المطلوب تفكيك «العقل المغلق»

«نحو تأسيس عصر ديني جديد» لمحمد الخشت

المطلوب تفكيك «العقل المغلق»
TT

المطلوب تفكيك «العقل المغلق»

المطلوب تفكيك «العقل المغلق»

للدكتور محمد عثمان الخشت، صدر كتاب جديد بعنوان: «نحو تأسيس عصر ديني جديد» والصادر عن دار «نيو بوك» بالقاهرة، عالج فيه موضوعا حساسا، متعلقاً ليس فقط بكيفية تجديد الخطاب الديني التقليدي، بل بالكيفية التي من خلالها يمكن للمسلمين أن يؤسسوا خطابا دينيا جديدا، ويدخلوا الزمن المعاصر بفاعلية كاملة. والتجديد عند المؤلف هو ليس مجرد ترميم للبناء القديم، بينما الأجدى هو إعادة البناء من جديد، وذلك لن يتأتى قط إلا بإقامة عمارة جديدة قوامها: مفاهيم ولغة جديدتان.
ويتأسف عثمان الخشت بداية على كون حركة الإصلاح التي ظهرت في مطلع العصور العربية الحديثة، لم تنتج علوما جديدة ولا واقعا جديدا، بل كل ما فعلته هو استعادة عصور الشقاق وحرب الفرق العقائدية والسياسية التي ضربت الأمة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه. وفشلت حركة النهضة من وجهة نظره في لم شمل الأمة، بل هي زادت من تمزقها، والواقع واضح. لهذا لا يطالب الخشت بـ«إحياء» علوم الدين بل بـ«تطوير» علوم الدين، فمشكلتنا منهجية بالأساس، ولا قائمة لنا دون تغيير «ماكينة التفكير» كليا والعمل بمسح الطاولة والبدء من جديد. وهنا يستلهم التجربة الغربية وكيف أنها دخلت العصور الحديثة حينما غيرت طريقة التفكير، خاصة مع الفيلسوف ديكارت، الأمر الذي دفع المؤلف إلى تخصيص فصل من الكتاب عن الشك المنهجي وضرورته للانطلاق، ليبين لنا، أن هذا الشك المنهجي ليس ضرورة علمية فقط، بل هو ضرورة إيمانية أيضا وصالح لكل العصور، متى استبدت الأبائية والتقليد وذيوع الاتباع. فعمل ديكارت، الذي افتتح عصر الحداثة بكتاب حول المنهج يدعو فيه إلى سحق كل غموض يواجه العقل، أو على الأقل تعليق الأحكام في حال العجز إلى أجل غير مسمى، والعمل على تدريب العقل على الوضوح في مجال العلوم، هو نفسه العمل الذي قام به أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، حينما رفض إسكات عقله تجاه مألوف كبار قومه، فهو أيضا قام بإعمال مطرقة الشك، التي امتدحها القرآن الكريم. فالشك المنهجي دعوة أصيلة ينبغي تشغيلها ضد كل موروث فاسد ومستبد. وطبعا يريد المؤلف أن يعلن من خلال دعوته إلى الشك المنهجي إلى ضرورة تنقية الإسلام من شوائب التاريخ التي علقت به وشوهت نقاءه وصفاءه الأصلي، أي العمل على العودة إلى «الإسلام المنسي» لا المعاش، أو بعبارة أخرى وجب تخليص الإسلام من الموروث الاجتماعي الغريب على جوهره، وإنقاذه أيضا من الرؤية الأحادية.
ويرى الكاتب في قسم آخر من الكتاب، أنه لا دخول إلى عصر ديني جديد دون تفكيك الخطاب الديني التقليدي الذي كرس تصورا للتفكير قائما على «العقل النقلي» الذي استند إلى الجمود والتطرف إلى حد توقف الاجتهاد في العلوم، فأصبح الحفظ والمقاربة الإنشائية المفرطة هي أساس التعلم. والأنكى أن هذه العلوم تم تغليفها بقداسة لا تستحقها، فهي علوم إنسانية سعت إلى فهم الوحي الإلهي. لقد تم نسيان أن القرآن إلهي، بينما علوم التفسير والفقه وأصول الفقه هي من إنشاء البشر، وهي قابلة للتكذيب والمراجعة وإعادة النظر الدائمة، فمهما اجتهد فيها واضعوها فهي لا ترقى إلى المطلق أبدا، وتظل رهينة بالظروف السياسية والمصالح وصراع القوى التي أنجبتها.
لهذا نجد المؤلف يلح في كتابه على وجوب تكريس «العقل النقدي» الذي يورث الفكر والتفكر بدلا عن «العقل النقلي» الذي لا يورث سوى الوعظ والإدهاش، والإيقاف الفوري للخلط بين المقدس والبشري.
وخصص المؤلف كذلك فصلا للحديث عن آفة أصبحت مستشرية، وهي ذيوع ما يسميه بـ«العقل المغلق» الذي يشبهه بالحجرة المظلمة التي لا نوافذ لها ولا ترى النور قط، ومن بداخلها لا يرى شيئا، لا في الداخل أو الخارج، ولا يتنفس إلا القديم والفاسد من الهواء. وقد قدم لنا الخشت وصفاً لهذا العقل المغلق فهو «يستأثر بالحقيقة ولا يرغب في فتح قنوات الحوار إلا إذا كان مضطرا، ولكن دون تقديم تنازلات، كما أنه لا يدخل عهدا إلا إذا كان ضعيفا ما يلبث أن ينقضه حالما يقوى، فالتقية سلاحه الذهبي في خداع الآخرين، وهو ينغلق على نظام قيم معينة بتجمد، ولا يبحث عن الأرضية المشتركة مع التيارات الأخرى، متشبعا بثقافة السلطة، يسعى إلى نفي المختلف ويسمه بنعوت قدحية، يرى أن الله ليس رب العالمين بل ربه هو فقط، يؤمن أن الحق يُعرف بالرجال وليس لأنه حق... وكما يبدو بأن العقل المغلق ليس حكرا على الأصولية الدينية بل هي طابع يوجد حتى عند الآيديولوجيات المتطرفة.
عموما يؤكد المؤلف في أكثر من مكان من الكتاب على أن الدين لم يتجمد، لكن الذي تجمد هو عقول فسرت النصوص القرآنية، فأصبح نتاجها ككهنوت بشري يتخفى في ثوب إلهي. فالتفكيك المطلوب إذن ليس للدين الثابت الصلب، بل للفكر الإنساني والمرجعيات التاريخية التي أنشئت حول الإلهي وفقدت تواضعها لتنتحل وبشكل سافر الصوت الإلهي وتتحدث باسم الحقيقة المطلقة.
ولا ينسى المؤلف أن يذكرنا أن التفكيكية المقصودة ليست هي التفكيكية الجذرية التي قام بها بعض ما بعد الحداثيين ومنهم الفيلسوف «جاك دريدا» الذي يسم عمله بالمجنون، فعمل هؤلاء فيه هدم دون توقف إلى درجة الفوضى العارمة. إنه تقويض شامل دون بناء، فهم يتنكرون لكل أصل ولكل قيمة مطلقة، غافلين عن حقيقة أن الإنسان لا يمكن أن يطيق العيش دون مركز، فالتفكيك الجذري الذي قلده بعض العرب يسير عكس الموقف الطبيعي للإنسان. إن التفكيك المطلوب هو إرجاع النص المقدس إلى حالته الأصل قبل ذيوع التأويلات التي تشكلت حوله.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

أسامة مسلم وسارة ريفنس وبيت الطاعة الأدبي!

توافد  العشرات في معرض الجزائر للحصول على  نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم
توافد العشرات في معرض الجزائر للحصول على نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم
TT

أسامة مسلم وسارة ريفنس وبيت الطاعة الأدبي!

توافد  العشرات في معرض الجزائر للحصول على  نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم
توافد العشرات في معرض الجزائر للحصول على نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم

أراقب باهتمام كبير عالمنا المتغير هذا. لعلك أنت أيضاً تفعل ذلك. تتمعن فيه وهو يعيد تشكيل ذاته مثل وحش أسطوري، في زمن إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وما لهما وما عليهما... في زمن الروبوتات المؤنسنة والعقول الذكية الاصطناعية وما لها وما عليها، تحدُث من حين لآخر هزات عنيفة تحلج بعض العقول الهانئة، ذات القناعات القانعة، فتستيقظ بغتة على أسئلة طارئة. مدوِّخة بلْ مكهرِبة.

- ما هذا الذي يحدث؟

تماماً كما حدث في المعرض الدولي للكتاب في الجزائر، حدث ذلك منذ طبعتين في الصالون الدولي للكتاب في باريس، إذ حضر كتاب كبار ذوو شهرة عالمية، كل واحد منهم يركب أعلى ما في خيله، وحطّت رحالَها دورُ نشرٍ لا يشقّ لها غبار. لكن المنظمين والمشاركين والملاحظين والمراقبين والذين يعجبهم العجب، والذين لا يعجبهم العجب، على حين غرة وفي غفلة من أمرهم، فوجئوا بآلاف القادمين من الزوار شباباً وبالغين، كلهم يتجهون صوب طاولة، تجلس خلفها كاتبة في العشرينات، لا تعرفها السجلات العتيقة للجوائز، ولا مصاطب نقاش المؤلفين في الجامعات، أو في القنوات الشهيرة المرئية منها والمسموعة. الكاتبة تلك شابة جزائرية تفضّل أن تظلَّ حياتها الخاصة في الظِّل، اسمها سارة ريفنس، وتُعد مبيعات نسخ رواياتها بعشرات الملايين، أما عدد قرائها فبعدد كتّاب العالم أجمعين.

وكالعادة، وكما حدث منذ سنوات مع الروائية الجزائرية الشابة سارة ريفنس، أثار القدوم الضاج للكاتب السعودي أسامة مسلم ذهول جل المهتمين بالشأن الثقافي والأدبي، حين حضر إلى المعرض الدولي للكتاب في الجزائر 2024. وقبله معرض الكتاب بالمغرب ومعارض كتب عربية أخرى، وفاجأ المنظمين والزوار والكتاب فيضانُ نهر هادر من الجموع الغفيرة الشابة من «قرائه وقارئاته». اكتظ بهم المكان. جاءوا من العاصمة ومن مدن أخرى أبعد. أتوا خصيصاً للقائه هو... هو وحده من بين الكتاب الآخرين الكثر المدعوين للمعرض، الذين يجلسون خلف طاولاتهم أمام مؤلفاتهم، في انتظار أصدقاء ومعارف وربما قراء، للتوقيع لهم بقلم سائل براق حبرُه، بسعادة وتأنٍّ وتؤدة. بخط جميل مستقيم، وجمل مجنّحة منتقاة من تلافيف الذاكرة، ومما تحفظه من شذرات ذهبية لجبران خليل جبران، أو المنفلوطي أو بودلير، أو كلمة مستقاة من بيت جميل من المعلقات السبع، ظلّ عالقاً تحت اللسان منذ قرون.

لا لا... إنهم جاءوا من أجله هو... لم تأتِ تلك الجموع الغفيرة من أجل أحد منهم، بل ربما لم ترَ أحداً منهم، وأكاد أجزم أنها لم تتعرف على أحد منهم... تلك الجموع الشابة التي ملأت على حين غرة أجنحة المعرض، ومسالكَه، وسلالمَه، وبواباتِه، ومدارجَه، واكتظت بهم مساحاته الخارجية، وامتدت حتى مداخله البعيدة الشاسعة. يتدافعون ويهتفون باسم كاتبهم ومعشوقهم، هتافات مضفورة بصرخات الفرح:

- أووو... أووو... أووو أسامة...!!

يحلمون بالظفر برؤيته أخيراً عن قرب، وبلقائه هذه المرة بلحمه وعظمه، وليس شبحاً وصورة وصوتاً وإشارات خلف الشاشات الباردة لأجهزتهم الإلكترونية. يأملون بتوقيعه على الصفحة الأولى من إحدى رواياته، ولتكن روايته «خوف» مثلاً.

هكذا إذن... الأدبُ بدوْره، أضحى يرفض بيت الطاعة، بل يهدمه ويِؤسس قلعته الخاصة، التي تتماهى مع هندسة ذائقة العصر الجديدة، القابلة للنقاش. إنها الإشارة مرة أخرى ومنذ ظهور الكائن البشري من نحو ثلاثة مليارات سنة، على أن الزمن يعدو بالبشر بسرعة مدوخة، بينما هم يشاهدون - بأسف غالباً - حتف الأشياء التي تعوّدوا عليها، وهي تتلاشى نحو الخلف.

من البديهي أن الكتابة على الصخور لم تعد تستهوي أحداً منذ أمد بعيد، سوى علماء الأركيولوجيا الذين لهم الصبر والأناة، وقدرة السِّحر على إنطاقها، وقد أثبتوا ذلك بمنحنا نص جلجامش، أول نص بشري كتب على الأرض، وأما نظام الكتابة فقد تجاوز معطى الشفهية إلى الطباعة، ثم إلى الرقمية، وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي و...!

على ذِكر الذكاء، فليس من الذكاء ولا الفطنة التغاضي عن الواقع المستجد، أو التعنت أمام فكرة أن العالم في تغير مدوّ وسريع، وقد مسّ سحره كل جوانبه ومنها سوق الأدب، ولا بد من الاعتراف أن المنتِج للأدب كما المستهلك له، لم يعودا خاضعين في العرض والطلب لشروط أسواقه القديمة، وإن لم تنقرض جميعها، في ظل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتوفر الـ«بلاتفورم» و«يوتيوب» و«إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك» وهاشتاغ وما جاورها.

لكن الأمر الذي لا بد من توضيحه والتأكيد عليه، أن دمغة الأدب الجيد وسمة خلود الإبداع، لا تكْمنا دوماً وبالضرورة في انتشاره السريع، مثل النار في الهشيم، وقت صدوره مباشرة، وإلا لما امتد شغف القراء عبر العالم، بالبحث عن روايات وملاحم وقصص عبرت الأزمنة، بينما لم تحظَ في وقتها باهتمام كبير، والأمثلة على ذلك عديدة ومثيرة للتساؤل. أسامة مسلم، وسارة ريفنس وآخرون، كتّاب بوهج ونفَس جديدين، على علاقة دائمة ووطيدة وحميمية ومباشرة مع قرائهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فلا يحتاجون إلى وسيط. مؤلفون وأدباء شباب كثر عبر العالم، من فرنسا وأميركا وإنجلترا وكندا وغيرها مثل Mélissa Da Costa - Guillaume Musso - Laura Swan - Morgane Moncomble - Collen Hoover - Ana Huang وآخرين وأخريات ينتمون إلى عالم رقمي، تسيطر فيه عناصر جديدة تشكل صلصال الكتابة وجسر الشهرة... لم يمروا كما مر الذين من قبلهم على معابر الأدب، وتراتبية مدارسه المختلفة التي وسمت مراحل أدبية متوهجة سابقة لهم، ولم يهتموا كثيراً بالنّسَب الجيني لأجدادهم من الروائيين من القارات الخمس بمختلف لغاتهم، ولم يتخذوا منهم ملهمين، ولا مِن مقامهم هوى. كتابٌ شباب، أضحت مبيعات رواياتهم تتصدر أرقام السوق، فتسجل عشرات الملايين من النسخ، وتجتاح الترجمات عشرات اللغات العالمية، ودون سعي منهم ترصد ذلك متابعات صحافية وإعلامية جادة، وتدبج عنهم مقالات على صفحات أكبر الجرائد والمجلات العالمية، وتوجه لهم دعوات إلى معارض الكتب الدولية. كتاب لم يلجئوا في بداية طريقهم ومغامرتهم الإبداعية إلى دور النشر، كما فعلت الأجيال السابقة من الأدباء، بل إن دور النشر الكبيرة الشهيرة لجأت بنفسها إليهم، طالبة منهم نشر أعمالهم في طباعة ورقية، بعد أن تحقق نجاحهم من خلال منصات النشر العالمية وانجذب إليهم ملايين القراء. فرص سانحة في سياق طبيعي يتماهى مع أدوات العصر مثل: Wattpad - After Dark - nouvelle app - Creative Commons وغيرها.

ولأن التفاؤل الفكري يرى فرصة في كل عقبة، وليس في كل فرصة عقبة كما جاء على لسان وينستون تشرشل، ولأن الوعي بالحداثة يأتي متأخراً زمنياً، فإن ما يحدثه الكتّاب الروائيون الشباب Bests eller البستسيللر في العالم، من هزات مؤْذنة بالتغيير، ومن توهج استثنائي في عالم الكتابة، ومن حضور مُربك في معارض الكتاب، تجعلنا نطرح السؤال الوجودي التالي: هل ستتغير شروط الكتابة وتتبدل مقاييسها التقليدية، وهل ستنتفي معارض الكتاب أم تتغير. وكيف ستكون عليه إذن في الأزمنة المقبلة؟