غواتيمالا... عالم المايا الآسر

بلاد تعتز بتاريخها العريق وثقافتها الفريدة

غواتيمالا... عالم المايا الآسر
TT

غواتيمالا... عالم المايا الآسر

غواتيمالا... عالم المايا الآسر

سوف تتمكن في خلال دقائق من وصولك إلى غواتيمالا من تلمس مواطن افتخار هذه البلاد بتاريخها العريق، فهناك مهرجان كامل ومستمر من الألوان الزاهية، إلى جانب الشعب الودود المضياف الذي يحب السياح والزائرين أمثالك.
وغواتيمالا من البلدان الصغيرة في أميركا الوسطى، وتتخذ مكانها بين المكسيك والبرازيل وهندوراس، وهي تمثل صميم ما كان يُعرف بعالم المايا. وهذه الثقافة الأصلية تمثل واحدة من أعظم الحضارات في تاريخ الإنسانية، كما أنها كانت القوة الدافعة في هذه المنطقة لقرون ممتدة. ويشعر شعب غواتيمالا بفخر كبير لتراثهم العتيق والآثار المذهلة التي بناها سكان البلاد قبل أكثر من ألف سنة مضت. ولا يزال بإمكانك زيارة المدينة الرئيسية في حديقة تيكال الوطنية، التي تقع إلى شمال البلاد على بعد 9 ساعات بالسيارة من العاصمة غواتيمالا سيتي.
وتشعر باولا ألفارادو، المسؤولة عن البرنامج السياحي وتعريف الزوار بتاريخ بلادها، بحماس بالغ وهي تتحدث عن أكبر كنز هناك، وتعني: حضارة المايا، وأولى خطواتها التي بدأت قبل 4 آلاف سنة، على الأقل.
تقول ألفارادو: «الميزة الرئيسية لغواتيمالا أنها تحل محل القلب من حضارة المايا القديمة، إذ استوطن المايا هذه المنطقة التي تبدأ من جنوب المكسيك حتى شمال هندوراس اليوم، إلى جانب المدن الأكثر أهمية، والمباني الرائعة، والأهرام المذهلة، مع العمارة التي لا مثيل لها في أي مكان آخر غير غواتيمالا».
وأنشأت حضارة المايا كثيراً من الأشياء، ومن بينها كيفية قراءة مراحل القمر، والتقويم السنوي. وتقول لنا السيدة ألفارادو إنه «حتى يومنا هذا، لدينا كثير من الأشياء التي لا تزال تعمل، ويعود الفضل إليهم فيها. ووجود هذه الأشياء يعتبر تذكرة للإنسانية بكل ما يمكنها القيام به، إن أرادت، ودليل على أن الحضارة القديمة لم تفقد أهميتها بعد، حتى في العصر الحاضر».
وبالإضافة إلى كونها قلب حضارة المايا القديمة، لا تزال غواتيمالا تقدم مجموعة متنوعة من الأنشطة التي يمكن القيام بها من دون الحاجة إلى أموال كثيرة. على سبيل المثال، فإن الوجبة العادية تكلف نحو 6 دولارات، وهناك فنادق لكل مستوى وكل ميزانية. ويبلغ سعر الإقامة في فندق خمس نجوم نحو 200 دولار في الليلة، كما يمكن للزوار الحصول على عروض إقامة أفضل من مختلف الأماكن في البلاد.
ويمكن للسياح استكشاف الطبيعة الغناء في هذه البلاد، والمسير بجوار واحد من سلسلة من 30 بركاناً تنتشر في طول البلاد وعرضها. كما يمكن زيارة شلالات المياه الرائعة، ومشاهدة الطيور، أو زيارة الشواطئ المطلة على المحيطين الأطلسي أو الهادئ.
ومن أبرز الأشياء التي يلاحظها الزوار هناك عند الوصول إلى العاصمة، الجبال الضخمة التي تزين أطراف المدينة، وتمنحك الشعور بأنك تتجول بين كنز طبيعي حي من حولك.
كما يمكنك أيضاً أن تشاهد السكان المحليين في غواتيمالا سيتي وهم يرتدون الأزياء ذات الألوان الزاهية الجميلة ويسيرون في مختلف شوارع المدينة.
ومن المدن الرئيسية في البلاد أيضاً مدينة أنتيغوا التي أدرجت في عام 1979 على قوائم منظمة اليونيسكو، كأحد مواقع التراث العالمية. وهي من المدن الاستعمارية التي يمكن فيها مشاهدة المنازل القديمة، والكنائس، والأسواق النابضة بالحياة في مختلف الأوقات، وحكايات الماضي الجميل، عندما كانت هذه المدينة هي عاصمة البلاد.

أكروبوليس المايا
كانت حديقة تيكال الوطنية هي المدينة الرئيسية لحضارة المايا. وهذا المكان كان يتمتع بقوة طاغية فيما مضى. ويمكنك من هنا مشاهدة الحضارة المثيرة للإعجاب في أفضل صورها الإبداعية الممكنة. ومن الصعب إدراك الكيفية التي تمكن بها سكان المايا القدماء من بناء هذه المدينة العظيمة من دون التقنيات الحديثة المعروفة المتاحة في العصر الحاضر. كما أعلنت منظمة اليونيسكو أيضاً عن إدراج هذه الحديقة الوطنية على مواقع التراث والثقافة العالمية. وتبلغ مساحة المدينة نحو 600 كيلومتر تقريباً، ويمكن خلالها زيارة ما لا يقل عن 3 آلاف مبنى و6 معابد، ومن أبرزها معبد الجاغوار العظيم.
وسيأسرك حجم البناء الذي يبلغ ارتفاعه 55 متراً. ويحيط بمعبد الجاغوار العظيم مجموعة من المعابد الأخرى، والغابة الكثيفة القريبة للغاية منه. ومع ذلك، لا يلزم زيارة هذا المكان بالتحديد لمشاهدة آثار حضارة المايا، فهي شائعة في مختلف أرجاء شمال البلاد.
وتوضح السيدة ألفارادو: «إن معبد الجاغوار العظيم هو من أهم الأهرامات هنا. وفي الوقت الراهن، وبسبب المحافظة عليه، فإنه ممنوع تسلق درجات الهرم على الزائرين. ولكن وبكل تأكيد يمكن الإحساس بالطاقة التي تشع في المكان لكل ما كان يجري هنا في العصور القديمة. ويمكن مشاهدة الحيوانات التي تسير أمامك في قلب الغابة، إذ يمكن مشاهدة القرود، وآكلي النمل، وكثير من الطيور؛ إنها مزيج رائع جميل من الطبيعة والتاريخ والمغامرة».
ويمكن السفر بسهولة إلى غواتيمالا من الولايات المتحدة أو من أوروبا. وفي الآونة الأخيرة، تم افتتاح طريق جوي بين مدريد وغواتيمالا سيتي. ولزيارة المواقع الأثرية الرئيسية، لا بد من الوصول أولاً إلى العاصمة، ثم استقلال الطائرة في رحلة جوية قصيرة أو إحدى الحافلات المسائية.
ولا يمكن تصور المغامرة الكاملة من دون تذوق الأطعمة المحلية. وللوهلة الأولى، فإن المطبخ في غواتيمالا يشبه نظيره المكسيكي من نواح كثيرة، نظراً للألوان وخبز الذرة «التورتيا» الشهير، وهو من الأغذية الرئيسية في البلاد، ويُقدم مع أغلب الأطباق. وتنصح ألفارادو بتجربة طبق يسمى «تاماليس»، وهو يعتبر فناً من فنون الطهي بسبب كثير من الأصناف المقدمة معه. ويُصنع الـ«تاماليس» من عجين الذرة والصوص الأحمر أو الأخضر، أو حتى صوص الشوكولاته، مع القليل من الدجاج أو اللحم، ثم يتم طيه في أوراق الموز ويُطهى جيداً قبل التقديم.
إن غواتيمالا من البلدان الجميلة للغاية، مع كثير من الأسباب الداعية لزيارتها، من الثقافة، والألوان، والشعب الفخور بثقافته وتراثه الأصلي، والترحاب الكبير الذي يعربون به عن سعادتهم بالسياح الأجانب.


مقالات ذات صلة

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.