استمرار التوتر والتراشق بين باكستان والولايات المتحدة

واشنطن تعلق مساعدات بـ900 مليون دولار وإسلام آباد تتهمها بتبديل أهدافها

مظاهرات في باكستان ضد الولايات المتحدة بعد قرار تعليق المساعدات العسكرية لباكستان (رويترز)
مظاهرات في باكستان ضد الولايات المتحدة بعد قرار تعليق المساعدات العسكرية لباكستان (رويترز)
TT

استمرار التوتر والتراشق بين باكستان والولايات المتحدة

مظاهرات في باكستان ضد الولايات المتحدة بعد قرار تعليق المساعدات العسكرية لباكستان (رويترز)
مظاهرات في باكستان ضد الولايات المتحدة بعد قرار تعليق المساعدات العسكرية لباكستان (رويترز)

في محاولة منها لتبديد ما ذكره الرئيس الأميركي دونالد ترمب بخصوص إخفاق إسلام أباد في التعاون في القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، قالت وزارة الخارجية الباكستانية الجمعة إن باكستان اعتمدت على مصادرها الذاتية في حربها ضد الإرهاب، وهذا ما كلف خزينتها أكثر من 120 مليار دولار على مدى الـ15 سنة الماضية، وأنها تكبدت خسائر في الأرواح فاقت 62 ألف شخص، مضيفة أنها «مصممة على المضي في خطواتها من أجل الحفاظ على أرواح مواطنيها والاستقرار الأمني في المنطقة بشكل عام». وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت تجميد التمويل «حتى اتخاذ الحكومة الباكستانية إجراءات حاسمة ضد (حركة) طالبان الأفغانية وشبكة حقاني».
وكتب ترمب في تغريدته الأولى لعام 2018 «إن الولايات المتحدة وبحماقة أعطت باكستان أكثر من 33 مليار دولار من المساعدات في السنوات الـ15 الأخيرة، في حين لم يعطونا سوى الأكاذيب والخداع معتقدين أن قادتنا أغبياء». وأضاف: «إنهم يقدمون ملاذا آمنا للإرهابيين الذين نتعقبهم في أفغانستان. انتهى الأمر!».
ما ذكرته باكستان حول التكلفة يبين بأنها أنفقت خلال الفترة أكثر بكثير مما تلقته من مساعدات من الولايات المتحدة خلال الفترة المذكورة، أي منذ بدأت حملتها بطرد القاعدة وحكومة طالبان من أفغانستان.
وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إنها تلقت فقط 14 مليار دولار من المساعدات الأميركية، و14 مليار أخرى كتعويض للنفقات التي تكلفت بها من خلال المساعدة التي قدمتها للقوات الأميركية في أفغانستان. جاء ذلك بعد إعلان الولايات المتحدة تعليق المساعدات العسكرية لإسلام آباد، والتي يعتقد أن قيمتها 900 مليون دولار على الأقل.
وتلقت وزارة الدفاع الأميركية أمرا بوقف تسديد الدفعات من «صندوق دعم التحالف» المخصص لتمويل نفقات باكستان لعمليات مكافحة الإرهاب. وسيتم استثناء حالات «الأمن القومي الحساسة»، فيما رفض المسؤولون تحديد مدى خسائر باكستان إن رفضت التعاون.
«قانون إجازة الدفاع القومي» يتيح للجيش الأميركي إنفاق مبلغ يصل إلى 900 مليون دولار في العام المالي 2017 و700 مليون في 2018.
وشددت نويرت على أن المساعدات لم تلغ، لافتة إلى إمكان استئنافها إذا ما اتخذت باكستان خطوات تثبت التزامها مكافحة المجموعات الجهادية. وقالت إن «الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع باكستان في مكافحة جميع الإرهابيين بلا تمييز». وتابعت: «نأمل أيضا في تجديد وتعزيز علاقتنا الأمنية الثنائية عندما تثبت باكستان استعدادها للشدة في مواجهة طالبان أفغانستان وشبكة حقاني وغيرهما من الجماعات الإرهابية والمسلحة التي تعمل انطلاقا من هذا البلد». وختمت مؤكدة، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية: «لذا لن نسلم معدات عسكرية أو نحول أموالا متصلة بالأمن إلى باكستان إلا إذا كان أمرا يفرضه القانون».
رد باكستان بحزم على نبرة ترمب الحادة آثار المخاوف من تقويض الخلاف لدعم إسلام آباد للعمليات الأميركية في أفغانستان. وقالت إن «المواعيد النهائية التعسفية» التي تحددها الولايات المتحدة وتبديل أهدافها لها نتائج عكسية على المساعي الرامية للقضاء على التهديدات الأمنية المشتركة في المنطقة. وقالت وزارة الخارجية الباكستانية عقب الإعلان الأميركي: «نحن مرتبطون مع الإدارة الأميركية في مسألة التعاون الأمني وننتظر مزيدا من التفاصيل». وأضافت: «المواعيد النهائية التعسفية والقرارات الأحادية وتبديل الأهداف لها نتائج عكسية في التعامل مع التهديدات المشتركة». كما حذرت من أن «الآجال الاعتباطية والإعلانات الأحادية الطرف وتحوير الأهداف، تأتي بعكس المطلوب في التعامل مع التهديدات الشائعة»، من دون أن تذكر تحديدا القرار الأميركي.
وأعلنت الخارجية الأميركية عن تجميد شحنات المعدات العسكرية والتمويل الأمني حتى تقوم باكستان بقمع المسلحين الإسلاميين. وأكد مسؤولون تعليق الخارجية الأميركية في سبتمبر (أيلول) الفائت مساعدات مالية أخرى بقيمة 255 دولارا تسمح لباكستان بالتزود بأسلحة عالية التقنية من شركات أميركية، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية من واشنطن.
وأكدت الخارجية الباكستانية أن التهديدات الناشئة كالوجود المتنامي لتنظيم داعش في المنطقة يضاعف من أهمية التعاون اليوم أكثر من أي وقت.وخاضت باكستان عمليات شرسة ضد مجموعات باكستانية مسلحة هددت أمنها. لكن المسؤولين الأميركيين يتهمون المسؤولين الباكستانيين بتجاهل الجماعات التي تشن عمليات في أفغانستان انطلاقا من ملاذات آمنة على طول الحدود بين البلدين، أو بالتعاون معها. هذه المجموعات تهدد الحكومة الأفغانية التي تدعمها واشنطن وسبق أن قتلت الكثير من الجنود الأميركيين الذين أرسلوا إلى المنطقة في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، لكنها ليست المرة الأولى التي يحتدم فيها الغضب الأميركي.
فقد أجاز سلف ترمب باراك أوباما غارات الطائرات بلا طيار على مناطق اعتبرت ملاذات آمنة وأرسل قواته الخاصة لقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مخبئه في أبوت آباد. غير أن نبرة ترمب الهجومية، أولا في خطاب في أغسطس (آب) وأخيرا في أولى تغريداته للعام الجديد، أغضبت المسؤولين الباكستانيين. كذلك أثار الإعلان الأميركي احتجاجات صغيرة الجمعة في باكستان، بما في ذلك في شامان، أحد المعبرين الحدوديين مع أفغانستان حيث تجمع المئات وأطلقوا هتافات مناهضة للأميركيين. رغم الاتهامات المتبادلة، يشدد الدبلوماسيون الأميركيون في المجالس الخاصة على أن العلاقة الثنائية ليست في أزمة، ويشيرون إلى زيارة كل من وزيري الخارجية والدفاع ريكس تيلرسون وجيم ماتيس إلى باكستان مؤخرا. كما يؤكدون أن باكستان لا ترفض مقاتلة شبكة حقاني، لكن العاصمتين على خلاف بشأن الوقائع الميدانية وسط رصد الاستخبارات الأميركية لإسلاميين مسلحين يتحركون بحرية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».