما وتعتبر ألمانيا الشريك الاقتصادي الخامس للبنان بعد إيطاليا، والصين، والولايات المتحدة وفرنسا. وبلغ حجم الصادرات الألمانيّة إلى لبنان خلال عام 2012 نحو 1187 مليون دولار أميركي (مليار ومائة وسبعة وثمانين مليون دولار أميركي)، وذلك بحسب المعطيات الإحصائية الصادرة عن مكتب الإحصاء الاتحادي. وأهم الصادرات الألمانية هي: السيارات، قطع الغيار، الأدوات الكهربائية، الأدوية، وبعض الصناعات الكيميائية، في المقابل قدّرت الصادرات اللبنانية إلى ألمانيا خلال عام 2012 بنحو 33.5 مليون دولار أميركي، على أن أهم الصادرات اللبنانية إلى ألمانيا هي المواد الغذائية والأقمشة.
ويتوزع نشاط المغتربين اللبنانيين، على قطاعات عدة، ولا سيما تجارة السيارات وخدمات المطاعم والمهن الحرة، بالإضافة إلى وجود عدد لا بأس به من الأطباء والمهندسين والمحامين وأصحاب الاختصاصات العلمية والأكاديمية الذين استطاعوا تبوء مناصب متقدمة في ألمانيا. ويعتبر أغلب اللبنانيين وجودهم في ألمانيا مؤقتاً، وهذا الأمر يدفعهم إلى توظيف جزء من مداخيلهم في لبنان بشكل مشروعات فردية أو تملك عقارات؛ مما يساهم في دعم الاقتصاد اللبناني.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».