علاوي يرفض إعادة تجربة 2010 الانتخابية

لمح إلى تأجيل اقتراع مايو... والقوى الشيعية تجدد تأكيد إجرائه

نازحتان في مخيم عامرية الفلوجة بمحافظة الأنبار (رويترز)
نازحتان في مخيم عامرية الفلوجة بمحافظة الأنبار (رويترز)
TT

علاوي يرفض إعادة تجربة 2010 الانتخابية

نازحتان في مخيم عامرية الفلوجة بمحافظة الأنبار (رويترز)
نازحتان في مخيم عامرية الفلوجة بمحافظة الأنبار (رويترز)

تواصل الجهات السياسية العراقية حديثها اليومي عن موضوع الانتخابات المحلية والعامة المقرر إجراؤها في منتصف مايو (أيار) المقبل، بين رأي رافض للتأجيل، وتمثله أغلب القوى الشيعية، وآخر راغب في التأجيل لأسباب تتعلق بموضوع النازحين وإعادة إعمار المحافظات التي تضررت بفعل الحرب ضد «داعش».
ويقول المقرب من الحكومة إحسان الشمري، إن «واحداً من الزعامات السياسية النافذة اشترط تشكيل حكومة مؤقتة مقابل القبول بتأجيل الانتخابات»، ورفض الشمري الكشف عن اسم تلك الشخصية، لكنه شدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن رئيس الوزراء العبادي «متمسك بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد رغم الضغوط التي يتعرض لها، لأن التأجيل يدخل البلاد في دوامة جديدة من المشكلات».
إلى ذلك، وفيما جدد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى همام حمودي خلال استقباله وفد الأحزاب الكردية في بغداد، أول من أمس، تأكيده الالتزام بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة في موعدها المقرر، معتبراً أن «تأجيلها سيفتح نار جهنم على العراق»، لمح نائب رئيس الجمهورية وزعيم القائمة «الوطنية» إياد علاوي إلى إمكانية تأجيل الانتخابات في حال عدم توفر الظروف الملائمة لإجرائها. وقال علاوي خلال حفل نظمه حزب «الوفاق» بمناسبة عيد الجيش العراقي، أمس، إن «تأجيل الانتخابات من عدمه أمر متروك إلى مجلسي النواب والوزراء، لكننا نشدد على ضرورة توفر الأجواء السليمة لإجرائها».
واعتبر علاوي أن أغلب الانتخابات التي حدثت في السابق «لم تكن دقيقة أو صحيحة، واليوم هناك مشكلات عويصة تعصف بالعراق؛ منها مشكلة النازحين والأزمة مع كردستان، وكل هذا بحاجة إلى المعالجة كي نتمكن من إجراء الانتخابات»، مشيراً إلى أن القضية مرتبطة بـ«الكيفية التي تعالج بها تلك المشكلات ولا تتعلق بتأجيل الانتخابات أو إجرائها».
وطالب علاوي بأن تكون «نسبة النزاهة في الانتخابات لا تقل عن 65 في المائة على أقل تقدير وليس كما حدث في السابق، كما لا نريد أن تتدخل الدول في نتائجها كما حدث في عام 2010»، في إشارة إلى حرمان قائمته «العراقية» من فرصة تشكيل الحكومة رغم فوزها بأغلبية مقاعد مجلس النواب حينذاك بواقع 91 مقعداً في مقابل حصول قائمة غريمه نوري المالكي على 89 مقعداً، لكنه نجح في تشكيل الحكومة بدلاً عن علاوي، عبر قرار حصل عليه من المحكمة الاتحادية فسرت بموجبه «الكتلة الأكبر» الفائزة بالانتخابات بأنها المؤلفة داخل مجلس النواب وليست الحاصلة على أكبر عدد من المقاعد النيابية بعد إعلان نتائج الانتخابات.
ولم يشِر علاوي إلى طبيعة التحالفات التي ستعقدها قائمته في الانتخابات المقبلة، لكن مصدراً مقرباً من حزب «الوفاق» كشف عن مفاوضات مكثفة للحزب الذي يتزعمه علاوي مع طيف واسع من الشخصيات والأحزاب السياسية. وإذ طالب علاوي بعدم تكرار تجربة انتخابات 2010، من حيث التدخل الدولي والإقليمي وعدم صحة نتائجها وحرمان قائمته من حق تشكيل الحكومة باعتبارها الكتلة الأكبر الفائزة، كشف المصدر الذي يفضّل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن «علاوي لا يريد إعادة تجربة 2010، لجهة رئاسته لتحالف (العراقية) الذي يضم أغلب الجهات والشخصيات السنية البارزة». ويشير المصدر إلى أن زعامات سنية بارزة من ضمنهم رئيس الكتلة العربية صالح المطلك «اقترحوا تشكيل تحالف شبيه بتحالف 2010، لكنهم اشترطوا أن يتم اختيار المرشحين عبر لجنة لا يتدخل فيها علاوي في مقابل رئاسته التحالف، الأمر الذي رفضه علاوي».
ويلفت المصدر إلى أن «حزب الوفاق وعلاوي لا يرغبان بالانخراط في تحالف طائفي أو قومي لا يحقق طموحات العراقيين، كما أن علاوي لا يثق ببعض القيادات التي خذلته سابقاً وتحالفت مع نوري المالكي بعد أن لوّح لها بالمناصب السياسية». ويقول المصدر إن «علاوي يرغب بالدخول في تحالف عابر للطائفية والقومية وهو يخوض حوارات مستمرة مع أغلب الكتل السياسية، لكنه لم يحدد خياراته النهائية إلا بعد التصويت على قانون الانتخابات والانتهاء من عملية تسجيل التحالفات في مفوضية الانتخابات». وكان تحالف «العراقية» الذي شكّله إياد علاوي عام 2010، ضمّ أغلب الكتل والشخصيات السنية البارزة، مثل نائب الرئيس السابق طارق الهاشمي ووزير المال السابق رافع العيساوي، إضافة إلى نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك وآخرين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.