السودان: «أزمة الخبز» تتفاعل بحملة اعتقالات ومصادرة صحف

المظاهرات تتسع واتهامات للحكومة بالتغطية على إخفاقاتها الاقتصادية

السودان: «أزمة الخبز» تتفاعل بحملة اعتقالات ومصادرة صحف
TT

السودان: «أزمة الخبز» تتفاعل بحملة اعتقالات ومصادرة صحف

السودان: «أزمة الخبز» تتفاعل بحملة اعتقالات ومصادرة صحف

اتّسعت رقعة المظاهرات الاحتجاجية على رفع سعر الخبز والسلع الاستهلاكية الأخرى، في عدد من ولايات السودان، فيما شرعت السلطات في حملة اعتقالات ضد قادة سياسيين، وصادرت 6 صحف يومية، نقلت تقارير عن ارتفاع أسعار الخبز.
وتجددت أمس الاحتجاجات الشعبية والطلابية في الجنينة ونيالا (غرب) والدمازين (جنوب)، وود مدني (وسط)، إضافة إلى احتجاجات نظمها طلاب «جامعة الخرطوم»، كبرى الجامعات السودانية. وذكر شهود أن عدداً من ولايات البلاد تعاني شحاً في الوقود، إضافة إلى ارتفاع سعر المواد الاستهلاكية، ومضاعفة سعر رغيف الخبز، مما أدى إلى حالة تذمر واسعة بين المواطنين.
ونقلت تقارير صحافية، أن سلطات ولاية غرب دارفور علقت الدراسة في المدارس الحكومية والخاصة، على خلفية الاحتجاجات التي نظمها الطلاب الغاضبون من ارتفاع أسعار الخبز، في حاضرة الولاية «الجنينية»، في محاولة للسيطرة على الأوضاع في المدينة.
وصادرت السلطات الأمنية 6 صحف يومية، ومنعت توزيعها بعد الطباعة ودون إبداء أسباب، وهي صحف: «التيار» و«المستقلة» و«القرار» و«الصحية» الخاصة، إضافة إلى صحيفتي «أخبار الوطن» و«الميدان»، لسان حال حزب المؤتمر السوداني. ودرج الأمن السوداني على مصادرة الصحف بعد الطباعة لإلحاق خسائر بناشريها، لإجبارها على «التزام الخطوط الحمر»، ودون إبداء أسباب محددة؛ لكن أحزاب معارضة ومواقع صحافية أرجعت مصادرة صحف أمس إلى إبرازها الاحتجاجات الشعبية، التي بدأت منذ الجمعة في عدد من ولايات البلاد.
من جهة أخرى، قال «حزب المؤتمر» السوداني المعارض في بيان، إن جهاز الأمن الوطني والمخابرات اعتقل رئيس الحزب عمر الدقير من ولاية شمال كردفان صباح أمس، ومسؤول حقوق الإنسان بالحزب جلال مصطفى أول من أمس، وإن عددا من رجال الأمن يحاصرون منزل رئيس الحزب السابق إبراهيم الشيخ. ويرجع الحزب اعتقال رئيسه الدقير إلى تصريحاته التي أطلقها على خلفية اعتقال القيادي في الحزب جلال مصطفى، وقوله إن «القمع والاعتقال لن يحول دوننا والتعبير عن هذه القناعات، ودون إشاعة ثقافة المقاومة والعمل وسط الجماهير واستنهاض الهمم، من أجل العبور إلى وطن الحرية والعدالة والعيش الكريم».
وأعلن الحزب المعارض باكراً رفضه القرارات الاقتصادية التي أفضت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الخبز والسلع الرئيسية الأخرى، ونشط في تنظيم مخاطبات تدعو لرفضها، ودعا الجماهير للاحتجاج والتظاهر لإسقاط نظام حكم الرئيس عمر البشير.
وانتقدت «حركة الإصلاح الآن» التي يتزعمها القيادي الإسلامي المنشق عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم غازي صلاح الدين العتباني، في بيان، ما سمته «حملة جهاز الأمن ضد الحريات الصحافية والسياسية». واعتبرت اعتقالات السياسيين ومصادرة الصحف «محاولة للتغطية على الكارثة الاقتصادية التي حلت بالبلاد، نتيجة السياسات الحكومية غير المسؤولة». وأعلنت الحركة رفضها مصادرة الصحف، والتعدي على حرية النشر والتعبير، و«الزج بالأفراد في السجون من دون قانون أو محاكمة عادلة»، وأكدت أن ذلك مخالف لـ«كل الشرائع السماوية، والقوانين الدولية، وحقوق الإنسان، ومخرجات الحوار الوطني».
من جهة أخرى، أكد وزير الدولة بوزارة الداخلية بابكر دقنة، أمس، أن «القانون يسمح بحرية التعبير السلمي للمواطنين»، بيد أنه هدد بـ«قمع أي عملية تخريب»، وقال في تصريحات صحافية بـ«البرلمان»: «ليس لدي معلومة عن مظاهرات، والتعبير عن أي شيء مسموح؛ لكن التخريب ممنوع وغير مسموح به؛ لكن لن نسمح بالتخريب، وسوف نتعامل بقمع مع أي عملية تخريب».
ومنذ الجمعة، شهدت أنحاء متفرقة من البلاد احتجاجات محدودة، نتيجة للارتفاع غير المسبوق في أسعار الخبز والسلع الاستهلاكية الأخرى، بنسبة مائة في المائة، وأصبح سعر قطعة الخبز الواحدة يساوي جنيهاً سودانياً.
ونتج ارتفاع الأسعار عن تحريك البنك المركزي السوداني سعر صرف الجنيه السوداني في ميزانية عام 2018، من 6.9 جنيه للدولار الأميركي، إلى 18 جنيهاً.
وتسببت زيادات في أسعار المحروقات والخبز في احتجاجات سابقة، عرفت باحتجاجات سبتمبر (أيلول) 2013، راح ضحيتها العشرات، وقدرت منظمات حقوقية أعدادهم بمائتي قتيل، فيما أقرت السلطات السودانية بمصرع نحو 80 مواطناً في تلك الأحداث.



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.