الجيش البورمي يعترف بدور جنوده في قتل 10 من الروهينغا

توجيه تهمة انتهاك «أسرار الدولة» إلى صحافيين في «رويترز»

الصحافيان وا لون (وسط في الأمام) وكياو سوي أو (وسط في الخلف) يقتادان إلى السجن بعد رفع جلسة المحكمة أمس (إ.ب.أ)
الصحافيان وا لون (وسط في الأمام) وكياو سوي أو (وسط في الخلف) يقتادان إلى السجن بعد رفع جلسة المحكمة أمس (إ.ب.أ)
TT

الجيش البورمي يعترف بدور جنوده في قتل 10 من الروهينغا

الصحافيان وا لون (وسط في الأمام) وكياو سوي أو (وسط في الخلف) يقتادان إلى السجن بعد رفع جلسة المحكمة أمس (إ.ب.أ)
الصحافيان وا لون (وسط في الأمام) وكياو سوي أو (وسط في الخلف) يقتادان إلى السجن بعد رفع جلسة المحكمة أمس (إ.ب.أ)

اعترف الجيش البورمي بدور جنوده في قتل مسلمي الروهينغا، بعد أن أعلن عن العثور على جثث 10 أشخاص من أبناء الأقلية المسلمة المضطهدة في مقبرة جماعية بولاية راخين.
وقال بيان، نشر على صفحة القائد العام للجيش في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» على الإنترنت، كما نقلت عن الموقع الوكالة الألمانية، أنه سيتم معاقبة القرويين العرقيين من راخين وقوات الأمن وفقا للقانون بسبب مقتلى الروهينغا في قرية «ان دين» في الثاني من سبتمبر (أيلول) العام الماضي.
وتابع البيان أنه تم القبض على الروهينغا أولا ثم تم قتلهم. وقد بدأ الجيش تحقيقا في الحادث الشهر الماضي بعد العثور على مقبرة جماعية في مدافن القرية.
على صعيد آخر، تجمع نحو 30 صحافيا اتشح معظمهم بالسواد خارج المحكمة في رانجون بميانمار (بورما سابقا) احتجاجا على احتجاز اثنين من زملاء المهنة، يعملان في وكالة رويترز. وكتب عدد منهم شعارات على قمصانهم تقول: «الصحافة ليست جريمة» أو «أفرجوا عن الصحافيين المعتقلين الآن». ودعا الاتحاد الأوروبي سلطات ميانمار إلى الإفراج الفوري عن الصحافيين، وذلك بعد انعقاد جلسة المحكمة أمس الأربعاء وجه فيها الادعاء لهما اتهامات رسمية بموجب قانون الأسرار الرسمية. كما دعا مسؤولون بحكومات دول كبرى منها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وكذلك مسؤولون بارزون من الأمم المتحدة إلى الإفراج عن الصحافيين، وحث الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون على إطلاق سراحهما فورا. وانضمت منظمة العفو الدولية للمطالبين بالإفراج عن الصحافيين.
وكان الاثنان، وا لون (31 عاما) وكياو سوي أو (27 عاما) في 12 ديسمبر (كانون الأول) يشاركان في تغطية وكالة رويترز لأزمة الروهينغا المسلمين، الذين تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى فرار نحو مئات الآلاف منهم خلال حملة «التطهير العرقي» العسكرية الشرسة في ولاية راخين بغرب البلاد التي تسكنها الأقلية المسلمة.
واعتقل الاثنان بعد أن تلقيا دعوة للعشاء مع ضباط شرطة. وكان أقارب للصحافيين قد نقلوا عنهما أنهما اعتقلا فور أن سلمهما الضباط الذين ذهبا للقائهم بعض الوثائق. كما أعلنت الحكومة من قبل عن إلقاء القبض على ضابطي شرطة أيضا للتحقيق معهما للاشتباه بانتهاكهما قانون الأسرار الرسمية. وقال وا لون لأفراد أسرته والصحافيين الذين تجمعوا في قاعة المحكمة بعد الجلسة أثناء اقتياده مع زميله إلى خارج المحكمة لإعادتهما إلى سجن إينسين بمدينة يانجون بعد جلسة استغرقت نصف الساعة «أحاول أن أكون قويا، وأحاول ألا أقلق»، مضيفا: «لقد قاموا بإلقاء القبض علينا لأننا كنا نحاول كشف الحقيقة».
وحضر الجلسة ممثلون من الأمم المتحدة والسفارات الأسترالية والأميركية والاتحاد الأوروبي في ميانمار. وطالبت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بإطلاق سراحهما مرارا وذلك على خلفية القلق إزاء حرية الإعلام رغم وجود حكومة من المدنيين بقيادة أونغ سان سو تشي حائزة جائزة نوبل للسلام على رأس السلطة.
وصرح محاميهما خين مونغ زاو لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد طالبنا بإطلاق سراحهما بكفالة لكن المدعي العام رفض ذلك». وأضاف زاو أن ممثلي الادعاء وجهوا اتهامات لهما أمس الأربعاء في إطار المادة 3.1 (ج) من قانون الأسرار الرسمية الذي يرجع لعهد الاستعمار البريطاني عام 1923، مضيفا أن عقوبة مخالفته تصل إلى السجن 14 عاما. وتغطي هذه المادة الدخول إلى أماكن محظورة أو التقاط صور أو التعامل مع وثائق رسمية سرية «يحتمل أو يعتزم، بشكل مباشر أو غير مباشر، أن تفيد عدوا». وسبق أن قالت وزارة الإعلام نقلا عن الشرطة إن الصحافيين «اعتقلا لحيازتهما وثائق حكومية مهمة وسرية متصلة بولاية راخين وقوات الأمن». وأضافت الوزارة أنهما «حصلا على معلومات بطريقة غير قانونية بنية نشرها في وسائل إعلام أجنبية».
وتأجلت القضية حتى 23 الجاري. وقال زاو إن ممثل الادعاء اعترض على طلب الإفراج عن موكليه بكفالة. وأضاف أن المحكمة أخذت الطلب بعين الاعتبار وستبت فيه في الجلسة القادمة. قال رئيس تحرير وكالة رويترز ستيفن أدلر إنه يشعر بخيبة أمل بالغة إزاء سعي السلطات لمحاكمة الصحافيين. وأضاف: «نعتبر هذا هجوما سافرا لا مبرر له على الإطلاق على حرية الصحافة. يجب السماح لزميلينا بالعودة إلى عملهما في تغطية الأحداث في ميانمار. نرى أن الوقت ثمين ونواصل الدعوة إلى إطلاق سراح وا لون وكياو سوي أو فورا»، وذلك ضمن بيان صدر عقب الجلسة أمس الأربعاء.
وفي واحد من أشد بياناته صرامة، قال الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة ويعد من مانحي ميانمار الرئيسيين، إن قضية الصحافيين اختبار مهم لالتزام البلاد بتطوير المؤسسات الديمقراطية بعد حكم عسكري دام سنوات. وقال متحدث باسم الاتحاد: «بعد الاستماع للاتهامات الموجهة بموجب قانون الأسرار الرسمية لعام 1923، ما زلنا نتوقع أن تضمن سلطات ميانمار الحماية التامة لحقوق هذين الصحافيين والإفراج عنهما بأسرع ما يمكن». وأضاف: «الاتحاد الأوروبي يعتبر هذه القضية اختبارا مهما لالتزام ميانمار بحرية الصحافة وباستقلال القضاء وتطوير المؤسسات الديمقراطية».
ويقول الناشطون الحقوقيون أن ملاحقة الصحافيين في رويترز دليل على تراجع حرية الإعلام في البلاد رغم الآمال التي كانت معقودة على أونغ سان سو تشي منذ أن تولى حزبها الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية السلطة عام 2016، وتم اعتقال ما لا يقل عن 11 صحافيا في بورما في عام 2017 في إطار عملهم.
وفر أكثر من 655 ألفا من أفراد أقلية الروهينغا المسلمة من هذه المنطقة منذ نهاية أغسطس (آب) وبداية العملية العسكرية، التي اعتبرت من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان «نموذجا على عملية التطهير العرقي».
وتعتبر المفوضية أنه «لا يمكن استبعاد إمكان حصول أعمال إبادة» بحق الروهينغا بينما تنفي الحكومة هذه الاتهامات وفرضت رقابة مشددة على الإعلام ومنعت دخول الأمم المتحدة إلى منطقة النزاع.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.