شيرين عبادي لـ {الشرق الأوسط}: الإنفاق العسكري في اليمن وسوريا نشر الفقر في إيران

الفائزة بجائزة نوبل للسلام طالبت بإجراء استفتاء وبقاء الإيرانيين في الشارع والضغط على الحكومة

شيرين عبادي (رويترز)
شيرين عبادي (رويترز)
TT

شيرين عبادي لـ {الشرق الأوسط}: الإنفاق العسكري في اليمن وسوريا نشر الفقر في إيران

شيرين عبادي (رويترز)
شيرين عبادي (رويترز)

قالت رئيسة مجمع مدافعي حقوق الإنسان في إيران الحائزة على «نوبل السلام 2003» لـ«الشرق الأوسط» إنه على الرغم من إعلان الشعب الإيراني مطالبه منذ سنوات، فإن السلطة تواصل تجاهله، مشددة على أن الإنفاق العسكري في سوريا واليمن ولبنان أدى إلى ضعف الميزانية وانتشار الفقر في إيران.
وأوضحت عبادي أن الفقر سبب سخط شعبي أدى إلى خروج مظاهرات كانت انطلاقتها اقتصادية ومادية بحتة قبل أن تنتقل إلى الشعارات الراديكالية التي استهدفت عمود النظام. وتابعت أن «الشعب وصل إلى نتيجة أن الحكومة لا تتجاوب مع مطالبهم للوصول إلى الرفاه ورفع التمييز ومكافحة الفساد».
وبمضي أسبوع على الاحتجاجات «أغلبية الشعب الإيراني يرفع شعار الاستفتاء» بحسب عبادي، عن أسباب ذلك أوضحت أن «الشعب الإيراني يعرف الآن تماما أن البنية السياسية الحالية التي تنحصر كل قوتها بيد شخص واحد وهو ولي الفقيه لا يمكن أن تقوم بإصلاحات ومن أجل ذلك يطالبون بإجراء استفتاء».
وحول طبيعة المظاهرات وتعامل السلطة مع المحتجين قالت عبادي إن «الشعب نزل سلميا إلى الشارع ولكنه تعرض إلى هجوم من الشرطة وقوى الأمن»، وزادت: «الحكومة تقول إنها اعتقلت أكثر من 700 شخص لكن أنا على ثقة أن عدد المعتقلين والقتلى أكثر من ذلك بكثير».
وعن أسباب تضارب أرقام القتلى والمعتقلين لفتت إلى أن «الأوضاع تمنع الصحافيين من القيام بمهامهم في متابعة القضية ولا يمكنهم إعداد تقارير دقيقة ولكن عدد المعتقلين مرتفع».
ووجهت رسالة عبادي إلى الإيرانيين، قالت فيها: «في الدرجة الأولى أطلب من أبنائي في قوات الشرطة والحرس الثوري أن يلقوا بالبنادق على الأرض والالتحاق بصفوف المحتجين وألا يقتلوا إخوانهم».
وفي الدرجة الثانية خاطبت عبادي الشعب الإيراني «ألا يخرب الأموال العامة وأن يكفوا عن العنف لأنه يتسبب في تبرير عنف الحكومة». كما طالبت الإيرانيين بالبقاء بالشارع معتبرة ذلك «حقا للإيرانيين يعترف به الدستور الإيراني»، وقالت: «بالبقاء في الشارع وإعلام مطالبكم وهو عمل قانوني يجب الاستمرار فيه».
ومع ذلك شددت عبادي على ضرورة الالتزام بالطابع المدني وتجنب العنف. كما دعت إلى عدم دفع الفواتير المتعقلة بالمياه والغاز والكهرباء والضرائب، وقالت في هذا الصدد مخاطبة الإيرانيين: «على مدى 38 عاما إذا لم تسمع الحكومة كلامكم الآن فقد حان دوركم في تجاهل ما تقوله الحكومة».
ودعت عبادي مواطنيها إلى سحب الأموال والأرصدة من البنوك الحكومية لممارسة الضغط الاقتصادي على الحكومة وإجبارها على الكف عن العنف والتجاوب مع مطالبهم.
وعن روحاني في احتواء الغضب الشعبي خاصة بعد اتهامه بالتخلي عن وعوده أوضحت عبادي: «في ظل الاستياء الشعبي من الوضع الراهن نزل الناس إلى الشارع والسيد روحاني شغل مناصب أمنية على مدى 38 عاما وهو ما يعني مشاركته ومسؤوليته في هذا الوضع المتدهور»، وأضافت: «لو كان أمل في روحاني لما وصلت الأوضاع إلى ما آلت إليه».
كما اعتبرت المشكلة الجوهرية في إيران «البنية السياسية الإيرانية» القائمة على أصل ولاية الفقيه وهو «ما يعني حصر السلطة بيد شخص واحد وهو ما لا يصلح ولا يمكن إصلاحه».
وانتقد عبادي مواقف الدول الأوروبية التي تقدم مصالحها الاقتصادية، قائلة إن «عند توقيع العقود ينسون مع أي حكومة يتعاملون. في الوقت الحالي أكثر من 33 إيرانيا من أصحاب الجنسيات المزدوجة بما فيهم نازنين زاغري وكمال فروغي المواطنان البريطانيان في السجون والحكومة تحتجزهم رهائن لكن نرى في المقابل هناك عقود ضخمة بين بريطانية والحكومة الإيرانية».
واتهمت عبادي الدول الأوروبية بتجاهل أوضاع حقوق الإنسان عندما تكون القضايا الاقتصادية مطروحة.
وبشأن تأثير المواقف الدولية على الحراك الشعبي في إيران، قالت عبادي إن «مفهوم حقوق الإنسان عالمي ولا يعرف حدودا وأي حدث في العام يتطلب مواقف دولية»، وشدد على أن الإيرانيين «لا يستغنون عن العالم»، لكنها بالوقت نفسه، قالت إن الحراك الشعبي الإيراني «بحاجة إلى دعم معنوي».
وقالت: «يجب ألا يمنحوا إيران أي أسلحة. نحن بحاجة إلى عدم إبرام صفقات مع إيران تضر بالشعب الإيراني وأن تجبر الحكومة الإيرانية على تحسين أوضاع حقوق الإنسان». وقالت ردا على انتقادات الخارجية الإيرانية للمواقف الدولية من الاحتجاجات: «مثلما تقول إيران... يهمها حقوق الإنسان في اليمن وسوريا والعراق، حقوق الإنسان في إيران أيضا تهم أوروبا وأميركا».



إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

TT

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

وحضَّ المرشد الإيراني علي خامنئي، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على «حفظ (الحشد الشعبي) وتعزيزه»، واصفاً وجود القوات الأميركية في العراق بأنه «غير قانوني ومخالف لمصالح الشعب والحكومة العراقية».

وقال خامنئي لدى استقباله السوداني إن «المؤشرات تدل على سعي الأميركيين لتثبيت وجودهم وتوسيعه في العراق، ويجب الوقوف بجدية ضد هذا الاحتلال».

ونقل موقع خامنئي قوله للسوداني: «كما ذكرتم، (الحشد الشعبي) يُعدّ من أهم عناصر القوة في العراق، ويجب العمل على حفظه وتعزيزه بشكل أكبر»، وأشار إلى أهمية «الوحدة والانسجام بين المذاهب والقوميات المختلفة في العراق».

جاء كلام خامنئي في سياق مباحثات أجراها السوداني حول التطورات الإقليمية، بما في ذلك إطاحة نظام بشار الأسد.

وقال خامنئي: «دور الحكومات الأجنبية في هذه القضايا واضح تماماً».

وصرح خامنئي: «كلما كان العراق أكثر ازدهاراً وأمناً، كان ذلك في مصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً».

وأشار بيان موقع خامنئي إلى أن السوداني أعرب عن ارتياحه من المحادثات التي أجراها في طهران، معرباً عن أمله بأن تساهم «المحادثات والاتفاقيات الموقَّعة في تعزيز العلاقات بين البلدين وتعميقها».

وأشاد السوداني بعناصر القوة في العراق، التي تشمل «الشعب»، و«الحشد الشعبي»، و«الوحدة والانسجام الوطني» و«المرجعية»، مشيراً إلى أن «الموقف المبدئي للعراق هو دعم شعب غزة ولبنان ضد عدوان الكيان الصهيوني، والمقاومة في المنطقة».

كما أشار السوداني إلى «التطورات في سوريا ودور القوى الأجنبية فيها»، موضحاً أن موقف العراق دائماً يتمثل في «دعم إرادة الشعب السوري، والحفاظ على استقلال ووحدة أراضيه، والسعي لتشكيل حكومة شاملة».

قبل ذلك بساعات، كانت التحولات الإقليمية محور مباحثات السوداني والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، التي شملت أيضاً، توسيع العلاقات والتعاون الثنائي في جميع المجالات.

السوداني وبزشكيان خلال مؤتمر صحافي مشترك في طهران (الرئاسة الإيرانية)

وأكد بزشكيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع السوداني، أن «العراق بلد مهم وشريك استراتيجي لإيران. نحن سعداء بأن العلاقات بين البلدين في أعلى مستوياتها، وأن نطاق هذا التعاون يتسع يوماً بعد يوم».

وصرح بزشكيان قائلاً: «إيران تسعى دائماً إلى السلام والاستقرار والتنمية لمحيطها الإقليمي. إن أمن ونمو ورفاه الشعب العراقي ذو أهمية كبيرة بالنسبة لإيران»، منبهاً إلى أن «العراق، بعد تجاوزه فترة الإرهاب، يشهد فترة جيدة من الاستقرار».

وأضاف: «تأتي هذه الزيارة استكمالاً لزيارتي الناجحة إلى العراق في شهر سبتمبر (أيلول)، والتي كانت من المحطات المهمة في العلاقات بين البلدين، وستظهر نتائجها في تعزيز العلاقات الثنائية في المستقبل».

سوريا نقطة تلاقٍ

وأفاد الرئيس الإيراني بأن البلدين «يشتركان في مخاوف بشأن سوريا، من بينها استقرار سوريا وهدوؤها، والحفاظ على وحدة أراضيها، ومواجهة الجماعات الإرهابية، وضرورة خروج الكيان الصهيوني من المناطق المحتلة، والاهتمام بالمشاعر الدينية خصوصاً فيما يتعلق بالمزارات المقدسة للشيعة».

وأضاف: «يشكل خطر الإرهاب واحتمال إعادة تفعيل الخلايا الإرهابية أحد الهواجس المشتركة التي نوقشت الأربعاء؛ مما يجعل اليقظة والتعاون بين البلدين أكثر أهمية من أي وقت مضى».

من جانبه، أكد السوداني نجاح حكومته في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق بالصراعات الإقليمية، داعياً إلى حوار إقليمي شامل يعزز الثقة بين دول المنطقة.

بزشكيان يستقبل السوداني خلال مراسم رسمية في قصر سعد آباد شمال طهران (الرئاسة الإيرانية)

وأكد السوداني خلال الزيارة احترام العراق «إرادة الشعب السوري، ودعمه أي نظام سياسي أو دستوري يختاره بنفسه دون تدخلات خارجية»، كما أشار إلى «استعداد العراق للتعاون مع الأطراف كافة... لتحقيق انتقال سلمي سلس إلى نظام يعكس إرادة الشعب السوري»، معبراً عن رفضه «لغة التهديد واستخدامها ضد الدول».

وأضاف السوداني: «استقرار سوريا مفتاح لاستقرار المنطقة»، داعياً إلى «حل سياسي شامل في سوريا». ودعا إلى «احترام القانون الدولي، وحوار إقليمي شامل يضمن الأمن والسلام»، مبيناً أن «الحكومة نجحت في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق في الصراعات الإقليمية»، مؤكداً أن «العراق حريص على نشر التهدئة وعدم توسيع الحرب في المنطقة، كما يسعى إلى إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية العراقية (واع).

وأفاد بيان لرئاسة الوزراء العراقية بأن السوداني أكد «استمرار جهود العراق، استناداً إلى علاقات التعاون البناء مع الجمهورية الإسلامية ومحيطيه العربي والإقليمي، من أجل فرض التهدئة والاستقرار في عموم المنطقة».

السوداني ووزراء في حكومته خلال مباحثات مع بزشكيان وفريقه الحكومي في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

التعاون الثنائي

ووصل السوداني، الأربعاء، إلى طهران في مستهل زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، واستقبله لدى وصوله إلى مطار مهر آباد في غرب طهران، وزير الاقتصاد عبد الناصر هتمي.

وبحسب بيان الحكومة العراقية، ترأس السوداني وفد بلاده في المباحثات الثنائية الموسعة مع الوفد الإيراني برئاسة بزشكيان، مشيراً إلى أنها «تناولت مجالات التعاون والشراكة بين البلدين على مختلف الصعد والمجالات».

وقال السوداني في المؤتمر الصحافي: «زيارته إلى طهران تأتي لتعزيز العلاقات الثنائية، حيث عقدنا اجتماعاً موسعاً مع الرئيس الإيراني، وناقشنا العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وملف تجهيز العراق بالغاز والطاقة، كما ستكون هناك اجتماعات على مستوى الوزراء بين البلدين». وأضاف: «نتابع المشاريع المشتركة مع إيران خصوصاً في قطاعي السكك والسكن»، مؤكداً أن «تعزيز علاقاتنا مع إيران ضروري لتحقيق المصالح المشتركة، في إطار الاتفاقات والتفاهمات الثنائية، وتطوير الشراكة البناءة، بما يعزز مصالح البلدين الجارين».

وأكد بزشكيان مناقشة تعزيز التعاون الجمركي، والاستثمارات المشتركة، وتسهيل النقل، وتقوية الأسواق الحدودية، معرباً عن أمله في تحقيق نتائج ملموسة.

السوداني ووزراء في حكومته خلال مباحثات مع بزشكيان وفريقه الحكومي في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

في سياق متصل، أكد فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، أن العراق يعتمد في علاقاته الخارجية على الدبلوماسية المنتجة وسياسة التشبيك الاقتصادي؛ لتعزيز التعاون مع الجيران. وأضاف أن زيارة السوداني إلى إيران، في ظل توقيت حساس إقليمياً ودولياً، تهدف إلى توطيد التعاون في مختلف المجالات، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وأشار الشمري إلى أن الحكومة العراقية تسعى من خلال سياسة التشبيك الاقتصادي إلى فتح آفاق جديدة للشراكات المثمرة ودعم الاقتصادات الوطنية، انطلاقاً من مبدأ الشراكة المبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وأوضح أن هذه الزيارة تعكس رؤية العراق جسراً للتواصل الإقليمي والدولي، وتعبر عن التزام الحكومة بالحوار البنّاء، وتعزيز الروابط الإقليمية لتحقيق الأمن والاستقرار، وبناء شراكات متوازنة تدعم التنمية الاقتصادية والسلام المستدام.