تسجيل مثير للجدل يكشف دور رفسنجاني في «ولاية» خامنئي

المرشد الحالي أعلن لحظة انتخابه أنه يفتقر إلى «الشروط الدستورية» لخلافة الخميني

خامنئي ورفسنجاني قبل أشهر من تولي الأول منصب المرشد الأعلى في 1989 (موقع خامنئي)
خامنئي ورفسنجاني قبل أشهر من تولي الأول منصب المرشد الأعلى في 1989 (موقع خامنئي)
TT

تسجيل مثير للجدل يكشف دور رفسنجاني في «ولاية» خامنئي

خامنئي ورفسنجاني قبل أشهر من تولي الأول منصب المرشد الأعلى في 1989 (موقع خامنئي)
خامنئي ورفسنجاني قبل أشهر من تولي الأول منصب المرشد الأعلى في 1989 (موقع خامنئي)

عشية الذكرى الأولى لوفاة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، سربت مصادر مجهولة تسجيلا مصورا جديدا من 19 دقيقة يكشف تفاصيل الجلسة الأولى لمجلس خبراء القيادة بعد وفاة المرشد الإيراني الأول الخميني وانتخاب المرشد الحالي علي خامنئي لخلافته، وهو ما ينهي الجدل الدائر منذ 28 عاما حول ملابسات تقلد خامنئي منصب «ولاية الفقيه» رغم أنه لا يملك الشروط الدستورية.
ويؤكد التسجيل صحة بعض الروايات عن مواقف بعض الشخصيات؛ على رأسها رئيس البرلمان حينذاك علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وما جرى خلف الستار لوصول خامنئي إلى منصب «ولاية الفقيه» رغم افتقاره إلى المواصفات الدستورية والشرعية الأساسية.
وتبدأ الجلسة بالتصويت على الخيار بين أن يكون منصب ولي الفقيه فرديا أو استبدال «شورى للفقهاء» به. ويعود التسجيل إلى 3 يونيو (حزيران) 1989 بعد ساعات قليلة من إعلان وفاة الخميني. ويوافق في الجلسة 60 عضوا من أصل 76 عضوا حاضرين في جلسة مجلس خبراء القيادة، على أن يكون خامنئي خليفة للخميني إلى أن يصوت الإيرانيون في استفتاء تعديل الدستور، وفق ما يذكر رئيس الجلسة علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
وخلال ما يقارب 3 عقود، فإن روايات مختلفة تتناقلها الأوساط الإيرانية حول انتخاب خامنئي لخلافة الخميني، ولكن على الرغم من الخلاف، فإنها تجمع على أن هاشمي رفسنجاني كان كلمة السر في جلوس خامنئي على كرسي المرشد وإقناع نجل الخميني أحمد الخميني بالتنحي لصالحه.
ويقول هاشمي رفسنجاني في الاجتماع إن الانتخاب «مهما يكن بين أن يكون (فرديا) أو (شورى قيادة) محدود بفترة التصويت على الدستور». قبل أن يطلب وقوف الموافقين «على قيادة علي خامنئي، المؤقتة وغير الدائمة، حتى موعد الاستفتاء». وبعد الاستفتاء على التعديل الدستوري، جدد مجلس خبراء القيادة في جلسة استثنائية في 5 أغسطس (آب) 1989 انتخاب خامنئي في منصب «ولي الفقيه» بعد حصوله على موافقة 60 من 64 حضروا الاجتماع.
لكن اللافت في التسجيل هو نشر موقف خامنئي، بعد 28 عاما من انتخابه. ويقول خامنئي تعليقا على انتخابه إن ترشيحه لخلافة الخميني يعاني من «إشكالات أساسية» وإنه لا يملك الأهلية. وفي جزء آخر يتحدث خامنئي عن افتقاره إلى «المشروعية الشرعية» ويقول إن كلامه قد يواجه رفضا من الفقهاء نظرا لأنه ليس «مرجع تقليد أو مجتهدا جامعا للشروط» ويقول: «يجب أن نبكي دماً على حال الأمة الإسلامية لو انتخب شخص مثلي لمنصب القيادة». ومع ذلك، فإن عددا من أعضاء المجلس يقولون إنهم لا يوافقونه الرأي. ويقول أحدهم إنهم غير ملزمين «قانونا أو شرعا» بقبول ما يقوله خامنئي حول انتخابه.
ويثير توقيت نشر التسجيل عشية ذكرى هاشمي رفسنجاني أول من أمس، وبعد أيام قليلة من تفجر احتجاجات طالب فيها المتظاهرون بإسقاط المرشد الإيراني علي خامنئي وخروجه من السلطة، التساؤلات، كما أنه قد يشكل ضغطا على ائتلاف الإصلاحيين والمعتدلين والذين يعدون هاشمي رفسنجاني مرجعا سياسيا وفكريا لهم.
وبعد الخلاف بينه وبين خامنئي، جدد هاشمي رفسنجاني عدة مرات دعوته إلى ضرورة التفكير في استبدال «ولاية الفقيه» من «الفردية» إلى «شورى قيادة»، لكن مواقفه واجهت ردود فعل سلبية من خامنئي.
ونشر الفيديو الصحافي الإيراني المقيم بأميركا شاهد علوي، وقال لبعض وسائل الإعلام إنه ينشر التسجيل بعد التأكد من صحته، رافضا الكشف عن هوية الجهات التي سربت التسجيل.
وتعد الوظيفة الأساسية لـ«مجلس خبراء القيادة» انتخاب المرشد الإيراني في حال وفاة المرشد الحالي أو افتقاره إلى المؤهلات أو الحالة الصحة التي تمنع أداء مهامه. وبحسب الدستور الإيراني، حين وفاة الخميني فإن مجلس الخبراء يختار عددا من مراجع التقليد لتشكيل «شورى قيادة» إذا ما تعذر العثور على شخص يملك مواصفات القيادة، التي أبرزها أن يكون «فقيها عادلا وعالما بزمانه وشجاعا ومديرا ومدبرا».
وأثار نشر التسجيل ردود فعل متباينة بين الإيرانيين، واتهم رجل الدين المعارض وأستاذ العلوم الدينية بجامعة ديوك الأميركية، محسن كديور، مجلس خبراء القيادة وهاشمي رفسنجاني وخامنئي بـ«التدليس» و«التكتم» على القيادة المؤقتة لخامنئي بين 3 يونيو و5 أغسطس 1989 وتقديمه على أنه خليفة الخميني الدائم، وفق ما نقل عنه موقع «كلمة» الإصلاحي المعارض.
ويلفت كديور إلى أن خامنئي يقر بأن الدستور لا يسمح له بتقلد منصب القيادة، مضيفا أنه «دفن هذا الاعتراف الواقعي في تلك الجلسة، وولد خامنئي جديد باختلاف 180 درجة عن تلك الاعترافات، وقدم نفسه على أنه مجتهد وولي فقيه ومرجع للتقليد».
وتابع كديور أن «المخرج الشاطر علي أكبر هاشمي رفسنجاني لعب الدور الأساسي في تدليس القيادة» وأضاف أن «رفسنجاني ضيع الدنيا والآخرة لقيادة خامنئي. إنه أوصل شخصا يفتقر للأهلية الشرعية والقانونية».
وأوضح كديور أن خامنئي «كان أكثر خداعا عندما اتخذ رفسنجاني ومجلس خبراء القيادة سلماً للصعود قبل رمي السلم وحذف صديقه الذي يدين له بمنصب (ولي الفقيه)».
ويعد هذا التسجيل هو الثاني من نوعه خلال عامين بعد تسجيل مثير للجدل من لقاء سري بين نائب المرشد الأول، حسين علي منتظري وأعضاء لجنة «الموت» المسؤولة عن تنفيذ الإعدامات السياسية في العقد الأول من عمر النظام الإيراني، كشف تورط كبار المسؤولين الإيرانيين في إعدامات خارجة إطار القانون، وهو مما سبب ردود فعل داخلية ودولية واسعة.
وبموجب التسجيل، فإن منتظري الذي أدخل الإقامة الجبرية لاحقا بسبب خلافاته مع كبار رجال النظام، يوجه لوما إلى 4 مسؤولين لتنفيذ حكم الإعدام بحق معارضين سياسيين أغلبهم من الأحزاب اليسارية بتهمة الانتماء لجماعة «مجاهدين خلق» المعارضة.



سفير سوريا بموسكو يستبعد لقاء إردوغان والأسد خلال قمة «بريكس»

«لواء صقور الشمال» في عفرين يتحدى مطالبة تركيا إياه بِحَلِّ نفسه (حساب الفصيل على إكس)
«لواء صقور الشمال» في عفرين يتحدى مطالبة تركيا إياه بِحَلِّ نفسه (حساب الفصيل على إكس)
TT

سفير سوريا بموسكو يستبعد لقاء إردوغان والأسد خلال قمة «بريكس»

«لواء صقور الشمال» في عفرين يتحدى مطالبة تركيا إياه بِحَلِّ نفسه (حساب الفصيل على إكس)
«لواء صقور الشمال» في عفرين يتحدى مطالبة تركيا إياه بِحَلِّ نفسه (حساب الفصيل على إكس)

استبعدت دمشق عقد لقاء بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة مجموعة «بريكس» المقبلة في روسيا، وذلك بالتزامن مع تصعيد من جانب القوات السورية، وتعزيزات مكثفة من جانب الجيش التركي في إدلب.

ونفى السفير السوري لدى روسيا، بشار الجعفري، أن يكون هناك اجتماع سوري تركي سيُعْقَد قريباً، مشدداً على أنه لن يكون هناك لقاء بين إردوغان والأسد قبل تلبية جميع متطلبات دمشق فيما يتعلق بالانسحاب العسكري من شمال سوريا، ووقف دعم «الإرهابيين» (فصائل المعارضة السورية المسلحة).

وبخصوص ما تَرَدَّدَ في بعض وسائل الإعلام التركية عن احتمال عقد لقاء بين إردوغان والأسد على هامش قمة مجموعة «بريكس» التي تنطلق في مدينة كازان الروسية في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قال الجعفري في تصريحات خلال «منتدى شمال القوقاز» المنعقد في روسيا، إنه لم يتم تأكيد المعلومات حول لقاء محتمل على هامش قمة «بريكس».

القوات التركية في شمال سوريا تشكِّل نقطة خلاف رئيسية بين أنقرة ودمشق (أرشيفية)

ورأى أن الحوار مع تركيا لا يمكن أن يكون من جانب واحد فقط، ويجب أن تكون النيات الحسنة متوفرة من كلا الجانبين، قائلاً: «لقد نجح الأمر حتى الآن، ولا توجد نتيجة»، وفق ما نقلت عنه وكالة «تاس» الروسية، ليل السبت - الأحد.

سفير سوريا لدى روسيا بشار الجعفري (سبوتنيك)

وأكد الجعفري أيضاً رغبة بلاده في الانضمام إلى مجموعة «بريكس»، لافتاً إلى أن هناك جهوداً تُبْذل في هذا الصدد.

وركزت وسائل الإعلام التركية، الأحد، على هذا التصريح، مشيرة إلى أن روسيا طلبت الانضمام إلى المجموعة، بعدما تقدمت تركيا بطلب للانضمام إليها أيضاً، في تلميح ضمني إلى صحة التوقعات السابقة عن احتمال لقاء إردوغان والأسد على هامش القمة المقبلة في روسيا، التي تقود جهود تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أكد، الشهر الماضي، أنه ينتظر رد الأسد على الدعوة التي وجهها إليه للقائه من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين.

إردوغان كرر دعوته للقاء الأسد وأعلن أنه ينتظر الرد (الرئاسة التركية)

كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، استمرار الاتصالات مع دمشق على مستويات مختلفة، قائلاً إن بلاده أصبحت جاهزة لعقد اللقاء بين الرئيسين، لكن المستشارة الإعلامية للرئيس السوري، بثينة شعبان، قالت خلال محاضرة في سلطنة عُمان عقب تصريح إردوغان بأيام، إن مسار التقارب مع تركيا لن يبدأ قبل الإقرار بِنِيَّتِها الانسحاب من سوريا، متهمةً أنقرة باستغلال التصريحات حول التقارب لأسباب سياسية.

بالتوازي، دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية جديدة إلى جنوب إدلب، بعد ساعات من قصف القوات السورية بلدة البارة بريف إدلب الجنوبي، وسقوط قذائف عدة قرب نقطة مراقبة عسكرية تركية في البلدة.

ودخل رتل عسكري تركي مؤلَّف من 23 آلية عسكرية، عبر معبر كفرلوسين الحدودي، فجر الأحد، متجهاً نحو النقاط التركية في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، لتبديل العناصر، وتعزيز محاور الاشتباك، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

تعزيزات عسكرية تركية في إدلب (أرشيفية)

وتُعَدُّ هذه هي الدفعة الثانية من التعزيزات العسكرية التركية إلى إدلب منذ مطلع شهر أكتوبر الحالي، بعدما دفعت القوات التركية برتل مؤلَّف من 20 آلية شملت مدرعات وناقلات جنود وشاحنات تحمل مواد لوجيستية، إلى مطار تفتناز العسكري في ريف إدلب الشرقي، في الأول من أكتوبر.

وسبق أن دفعت تركيا بـ107 آليات عسكرية إلى نقاطها المنتشرة في إدلب خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من الشهر الماضي بسبب التصعيد من جانب القوات السورية، والتأهب بين فصائل المعارضة المسلحة.

على صعيد آخر، صعَّدت القوات التركية إجراءاتها ضد فصيل «لواء صقور الشمال» المُعارِض، لفتح المعابر بين مناطق سيطرة الجيش السوري وفصائل المعارضة في حلب في إطار مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

وقال «المرصد السوري» إن القوات التركية تفرض بالتعاون مع الشرطة العسكرية التابعة لفصائل الجيش الوطني السوري، الموالي لأنقرة، حصاراً مشدداً منذ 12 يوماً على مقار الفصيل في منطقة حوار كلس بريف حلب الشمالي، لإجباره على الرضوخ للأوامر التركية بِحَلِّ نفسه، والاندماج في الفيلق الثاني للجيش الوطني.

«لواء صقور الشمال» (أرشيفية - المرصد السوري)

وقال أحد المتحدثين باسم الفصيل، إن مقاتليه محاصَرون بالكامل، ويعانون من نقص في الغذاء والماء، وإن هذا الحصار يشبه ما تعرضت له الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية، سابقاً، من قِبل الجيش السوري.

وذكر «المرصد» أن ذلك يتزامن مع محاولات من الجانب التركي لتشويه صورة المعارضين للتطبيع وفتح المعابر، من خلال توجيه اتهامات لهم بالتبعية لأحزاب متشددة مثل «حزب التحرير»، واستخدام وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لدعم هذه الحملة، فضلاً عن محاولات حثيثة لشراء ولاءات بعض شيوخ العشائر وقادة الفصائل من أجل تحقيق أهدافه في المنطقة.

محتجون قطعوا قبل أسابيع الطريق الدولي احتجاجاً على فتح معبر أبو الزندين قرب الباب شرق حلب (متداولة)

وفي الوقت نفسه، استقدمت الفصائل الموالية لتركيا تعزيزات عسكرية إلى المنطقة للسيطرة على مظاهرات تطالب بفك الحصار عن «صقور الشمال»؛ ما أدى إلى قطع طريق أعزاز – عفرين بشكل كامل، وزاد من تعقيد الأوضاع في المنطقة.