دمشق تطلب من وزير إعلامها الجديد «الحديث عن الانتصارات»

تغيير معدّ ومقدم برنامج «هنا حلب» تلبيةً لرغبة الجهة التجارية الراعية

TT

دمشق تطلب من وزير إعلامها الجديد «الحديث عن الانتصارات»

كلفت الحكومة السورية وزير الإعلام الجديد عماد سارة بوضع «استراتيجية إعلامية للمرحلة المقبلة» تهدف إلى نقل «حقيقة الحياة العامة في سوريا بعد الانتصارات التي تحققت»، حسب وصفها. جاء ذلك خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة الذي يعد أول اجتماع يحضره الوزير الجديد، والذي طُلب منه «أن يتحلى الإعلام بالطرح الموضوعي الشفاف... وتعزيز التواصل مع الوسائل الإعلامية في الدول الصديقة».
كان وزير الإعلام عماد سارة الذي تم تعيينه في أول يوم من العام الجديد بدلاً عن محمد رامز ترجمان، قد افتتح أعماله بإعفاء مراسل التلفزيون الرسمي بحلب شادي حلوة من تقديم برنامج «هنا حلب» وتعيين بدلاً عنه فؤاد أزمرلي، تلبيةً لرغبة مجموعة «قاطرجي غروب» التجارية الراعية للبرنامج، حسبما أظهرته رسالة نشرتها وسائل الإعلام الموالية لدمشق صباح أمس، قيل إنها موجهة من مجموعة «قاطرجي» إلى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وجاء فيها «إن مجموعتنا ترغب في تجديد استمراريتها في دعمها للبرنامج خلال العام المقبل وبحلة جديدة عبر مذيع جديد وهو الإعلامي فؤاد أزمرلي».
وشادي حلوة الذي برز في الإعلام الرسمي خلال 6 أعوام كمراسل حربي في حلب كان مقرباً من قوات النظام، لا سيما قوات سهيل الحسن المعروف بـ«النمر»، واشتهر شادي حلوة رغم إمكاناته الإعلامية الضعيفة بالتقاطه الصور مع جثث مَن كان يصفهم بـ«الإرهابيين» ومقابلاته مع معتقلي قوات النظام التي لا تخلو من التنكيل.
ويعد تدخل جهة تجارية خاصة راعية في اختيار معد ومقدم برنامج في التلفزيون الرسمي سابقة في الإعلام السوري.
ويشار إلى أن وزير الإعلام السابق محمد رامز ترجمان، كان قد أصدر قبل نحو شهر ونصف الشهر قراراً بإعفاء عماد سارة من عمله مديراً عاماً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، إلا أنه اضطر إلى التراجع فوراً عن قرار الإعفاء بعد تلقيه اتصالات من جهات أعلى، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في الأوساط السورية، تكللت بمفاجأة إقالة ترجمان من الوزارة وتعيين سارة بدلاً عنه.
وخلال عام من إدارته لوزارة الإعلام كشف ترجمان عن عمق الأزمات التي تعيشها المؤسسات الإعلامية، فمن السماح بدخول صحافي إسرائيلي ولقائه الرئيس بشار الأسد وعدداً من المسؤولين بزعم أنه دخل بجواز سفر بريطاني، إلى الإقرار بإفلاس التلفزيون وعجزه عن تحمل نفقات ملابس المذيعات، إلى اضطرار معدة برامج إلى الاعتذار عن عملها لعدم قدرتها على تحمل دفع تكاليف الإعداد والاتصال بالضيوف والمشاركين من جيبها الخاص، بعد أن تكبدت تكاليف ذلك لثلاث سنوات كانت خلالها تطالب بتعويض دون جدوى.
وكتبت المعدّة في التلفزيون الرسمي روزالين الجندي على حسابها في «فيسبوك»: «... وبما أنني لم أعد أستطيع تحمل نفقات الصرف على برامجي الفنية، خصوصاً أن الاتصالات أصبحت مرهقة جداً، سأكتفي ببرنامجي الصباحي (صباح الخير) وأتوقف عن إعداد أي برنامج أو سهرة أو أي شيء آخر»، وأوضحت الجندي أن قرارها أتى «بعد جهود خرافية، والاضطرار إلى صرف حتى أجورنا من (راتب وبونات) لكي نستمر».
وكانت هذه أول مرة يصرح فيها عامل بالتلفزيون الرسمي بأنه ينفق من جيبه الخاص على إعداد برامج التلفزيون.
مصدر إعلامي قال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك فائض كبير من العاملين المنتفعين تسللوا إلى التلفزيون عبر قنوات الفساد على مدى عقود، وجاءت سنوات حرب لتزيد تهالك التلفزيون»، لافتاً إلى وجود تجاهل متعمد للتلفزيون الرسمي، قائلاً: «غالبية مؤسسات الدولة والجهات الأخرى باتت تعتمد على السوشيال ميديا للترويج لنشاطها، فهي أقل كلفة وأوسع انتشاراً بما لا يقاس مع المؤسسات التقليدية التي تُركت للارتزاق»، وأعطى مثالاً: «أخبار زيارات الرئيس وعائلته إلى المحافظات ينشرها الإعلام الرسمي بعد ساعات من بثها في السوشيال ميديا».
وفي محاولة لضغط النفقات قام ترجمان بداية عام 2017 بإقفال قناتين تلفزيونيتين وإذاعة. ويأتي تعيين عماد سارة من أبناء مدينة الزبداني لاحتواء ملف فضائح الإفلاس في الإعلام الرسمي.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».