All the Money in the World * إخراج: ريدلي سكوت * تقييم: (4*) تشويق جيد من مخرج خبر كل الأنواع السينمائية الممكنة بجدارة عالية. صاحب فيلم «بليد رَنر» و«آليان» (الجزء الأول) و«كيان من الأكاذيب» و«المريخي» بين عشرات أخرى، يوجه اهتمامه هنا إلى واقعة حقيقية حدثت في الثمانينات عندما اختطف حفيد الملياردير بول غَتي في إيطاليا مقابل فدية قدرها 17 مليون دولار. سكوت يلج الموضوع من زاوية مشبعة بالاختلاف عما قد يتبادر إلى الذهن. يتحدث عن سعي الأم (التي لا تملك المبلغ) لدى الجد (الممانع) ثم توجهها إلى عميل استخبارات سابق لمساعدتها. يسرد سكوت الحكاية بقوّة ويدير ممثليه (ميشيل ويليامز، كريستوفر بلامر، مارك وولبرغ وآخرين) بمهارة خبير.
The Insidious: The Last Key > إخراج: آدم روبيتل > تقييم: (2*) أول فيلم رعب يحط على شاشات العام الجديد هو الرابع في سلسلة عرض أولها في (2010). الحكايات، لمن اكترث لمتابعة هذه السلسلة، تشابكت بحثاً عن مفاجآت لا تتحقق وهي متشابكة في هذا الفيلم المتعرج من بداية مقبولة إلى وسط ونهاية هزيلتان. تنتقل الأحداث من الماضي المعبّـر عنه بمشاهد «فلاشباك»، إلى الحاضر حيث تعيش بطلته إليز (آفا كولكر) بمنأى عن ذكرياتها مع الماضي المسكونة بأرواح شريرة. لكن ها هو الماضي يعود إليها عندما تقبل زيارة المنزل الصغير والمخيف الذي عاشت فيه حين كانت فتاة صغيرة. هذه العودة هي «مفتاح أخير» في جعبة صانعي الفيلم لسرد مفارقات يُقصد بها التخويف وتعمل بنصف طاقتها لتحقيق ذلك.
Acts of Vengeance > إخراج: آيزاك فلورنتين > تقييم: (2*) أنطونيو بانديراس في بطولة هذه الدراما البوليسية (مكتوبة خصصاً للسينما) يقوم بشخصية محامي رصد ذات مرّة «خللاً تقنياً» في عملية القبض على قاتل استطاع من خلاله تبرئة موكله الذي كان قتل بالفعل زوجة وابنة أحد رجال البوليس. الآن المحامي في الورطة ذاتها. لقد قتل أحدهم زوجته وابنته ويبدأ عملية البحث والانتقام مع نصف مفاجأة قرب النهاية. يستعين الفيلم بكتابات الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس (حكم ما بين 161 و169 ميلادية) حول العنف والقتل والانتقام. أمور لا تعني الكثير لفيلم همّـه الوحيد سرد حكاية قتل وانتقام أخرى.
(1*) لا يستحق (2*) وسط (3*) جيد (4*) ممتاز (5*) تحفة
ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.
الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.
«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟
الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.
ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.
ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.
* عروض مهرجان مراكش.
CELEBRATION
(ممتاز)
* إخراج: برونو أنكوڤيتش
* كرواتيا/ قطر (2024)
«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.
نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.
«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.