ثغرة في الحصار على «إدارة المركبات»

النظام يشعل الغوطة... ومقتل 23 مدنياً بقصف جوي ومدفعي

TT

ثغرة في الحصار على «إدارة المركبات»

صعّدت قوات النظام السوري أمس، قصفها العنيف والمكثف على مناطق بالغوطة الشرقية في محاولة منها للضغط على فصائل المعارضة لفك الحصار عن «إدارة المركبات»، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة في المنطقة. وفيما نفت غرفة عمليات «بأنهم ظُلموا» التي تقود العمليات العسكرية من جهة المعارضة، ما أعلنه النظام عن نجاحه بفك الحصار، أفاد المرصد السوري بأن النظام «أحدث ثغرة في الحصار يعمل على توسيعها».
وأكد إسماعيل الداراني، عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، أن النظام لم يفك الحصار عن إدارة المركبات، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لا يكف عن المحاولة وهو ما يؤدي إلى استمرار المعارك العنيفة جداً في المنطقة». وأضاف: «هم يستميتون في عملياتهم لذلك استقدموا الحرس الجمهوري والفرقة 13 ويعتمدون القصف العشوائي الذي يطال كل قطاعات الغوطة دون استثناء، وهو ما أدّى إلى مقتل أكثر من 20 شخصاً أمس فقط».
وأشارت «شبكة شام» إلى ارتفاع عدد قتلى أمس في مدينة دوما بالغوطة الشرقية إلى 12، بينهم أم و3 من أطفالها، بالإضافة إلى سيدتين جراء الغارات الجوية والقصف العنيف الذي طال أيضاً بلدة مديرا وسقبا حيث سجل مقتل 6 أشخاص.
بالمقابل، قالت وكالة «سانا» التابعة للنظام إن «وحدات من الجيش أنجزت مهمتها بفك الطوق الذي فرضه إرهابيو تنظيم (جبهة النصرة) والمجموعات (التكفيرية) التابعة له على إدارة المركبات وذلك بعد معارك عنيفة سقط خلالها عشرات الإرهابيين بين قتيل ومصاب»، مشيرة إلى أنه «بعد فك الطوق عن إدارة المركبات، بدأت وحدات الجيش على الفور عملية عسكرية جديدة بهدف توسيع رقعة الأمان حول الإدارة وسط قيام سلاح المدفعية باستهداف أوكار وتجمعات الإرهابيين في المنطقة المحيطة».
من جهته ذكر «المرصد السوري» أن «قوات النظام تمكنت من فتح ثغرة توصلها بإدارة المركبات المحاصرة من قبل (هيئة تحرير الشام) وحركة (أحرار الشام) الإسلامية و(فيلق الرحمن)، بالقرب من مدينة حرستا في غوطة دمشق الشرقية». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «المواجهات مستمرة في غرب القاعدة لتوسيع الممر الذي فتحه فريق من القوات الخاصة». وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن الفصائل شنّت مساء هجوماً عنيفاً لاستعادة ما خسرته في الساعات الماضية، ولإعادة إطباق الحصار على قوات النظام داخل إدارة المركبات.
وقال «الإعلام الحربي» التابع لحزب الله إن «الجيش السوري أفشل هجوماً شنته المجموعات المسلحة باتجاه نقاطه بمحيط المعهد الفني في إدارة المركبات بحرستا شمال شرقي دمشق، وأوقع قتلى وجرحى في صفوفهم، وسط قصف مدفعي وصاروخي استهدف نقاط انتشارهم»، فيما تحدث التلفزيون السوري الرسمي عن «تدمير الجيش مدرعة للإرهابيين وقتل كامل طاقمها على محور حي العجمي، بالتوازي مع تقدمه في عدد من كتل الأبنية في حي الحدائق في حرستا».
وذكرت شبكة «الدرر الشامية» أن جبهات مدينة حرستا تشهد «ارتباكاً واقتتالاً بين ميليشيات الأسد على خلفية الإخفاقات والخسائر التي منيت بها أثناء محاولاتها كسر الحصار الذي تفرضه فصائل الثوار على إدارة المركبات». ونقلت عن «تنسيقية مدينة التل» أن «قوات النخبة التابعة للفرقة الرابعة، استهدفت آليات ومجموعات الحرس الجمهوري أثناء محاولتها التقدم لفك الحصار عن إدارة المركبات في الغوطة الشرقية بصواريخ أرض - أرض، ما أدى لتدمير تركس مصفح، ووقوع إصابات في صفوف الحرس الجمهوري». وقالت الشبكة إن القناة المركزية لقاعدة حميميم الروسية غير رسمية ذكرت أنها تلقت تقارير ميدانية من منطقة المواجهات شرق العاصمة، تفيد بـ«وقوع قتال بين الوحدات الرديفة للقوات الحكومية (قوات من الحرس الجمهوري ولواء أبو الفضل العباس المدعوم من إيران)، بالإضافة لمحاولة بعض هذه الوحدات التنصل من واجباتها على الأرض، وفي الوقت نفسه طالبت هذه الوحدات، القوات الروسية، بتكثيف هجماتها الجوية». وكانت صفحات موالية اتهمت في الأيام الماضية ميليشيا «درع القلمون» وأعضاء ما تسمى «لجان المصالحة»، بالعمل على تزويد ثوار الغوطة الشرقية بتحركات قوات النظام في حرستا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.