المحكمة العليا الإسبانية ترفض الإفراج عن نائب رئيس كتالونيا المعزول

TT

المحكمة العليا الإسبانية ترفض الإفراج عن نائب رئيس كتالونيا المعزول

قضت المحكمة العليا الإسبانية في مدريد بعدم الإفراج عن اوريول يونكيراس نائب رئيس إقليم كتالونيا المقيم في بلجيكا وذلك لأسباب من ضمنها عودة القيادي الكتالاني إلى إعلان الاستقلال أو تنظيم أعمال احتجاج في إقليم كتالونيا.
ردود الفعل داخل الشارع الإسباني تباينت بين موافق ورافض لهذا القرار وعبر رئيس الإقليم كارليس بوتشيمونت عن خيبة أمله في القضاء الإسباني وأشار إلى أن نائبه يعتبر «رهينة» لدى مدريد حسب زعمه.
وطبقا لنتيجة الانتخابات التي جرت في إقليم كتالونيا في الشهر الماضي فإن اوريول يونكيراس نائب رئيس الإقليم والذي رفضت المحكمة الإفراج عنه, قد تم انتخابه من جديد في برلمان الإقليم إضافة إلى ساسة آخرين محتجزين لدى السلطات الإسبانية وهم خواكيم فورن وجوردي سانشيز عن حزب الاتحاد من أجل كتالونيا، إضافة إلى الساسة الثلاثة يوجد كارليس بوتشيمونت رئيس الإقليم المقيم في بروكسل وقد تم انتخابه مجددا في برلمان الإقليم الشهر الماضي إضافة إلى المستشارين الأربعة المقيمين معه في بلجيكا وهم كلارا بونساتي وو لويس بويغ وتوني كومين وميريتشيل سيريت وبذلك يعتبر الثمانية مهمين في معادلة تشكيل الحكومة الجديدة ولذلك ترفض السلطات الإسبانية الإفراج عنهم حتى تصبح عملية تشكيل الحكومة معقدة طبقا لما قاله يونكيراس.
هذا وحصد الانفصاليون نحو 70 مقعدا في البرلمان الكتالوني وهو رقم مهم في تحقيق أغلبية داخل البرلمان وبتحقيق 68 مقعدا تكتمل الأغلبية المطلقة في البرلمان مما يدفع لتشكيل الحكومة وفقا للانفصاليين كذلك اختيار رئيس الإقليم وبالتالي فإن مع وجود ثمانية من السياسيين بين المحتجزين والهاربين سيكون المشهد السياسي أكثر تعقيدا خلال الأيام المقبلة.
وقالت المحكمة العليا الإسبانية إن قرارها استند على تجنيب البلاد المزيد من العقبات وخاصة إن كان لديها السندات القانونية والتي توحي بأن عملية الإفراج عن يونكيراس نائب رئيس الإقليم قد تدفع إلى دعمه لفكرة الانفصال مجددا وهو ما يهدد أمن وسلامة البلاد وخاصة أنه لم يتخل بعد عن هذه الفكرة.
في هذه الأثناء انتقدت أصوات معارضة تابعة للتيار الانفصالي هذا القرار وأشارت إلى أنه قريبا ستتشكل الحكومة الكتالونية وحتى إن خرجت من محكمة حقوق الإنسان الدولية والتي يرغب الانفصاليون باللجوء إليها.
ومن المقرر أن يعقد برلمان كتالونيا الجديد أولى جلساته في 17 يناير (كانون الثاني) في أول خطوة لإعادة السلطة إلى الإقليم بعد أن أقالت مدريد الإدارة السابقة فيه بسبب إعلانها الاستقلال بصورة غير مشروعة. وبمجرد انعقاد البرلمان سيتقدم زعماء الحكومة الإقليمية المحتملين بأسمائهم لطرحها في تصويت على الثقة لكن تشكيل حكومة جديدة قد يستغرق أشهرا. من جهة أخرى قال خوان تاردا المتحدث باسم حزب «إي أر سي» الكتالاني إن من الأشخاص المحتملة لقيادة الحكومة الكتالونية الجديدة هم اوريول يونكيراس المحتجز حاليا لدى مدريد أو الرئيس السابق كارليس بوتشيمونت والمقيم في بلجيكا والهارب من تنفيذ أحكام إسبانية عليه وهو ما يعقد المشهد ويضع إسبانيا أمام أزمة سياسية كبيرة تعتبر الأكبر في تاريخها الحديث منذ انقضاء الحقبة الديكتاتورية بقيادة فرانكو وذلك بعد إجراء الانفصاليين لاستفتاء محظور على الانفصال عن إسبانيا في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».