كليبات غنائية مثيرة للجدل في مصر تقود أصحابها إلى السجن

قادت بعض الأغاني «المثيرة» أصحابها، إلى محاكمات عاجلة، في مصر، انتهى كثير منها بالحبس، بعد إثارة جدل واسع حولها في الأوساط الشعبية والدينية، ووُجهت انتقادات حادة لمطربي تلك الأغنيات بل واتهامات بترويج الفسق والفجور. ويرجع خبراء علم الاجتماع والإعلام انتشار هذه الظاهرة في مصر مؤخرا، إلى تحقيق شهرة سريعة، وأرباح مادية كبيرة على طريقة «خالف تعرف».
وكانت محكمة جنح الجيزة أمس (الخميس) أصدرت قرارا بتجديد حبس «ليلى عامر» بطلة كليب عنوانه مثير، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات؛ لاتهامها بخدش الحياء العام وتحريضها على الفسق والفجور، بعدما تمكنت المباحث من ضبط بطلة الكليب على خلفية الاتهامات الموجهة إليها.
وفي غضون ذلك، قضت أيضا محكمة جنح مستأنف النزهة، بالقاهرة، بتخفيف عقوبة حبس المطربة «شيما» بطلة كليب «عندي ظروف»، بالحبس لمدة سنة واحدة بدلا من سنتين. وأدانتها المحكمة بالتحريض على الفسق ونشر فيديو كليب خادش للحياء، وفقا لما جاء في حيثيات حكم المحكمة. وأحدث الكليب الذي صورته المغنية شيما لأغنيتها والذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، انتقادات عنيفة لما احتواه من مشاهد «إيحائية». وتلقت الشرطة بلاغات عدة من أشخاص ساءهم مضمون هذا الكليب.
ونشرت إحدى الصحف المصرية الخاصة موضوعا عقب انتشار الفيديو بعنوان «المغنية شيما تقدم إلى الشباب درسا في الرذيلة بكليب عندي ظروف». ولم تفلح اعتذارات المطربة المغمورة، التي نشرتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، في تهدئة غضب كثير من المواطنين، وقالت: «لم يكن في بالي أن يحدث كل هذا أو أن أتلقى هجوما قويا من كل الناس بصفتها مطربة شابة ما زالت في مقتبل عمرها».
وكانت الشرطة المصرية قد أوقفت المغنية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للتحقيق معها قبل أن تقرر النيابة العامة إحالتها للقضاء، الذي حكم بحبسها عامين قبل تخفيف الحكم إلى عام واحد في الاستئناف.
ومن جهتها، قررت نقابة المهن الموسيقية سحب تصريح عمل «شيما»، لأنها ليست عضوا عاملا بالنقابة، لكنها تحصل على تصاريح عمل سنوية مؤقتة. وأكدت النقابة أن الفيديو كليب، الذي طرح على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، يدعو للخروج عن القيم المجتمعية والأخلاق.
في السياق نفسه، فإن مطربة كليب «عندي ظروف» ليست أول مطربة تتعرض إلى محاكمة قضائية بالتهمة نفسها. ففي عام 2015، قضت محكمة مصرية بالحبس سنة بحق مطربة وراقصة قامت بتصوير فيديو كليب بعنوان «سيب إيدي»، وتم تخفيض الحكم لاحقا إلى ستة أشهر.
وتعرضت كذلك المطربة دوللي شاهين إلى هجوم حاد بعد بث أغنية لها بسبب الألفاظ والملابس المثيرة التي ارتدتها في الكليب، وتم وقف إذاعة الأغنية على القنوات والإذاعات الغنائية المختلفة. كذلك نجحت الراقصة الاستعراضية المصرية سما المصري، في لفت الأنظار إليها بعدما طرحت كليب لأغنية لها، ما أثار هجوما حادا عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها لم تتعرض لملاحقة قضائية.
ولفهم الأسباب التي تؤدي بالفنان لاستفزاز المجتمع قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، لـ«الشرق الأوسط»: «انتشار الكليبات والأغنيات المثيرة للجدل، يعود للتدني الخلقي، وتراجع القيم، وهذا يعود في الأساس لغياب الضوابط المحددة للعمل الفني والإعلامي، مع عدم وجود رادع قوي لمواجهة تلك الكليبات المثيرة».
وأضافت: «السبب الثاني وراء انتشار تلك الكليبات، هو البحث عن الشهرة السريعة والربح التجاري، وإعلاء القيم التجارية على حساب القيم الأخلاقية». وطالبت فايد بوضع ضوابط واضحة لمواجهة هذه الحمى لأنها تؤثر على أجيال كاملة.
وتابعت قائلة: «المجتمع المصري مصاب حاليا بنوع من الرخاوة فيما يخص التنظيم الإعلامي، عكس العقود الماضية التي لم يجرؤ أحد فيها على تصوير مثل تلك المشاهد، وهنا يأتي دور وزير الثقافة المنوط به نشر الثقافة والفنون الإبداعية ومواجهة الأفكار الهدامة التي تحث على الرزيلة».
إلى ذلك، قال الدكتور صفوت العالم، أستاذ كلية الإعلام بجامعة القاهرة، ورئيس لجنة تقييم الأداء الإعلامي سابقا: «يجب أن يصدر المجلس الأعلى للإعلام كتابا جديدا يحدد فيه مرتكزات وضوابط العمل الإعلامي والإعلاني والدراما، لمواجهة الكليبات المثيرة، التي تنتشر بسرعة هائلة على شبكات التواصل الاجتماعي، وينبغي الاطلاع على ماهية هذه الأغنيات قبل ظهورها على الشاشة».
وأضاف العالم قائلا: «اللجنة لا تتحرك إلا بعد إثارة الضجيج حول تلك الفيديوهات، وتتخذ عقوبات متفاوتة غير مستندة إلى ضوابط ومرتكزات ثابتة».
ودعا أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إلى «حل نقابة الإعلاميين، لأنها غير منتخبة واستمرارها غير قانوني، بعدما مر على تدشينها أكثر من 6 أشهر، ولا بد من انتخاب نقيب جديد، وأعضاء مجلس جديد، للاطلاع على مهامهم الرئيسية في وضع ضوابط ولوائح جديدة منظمة للمشهد الإعلامي بشكل عام في مصر».