العراق يستأنف إنتاج الأسلحة بالذخائر والأعتدة الخفيفة والمتوسطة

وزير الصناعة لـ«الشرق الأوسط»: سنتحرر من الضغوط السياسية

العبادي يلقي كلمة في احتفال بمناسية «يوم الشرطة» في بغداد أمس (إ.ب.أ)
العبادي يلقي كلمة في احتفال بمناسية «يوم الشرطة» في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

العراق يستأنف إنتاج الأسلحة بالذخائر والأعتدة الخفيفة والمتوسطة

العبادي يلقي كلمة في احتفال بمناسية «يوم الشرطة» في بغداد أمس (إ.ب.أ)
العبادي يلقي كلمة في احتفال بمناسية «يوم الشرطة» في بغداد أمس (إ.ب.أ)

أكد وزير الصناعة والمعادن العراقي المهندس محمد شياع السوداني، أن بلاده ستتحرر من الضغوط السياسية على صعيد التسليح من خلال البدء قريباً بإنتاج أنواع مختلفة من الأسلحة بمشاركة شركات عالمية متخصصة.
وقال السوداني في حديث لـ«الشرق الأوسط» على خلفية الإعلان عن دعوة عشرات الشركات العالمية، بهدف تطوير الصناعات الحربية في العراق: إن «العراق كان يعتمد في تسليح قواته المسلحة وأجهزته الأمنية على الاستيراد بالنسبة إلى الأعتدة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر، وهي تكلف الدولة نحو مليار و700 مليون دولار كل سنة، لذلك قررنا الذهاب باتجاه الصناعات الحربية لأنه من المعيب على دولة مثل العراق وسط كل هذه التحديات أن ليس لديها مصنع خاص لإنتاج الأعتدة والذخائر».
وأضاف السوداني أن «الأعتدة التي قررنا تصنيعها محلياً نستفيد منها حتى في أيام السلم، وليس فقط في أوقات الحرب، علماً بأننا بعد أن قضينا على (داعش) سوف نعتمد على تحصين وضعنا الداخلي الدفاعي مع تطوير مجتمعنا علمياً وتقنياً»، مبيناً أن «تنفيذ مثل هذا المشروع لم يكن ممكناً لأن الموازنة الاستثمارية ليست موجودة أصلاً بالنسبة إلى كل الوزارات بسبب الأزمة المالية، وهو ما دعانا إلى أن نذهب إلى مجال الاستثمار في هذا القطاع وذلك بالاتفاق مع رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي من خلال الاعتماد على الشركات العالمية الخاصة منها أو الحكومية شريطة أن تكون رصينة في الحالتين، مع الأخذ بنظر الاعتبار مبدأ التنويع في الشركات حتى لا نُحسب على محور معين، شرقياً كان أم غربياً».
وأوضح الوزير العراقي أنه «تم الاتفاق على دعوة 36 شركة عالمية بشكل مباشر، حيث طلبنا منهم أن تأتي بخطوط الإنتاج الخاصة بها وتنصبها في العراق وتنشئ مصانعها هنا، مع التأكيد أننا سوف نوفر كل المستلزمات المطلوبة، حيث لدينا الإمكانات كلها من حيث الأراضي والإطار القانوني ممثلاً في شركة الصناعات الحربية، مع قانون يسمح للشركات الحكومية بإبرام اتفاقات مع شركات عالمية».
وبيّن السوداني أنه «تم توجيه الدعوات إلى هذه الشركات حتى الشهر المقبل، حيث من المؤمّل أن نعقد معها جلسة عمل لتوضح الكثير من المسائل التي تطلبها، ممن أكدت رغبتها في العمل معنا وفقاً لهذه الشروط، علماً بأنها سوف تضمن سوقاً مضمونة لتسويق منتجاتها للدفاع والداخلية، وهذا هو جزء من التزامنا معها».
وبشأن إمكانية دخول القطاع الخاص العراقي شريكاً في هذه العملية، قال السوداني إن «هناك شركات في القطاع الخاص العراقي لديها وكالات من شركات عالمية، وقد قبلنا ذلك وشجعناه، بينما هناك صناعيون عراقيون سوف يدخلون شراكة معنا كذلك عبر تعاملهم مع شركات باعت خطوط إنتاجها». ولفت السوداني إلى أن «العمل سوف يتم عبر شركات التصنيع العسكري السابقة، بمن في ذلك الخبراء والكفاءات الذين ما زالوا موجودين، بالإضافة إلى جهوزية العديد من المعامل والمصانع لهذا النوع من خطوط التشغيل».
وبشأن ما سيتحقق من فوائد للعراق، يشير السوداني إلى أنه بالإضافة إلى توفير المبلغ الذي يتم إنفاقه سنوياً لشراء هذا النوع من الأسلحة والأعتدة والذي يربو على مليار دولار، فإن المشروع «سيوفر مبلغاً قدره 900 مليون دولار، بالإضافة إلى ضمان تشغيل المصانع داخل العراق، وتأمين رواتب الموظفين، وتشغيل المزيد من الأيدي العاملة العراقية». واختتم السوداني حديثه بالقول إن «مثل هذا المشروع سوف يحرر العراق من الكثير من الضغوط التي يتعرض لها على صعيد استيراد الأسلحة بما فيها الأعتدة والذخائر الخفيفة والمتوسطة لأسباب تتعلق بمواقف هذه الدولة أو تلك في حالات معينة، مما يجعلنا أسرى رضاها من عدمه، بالإضافة إلى أن مثل هذا الأمر سيضع حداً للمناكفات السياسية، حيث سبق لبعض القوى السياسية أن طلبت من بعض الدول عدم تسليح العراق بأنواع معينة من الأسلحة تحت ذرائع مختلفة، وبالتالي فإن ذلك سيجعلنا أحراراً لجهة هذا المفصل من عمليات التسليح».
إلى ذلك دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إلى إنتاج طائرات مسيَّرة «درون». وقال بيان لمكتب العبادي على خلفية ترؤس الأخير اجتماعاً لهيئة الصناعات الحربية، إنه دعا «إلى وضع استراتيجية لإعادة الصناعة الحربية في العراق، ودعم التسليح والصناعة المحلية، وأهمية أن تكون ضمن المواصفات العالمية، والعمل على إنتاج خطوط سلاح خفيف ومتوسط وهاونات، إضافة إلى صناعة الطائرات المسيَّرة». وأضاف أنه «تم التأكيد خلال الاجتماع أهمية تكامل الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص، والحاجة إلى الخبرة الخارجية من أجل أن يكون الإنتاج بأفضل ما يكون، وبيان الاحتياج الفعلي للمؤسسة الأمنية والعسكرية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.