البرلمان الإيراني يناقش جذور الأزمة... وقلق على مصير المعتقلين

نائب يكشف عدم اقتناع زملائه بـ{تقارير سطحية} قدمها المسؤولون الأمنيون... وعضو شورى بلدية طهران يحذر من «قتل المتظاهرين في السجون»

البرلمان الإيراني خلال اجتماع مغلق أمس بحضور وزير الأمن والداخلية ونائب قائد {الحرس الثوري} (وكالة مهر)
البرلمان الإيراني خلال اجتماع مغلق أمس بحضور وزير الأمن والداخلية ونائب قائد {الحرس الثوري} (وكالة مهر)
TT

البرلمان الإيراني يناقش جذور الأزمة... وقلق على مصير المعتقلين

البرلمان الإيراني خلال اجتماع مغلق أمس بحضور وزير الأمن والداخلية ونائب قائد {الحرس الثوري} (وكالة مهر)
البرلمان الإيراني خلال اجتماع مغلق أمس بحضور وزير الأمن والداخلية ونائب قائد {الحرس الثوري} (وكالة مهر)

عقد البرلمان الإيراني، أمس، اجتماعا خلف الأبواب المغلقة بحضور وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي، ووزير الأمن محمود علوي، ونائب قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، لبحث تداعيات أزمة الاحتجاجات الشعبية في البلاد. وقال النائب عن مدينة إيذج إن التقارير «سطحية وغير مقنعة»، بينما أعرب عدد من أعضاء البرلمان ومجلس شورى بلدية طهران عن مخاوف حول مصير المعتقلين، خصوصا طلبة الجامعات والمدارس.
وقال النائب محمد قسيم عثماني إن كبار المسؤولين عن الأجهزة الأمنية قدموا «تأكيدات» خلال المشاركة في اجتماع مغلق، حول «عودة الهدوء» إلى إيران. ووفقا لعثماني، فإن وزيري المخابرات والداخلية ونائب قائد «الحرس الثوري» قدموا شرحا للبرلمانيين حول مسار الاحتجاجات الأخيرة، وأضاف أن المسؤولين «طمأنوا النواب حول عودة البلاد إلى الأجواء الهادئة».
وتباينت المواقف حول دور «الحرس الثوري» خلال الأسبوع الماضي. وكان قائد «الحرس الثوري» أعلن عن تدخل جزئي في الاحتجاجات في 3 محافظات إيرانية؛ أبرزها أصفهان. كما أصدر «الحرس الثوري» أمس بيانا رسميا حول انتهاء الأحداث عبر موقعه الإلكتروني، وذلك بعد أيام قليلة من إعلان قائده محمد علي جعفري «نهاية فتنة 2017».
وقال عثماني إن نائب قائد «الحرس الثوري» قدم تقريرا حول تفاصيل الأحداث بعد تقديم شهادة وزيري الداخلية والأمن. كما شهد الاجتماع حضور رئيس الشرطة ورئيس الهيئة الإيرانية للإذاعة والتلفزيون.
وأعلن النائب فريد موسوي عبر حسابه في «تويتر» أنه يتابع قضية الطلاب المعتقلين، مشيرا إلى أن البعض من المعتقلين لم يكن لهم دور في الاحتجاجات.
وقالت مواقع إيرانية أمس إن نوابا في البرلمان أعربوا عن قلقهم تجاه مصير الطلاب المعتقلين. وكان النائب في البرلمان الإيراني محمود صادقي أشار إلى أن 10 طلاب من بين 90 طالبا ما زال مصيرهم مجهولا.
أما رواية النائب عن مدينة إيذج في شمال الأحواز، هدايت الله خادمي، فكانت مختلفة تماما؛ إذ نقلت عنه وكالة «إيلنا» الإصلاحية أن نواب البرلمان «لم يقتنعوا بتقارير سطحية» قدمها المسؤولون الأمنيون.
وكانت مدينة إيذج من بين مدن عدة شهدت إطلاق النار على المحتجين من قبل قوات الأمن، مما أدى إلى مقتل اثنين، وعدد من الجرحى. ومن دون الإشارة إلى عدد المعتقلين في المدينة، قال خادمي: «أغلب المعتقلين في احتجاجات إيذج من المراهقين والشباب، وتتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما»، مضيفا أنه تحدث إلى أسر المعتقلين خلال الأيام الأخيرة حول «حل مشكلات المعتقلين قريبا».
بدوره، قال ممثل مدينة إيلام التي شهدت اضطرابات الأسبوع الماضي، إن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي «قدم تقريرا حول مسار احتجاجات الأيام الماضية في البلد». وبحسب البرلماني، فإن النواب اطلعوا على إحصاءات وأرقام حول تفاصيل الأحداث وردت في تقرير رحماني. كما أشار إلى تقرير وزير الاستخبارات محمود علوي حول «جذور الاحتجاجات».
في سياق آخر، كشف المتحدث باسم رئاسة البرلمان بهروز نعمتي عن «تمهيدات» لرفع الحجب عن شبكة «تلغرام» في إيران. وكانت تقارير إيرانية أشارت إلى مخاوف من تفاقم أزمة البطالة بسبب قيود جديدة على شبكة الإنترنت. وقال نعمتي إن رفع الحجب «مرهون بتعهدات من مجموعة (تلغرام)، لأن الأجواء الموجودة وخطوات المعاندين ضد النظام حدثت عبر شبكة (تلغرام)».
وعدّ جعفري دولت آبادي شبكات التواصل الاجتماعي، مثل «تويتر» و«تلغرام»، «حاضّة على الفوضى» في إيران، وقال: «عندما يتم التحكم بتطبيق (تلغرام) تهدأ نار الفوضى». وفي دفاعه عن حجب تطبيق «تلغرام»، تابع جعفر آبادي أنه «لا أساس للتقييم الذي يظهر إيران غير قادرة على التحكم في تطبيق (تلغرام)، ورأينا أنه عندما شعر المسؤولون بأن المصالح القومية وأمن البلاد معرضة للخطر، حجبوا سبب زعزعة الأمان». وقلل مدعي عام طهران من مواقف مسؤولين يربطون فضاء الإنترنت وشبكات التواصل بالحقوق المدنية، وعدّها «بلا أساس». كما وصف مواقف المسؤولين المعارِضة لحجب تطبيق «تلغرام»، بأنها «غير منطقية».
وأشار جعفري دولت آبادي إلى ضرورة عزل خدمة إنترنت إيران عبر شبكة وطنية لـ«قطع الطريق على إثارة الفوضى بيد الأعداء».
ووجه جعفري دولت آبادي مرة أخرى أصابع الاتهام إلى أميركا، متهما إياها بـ«محاولة ركوب أمواج المشكلات المعيشية في إيران» وقال إن «هذا التصور نتيجة أن صبر الناس حيال المشكلات الاقتصادية والمشكلات المعيشية بلغ الذروة، وأنه بحاجة إلى شرارة».
وجاء اتهام أميركا غداة بيان صادر عن 16 ناشطا يطالبون فيه السلطات بعدم توجيه أصابع الاتهام إلى جهات خارجية بالوقوف وراء الأزمات الداخلية.
في سياق متصل، دافع المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي عن فرض قيود على الإنترنت، وقال في تعليق على سقوط عدد من القتلى خلال احتجاجات الأيام الماضية، إن «إظهار سقوط قتلى جزء من مشروع الأعداء عبر شبكة الإنترنت».
في غضون ذلك، قال وزير التعليم محمد بطحايي، أمس، إن وزارته تجري مشاورات مع أجهزة الأمن لإطلاق سراح طلبة المدارس المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة. ونقلت عنه وكالة «إيلنا» أن الوزارة أجرت اتصالات مع وزارة الاستخبارات والجهاز القضائي من أجل حل مشكلة الطلاب المعتقلين نظرا لدخول المدارس موسم الامتحانات. وقال الوزير: «عندما فقدت الاحتجاجات مسارها الطبيعي، حدثت مشكلات لبعض الطلاب»، مضيفا أن وزارة التعليم تواصل جهودها حتى معرفة مصير جميع الطلاب المعتقلين. كما وعد الوزير الإيراني بعدم إحالة أي من الطلاب المحتجزين إلى السجن قبل الوقوف على مصيرهم النهائي.
وجاءت تصريحات الوزير بعد ساعات من تغريدات مثيرة للجدل حول المعتقلين نشرتها عضو مجلس بلدية طهران، ناهيد خدا كرمي. وقالت خدا كرمي إنها طالبت المسؤولين عن الأجهزة الأمنية بالشفافية عبر تقديم تقرير حول عدد المعتقلين في طهران بمن فيهم الطلاب، وأشارت خدا كرمي إلى قلق أقارب المعتقلين من تكرار سيناريو قتل المتظاهرين في سجن كهريزك خلال الاحتجاجات الإيرانية بعد انتخابات 2009.



تقرير: إسرائيل تخطط لشن هجمات على إيران تؤدي إلى «إسقاط النظام»

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
TT

تقرير: إسرائيل تخطط لشن هجمات على إيران تؤدي إلى «إسقاط النظام»

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)

قالت صحيفة «تايمز» البريطانية إن إسرائيل تتشاور مع الولايات المتحدة بشأن الرد على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران هذا الشهر، وحددت إسرائيل أهدافاً تابعة لـ«لحرس الثوري» وقوات «الباسيج» وأيضاً هدفاً ثالثاً غير مباشر: ألا وهو التشجيع على تغيير النظام.

وذكرت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح إلى ذلك في كلمة مصورة، تم تقديمها على أنه خطاب إلى الشعب الإيراني، قبل أيام عدة من الهجوم الصاروخي الإيراني.

وقال نتنياهو: «لا تسمحوا لمجموعة صغيرة من رجال الدين المتعصبين بسحق آمالكم وأحلامكم... يجب أن يعرف شعب إيران أن إسرائيل تقف معكم، عندما تصبح إيران حرة أخيراً، وستأتي تلك اللحظة أسرع بكثير مما يعتقد الناس، سيكون كل شيء مختلفاً».

وقال المنتقدون إن الخطاب باللغة الإنجليزية ربما كان موجهاً إلى الدول الغربية والمعارضة الإيرانية التي تتخذ من الخارج مقراً لها.

ويأمل نتنياهو أن تساعد الغارات الجوية الإسرائيلية المستقبلية في إضعاف «الحرس الثوري» وقوات «الباسيج»، وهما دعامتان للنظام كانتا فعالتين في إخماد الاحتجاجات ضده.

وقال مسؤول غربي، هذا الأسبوع، عن خطة إسرائيل: «إنهم يخططون لضربهم بقوة»، مضيفاً أن هذا من شأنه أن يشجع المعارضة الإيرانية.

ووفقاً للصحيفة، لن يصدق نتنياهو، وهو شخص واقعي، أن موجة واحدة من الغارات الجوية، أو حتى موجات عدة، من شأنها أن تطيح بالنظام من خلال تشجيع انتفاضة شعبية.

لكن البعض في قيادة إسرائيل، بمن في ذلك وزراء الائتلاف اليميني المتطرف الذين يؤيدون اتخاذ إجراءات قاسية ضد إيران، يعتقدون أن هذه لحظة حاسمة يمكن أن تغير توازن القوى في منطقة تشعر بأنها محاصرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران و«محور المقاومة» من جهة أخرى.

وقد تعزز هذا الرأي بالإطاحة برأس «حزب الله» حسن نصر الله، أقوى وكلاء إيران الذين زرعتهم لعقود لمواجهة إسرائيل.

وقال فراس مقصد، زميل بارز في مركز أبحاث معهد الشرق الأوسط: «توصلت إدارة جو بايدن والإسرائيليون إلى تفاهم عام مفاده أن المرحلة الأولى من الرد الإسرائيلي ستقتصر على الجيش و(الحرس الثوري) و(الباسيج)، وسيبتعدون عن المنشآت النووية والنفطية، واستهداف (الباسيج) و(الحرس الثوري) الإيراني من شأنه، كما يأمل البعض، أن يزيد من الضغوط على العلاقة بينهما وبين الشعب».

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد لا تعتقد أيضاً أن النظام في إيران قد يتعرض للتهديد الفوري من قبل ثورة شعبية، فإنها ربما تكون قد تغاضت عن الفكرة لإقناع إسرائيل بعدم ضرب المنشآت النووية والنفطية.

وتريد الولايات المتحدة تجنُّب الهجمات على هذه المنشآت خوفاً من التصعيد: إما أن تسرع طهران من تخصيب اليورانيوم لتصنيع قنبلة نووية، وإما أن تهاجم حقول النفط في المنطقة؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار قبل الانتخابات الرئاسية، الشهر المقبل، وإعطاء دونالد ترمب، المرشح الجمهوري، مزيداً من الوقود لحملته.

ومن المرجح أيضاً أن يؤدي أي هجوم من قِبل إسرائيل إلى إثارة مزيد من ردود الفعل من جانب إيران.

وقال مقصد: «يجب أن نفكر في ذلك بوصفه الطلقة الأولى. سيكون هناك رد إيراني، وهذا سيجعلنا نتجاوز الانتخابات في الولايات المتحدة. عند هذه النقطة، سيكون لدى نتنياهو مزيد من المرونة للرد بطريقة أكثر اتساعاً».

إن النجاحات التي حققتها إسرائيل مؤخراً ضد «حزب الله» في لبنان، بما في ذلك الهجمات التي قللت من القوة القتالية له والضربات الجوية التي قتلت شخصيات رئيسية، مثل نصر الله قد تشجع المتشددين في الائتلاف الحاكم الذي يرأسه نتنياهو على توسيع الحرب ضد عدوهم اللدود.

وقد لا تكون أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، التي درست إيران لعقود، مقتنعة أيضاً بأن الهجمات العسكرية أو السرية يمكن أن تطيح بالمرشد على خامنئي.

وقالت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس: «سأكون مندهشة إذا كانت الأجهزة الأمنية على استعداد لذلك، فمن المستحيل أن تحقق إسرائيل هذا المستوى من النجاح».

ويتفوق معارضو النظام القمعي في إيران على مؤيديه المحافظين؛ فقد سجلت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية هذا العام أدنى مستوياتها على الإطلاق، ودعوات المقاطعة، بعد عامين من قمع الاحتجاجات ضد معاملة النساء.

وقد يشير هذا الاتجاه إلى اقتناع كبير بين الإيرانيين بأن تغيير النظام، وليس الإصلاح، هو المطلوب، لكن قِلة من الناس قد يرحبون بذلك بناءً على طلب قوة أجنبية، كما يقول المحللون.

وقد تتخذ إيران، التي تشعر بالتهديد، إجراءات صارمة استباقية ضد أي علامات على المعارضة.