تبادل اتهامات بين شركاء «الصخيرات»

خلافات جوهرية حول الاستفتاء على الدستور والانتخابات

صورة أرشيفية لسلامة خلال لقائه الأطراف الليبية في تونس أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لسلامة خلال لقائه الأطراف الليبية في تونس أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

تبادل اتهامات بين شركاء «الصخيرات»

صورة أرشيفية لسلامة خلال لقائه الأطراف الليبية في تونس أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لسلامة خلال لقائه الأطراف الليبية في تونس أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

عادت التجاذبات والاتهامات مجدداً بين أعضاء لجنتي الحوار الليبي الممثلتين لمجلسي النواب، و«الأعلى للدولة»، على خلفية توقف تعديل اتفاق «الصخيرات»، وبدأ كل فريق يوجه اتهامات صريحة للآخر بالتسبب في تعثر المحادثات التي احتضنتها تونس في سبتمبر (أيلول) الماضي، في وقت اعتبرت فيه اعتماد المسلاتي، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، أن دعوة الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات «تمثل شهادة وفاة للاتفاق».
وفي وقت يجري فيه غسان سلامة، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، جولات مكوكية في أنحاء البلاد للبحث عن نقاط توافق بين الأفرقاء السياسيين حول الخريطة الأممية، تخلى طرفا الحوار عن صمتهما، ورأى كل منهما في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه أبدى «قدراً كبيراً من المرونة حيال النقاط الخلافية في الاتفاق، وعلى الطرف الآخر أن يستجيب لنداء الوطن».
وكسّر عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار عن مجلس النواب الذي يمارس سلطاته في طبرق (شرق البلاد)، حاجز الصمت ببيان كان بمثابة حجر ألقي في مياه راكدة، وتساءل عن طبيعة الاتفاق السياسي، وإن كان «اتفاق مؤسسات أم أشخاص»؟ ومباشرة بعد ذلك جاءت الردود متباينة، إذ قال عمر بوشاح، عضو المجلس الأعلى للدولة، لـ«الشرق الأوسط» إن «السيد نصية يطرح جملة من المغالطات»، مضيفا أن مجلس النواب «إذا تعاطى بإيجابية مع مقترح الأعلى للدولة فإنه سيتم تعديل الاتفاق، والوصول إلى سلطة تنفيذية تقود المرحلة الانتقالية إلى الانتخابات».
غير أن عز الدين قويرب، النائب عن مدينة زليتن (على الساحل الغربي) وعضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، يرى في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن تعديل (الصخيرات) الذي وُقع في المغرب في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015، تعثر بسبب ما سماه «تعنت مجلس الدولة، وعدم جدية سلامة»، وذهب إلى أن مجلس الدولة «يرفض آلية اختيار أعضاء المجلس الرئاسي الجديد حسب مقترح الأمم المتحدة، ويطالب بصلاحيات تشريعية وهو مجلس استشاري فقط»، موضحا أنه «يريد الشراكة في كل شيء وكأنه غرفة تشريعية ثانية»!
ولام نصية على المجلس الأعلى للدولة ما سماه «تنصله من التوافقات التي تمت في لقاءات تونس، والتي أحيلت إلى المجلسين بعد انتهاء كل جولة، والتي أكد فيها أنه غير معني بتصويت مجلس النواب وتعاطيه معها».
كما تساءل نصية في بيان أصدره «إذا كان مجلس الدولة لا يعنيه قرار البرلمان، أو معاناة الليبيين، والخروج بهم من الأزمة، فما الذي يعنيه يا ترى»؟، وتابع موضحا «لقد تحاورنا لتعديل الاتفاق بكل جدية وإصرار للوصول إلى مؤسسات قادرة على مواجهة القضايا الحقيقية في البلاد، ورغم المطامع الشخصية والأوهام الجهوية، إلا أننا استطعنا بناء سلطة تنفيذية جديدة تنبع من إرادة الشعب، تكون مهمتها توحيد المؤسسات لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفقاً لمرحلة دائمة».
ورد بوشاح على حديث نصية قائلاً إن «البعثة الأممية تقدمت بمقترح ليس نهائياً للسلطة التنفيذية، ولم يتم التوافق حوله في تونس، ومجلس الدولة أوضح موقفه وملاحظاته عليه»، وتابع موضحا «نحن ما زلنا ننتظر رد البعثة ومجلس النواب».
وكان المجلس الأعلى للدولة قد نفى التوافق مع مجلس النواب حول المقترح المقدم من مبعوث الأمم المتحدة، بشأن تعديل مواد السلطة التنفيذية في الاتفاق السياسي، وقال إنه غير معني بتصويت البرلمان على المقترح، متمسكاً بنص المادة (12) من الأحكام الإضافية، التي تنظم عملية تعديل الاتفاق.
وأرجع قويرب في حديثة إلى «الشرق الأوسط» سبب رفض مجلس الدولة إلى أنه «يستند على دعم بعض الأطراف الدولية، باعتباره طيفاً سياسيا واحداً، يمثل توجه الإسلاميين فقط.... ونحن نرفض شرعنته بهذا الشكل»، مستكملاً «إذا أراد أن يظل جسماً من ضمن هياكل الدولة الرسمية فعليه أن يتشكل على الوجه الذي يمثل كل المواطنين، ويعبر عنهم جميعاً».
وعلى مدار جولتين من المفاوضات استضافت تونس في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، ممثلين عن مجلس النواب و«الأعلى للدولة» بهدف التوصل إلى صيغة توافقية لتعديل الاتفاق، لكنها تعثرت رغم إحراز بعض التقدم. وشكلت المادة الثامنة حجر العثرة أمام استكمال الحوار.
وسألت «الشرق الأوسط» قويرب عن التحضيرات التي تجري الآن في ليبيا وخارجها لـ«المؤتمر الوطني الجامع»، فقال إنه «فكرة عبثية غير قابلة للتطبيق»، واصفاً المبعوث الأممي بأنه «متذبذب ومشتت... سلامة محكوم بوجهة نظر سفراء بعض الدول المختلفة في توجهاتها حول الوضع في البلاد، وأعتقد أن هناك من يشتت الجهود في عدة مسارات مختلفة بهدف إبقاء الوضع على ما هو عليه، أي بقاء المجلس الرئاسي... وهناك من يريد أن يقول في النهاية: حاولنا معكم ولم تتفقوا، لذلك يجب أن نبقي السراج».
وأضاف قويرب «لا نوافق على المؤتمر الجامع، ومن الأفضل إجراء الانتخابات»، لكن بوشاح انتهى إلى أن المجلس الأعلى للدولة، الذي ينتمي إليه «متمسك بالاستفتاء على مشروع الدستور، والذهاب إلى الانتخابات دون خلق أي أجسام انتقالية أخرى».
وأعلن سلامة، الذي تسلم مهام عمله في أغسطس (آب) الماضي، أمام الاجتماع الدولي رفيع المستوى الذي عـقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك برئاسة الأمين العام أنطونيو غوتيريش، «خطة العمل من أجل ليبيا» في 20 سبتمبر(أيلول) الماضي، تتضمن ثلاث مراحل، وتتضمن الثانية منها عقد مؤتمر وطني جامع تحت رعاية أممية، بهدف فتح الباب أمام «من تم استبعادهم، وأولئك الذين همشوا أنفسهم، وتلك الأطراف التي تحجم عن الانضمام إلى العملية السياسية».
وفي مقابل أصوات عدة ترى أن الانتخابات هي الحل لإنهاء الفوضى التي تضرب ليبيا منذ عام 2011. قالت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور اعتماد المسلاتي إن الدعوة إلى الانتخابات دون دستور للبلاد «تمثل عودة للوراء، وتخلق ديكتاتورية جديدة»، متهمة مجلس النواب بـ«المماطلة في إصدار قانون الاستفتاء على مشروع الدستور». وانتهت المسلاتي في تصريح صحافي إلى أن أعضاء الهيئة التأسيسية للدستور «يرحبون بما سيصدر من أحكام قضائية تتعلق بمشروع الدستور، وسيتم إيجاد حل للأزمة من الناحية القانونية».
وحددت المحكمة العليا 21 يناير (كانون الثاني) الجاري موعداً لنظر الطعن المقدم من الهيئة التأسيسية على الحكم الصادر من محكمة استئناف البيضاء الدائرة الإدارية، القاضي بإيقاف مشروع الدستور في الشق المستعجل.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.