تفاهم ضمني بتحييد جلسة الحكومة اللبنانية عن أزمة عون ـ بري

وزير الزراعة لـ {الشرق الأوسط} : لا تصعيد من قبلنا

TT

تفاهم ضمني بتحييد جلسة الحكومة اللبنانية عن أزمة عون ـ بري

يعقد اليوم مجلس الوزراء اللبناني أولى جلساته لهذا العام على وقع الخلاف المستمر بين رئيسي الدولة العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري حول مرسوم ترقية ضباط من دورة 1994، في ظل إصرار الأخير على وجوب أن يقترن توقيعا رئيسي الجمهورية والحكومة بتوقيع وزير المال المحسوب عليه، باعتباره «معنيا بالملف». وتشير المعلومات إلى «تفاهم ضمني» على تحييد جلسة الحكومة عن هذه الأزمة، خاصة أن مقربين من بري كانوا لوحوا الأسبوع الماضي بإمكانية أن يصل التصعيد إلى مقاطعة وزراء «أمل» جلسات مجلس الوزراء.
وأكد وزير الزراعة غازي زعيتر، المحسوب على بري، أن وزراء حركة «أمل» سيشاركون في الجلسة التي تنعقد اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، لافتا لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهم ليسوا بصدد التصعيد حاليا. وقال: «ندعو ونطالب بتطبيق الدستور والقوانين لتجاوز الإشكال الحالي ولتفادي الوقوع في إشكالات جديدة». ونقل عدد من النواب الذين التقوا الرئيس بري يوم أمس خلال «لقاء الأربعاء» عنه قوله إن «الوضع لا يزال على حاله بالنسبة إلى مرسوم الضباط»، مجددا التأكيد على «وجوب التزام الأصول والقوانين والدستور في هذا الشأن». وشدد بري على «ضرورة الانصراف إلى معالجة قضايا الناس الحياتية والخدماتية»، وقال: «آن الأوان لتأمين الكهرباء والماء والطبابة وكل الحاجات الخدماتية للمواطنين في كل لبنان».
ومن المرتقب أن يبحث مجلس الوزراء اليوم جدول أعمال من ثلاثة وأربعين بنداً أبرزها طلبُ وزارة الدفاع إحالة أحداث عرسال والقاع ورأس بعلبك إلى المجلس العدلي، وإعطاء وزير العدل الإذن بتوقيع اتفاق تعاوُن مع إيران لتبادلِ المحكومين بين بيروت وطهران.
ولا يختلف الجو في القصر الجمهوري عن ذلك الذي في «عين التينة» (مقر الرئاسة الثانية)، حيث أكدت مصادر الرئاسة الأولى أنه لا جديد يُذكر بالنسبة لأزمة المرسوم، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن طرح هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء اليوم يعود للوزراء أنفسهم، خاصة أنه غير مدرج على جدول الأعمال.
ويسود التكتم التام مقر رئاسة الحكومة التي كان يُنتظر أن تتحرك لرأب الصدع بين عون وبري. ففيما أكدت مصادر قيادية في «المستقبل»، وجود مبادرة في جعبة الرئيس الحريري لافتة إلى أن «مضمونها سري كذلك نتائجها غير مضمونة»، استغربت مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر»، «تصوير الأزمة على أنّها محصورة بين عون وبري علما بأن الحريري هو جزء أساسي منها من منطلق أنه وقّع المرسوم وبالتالي هو يؤيد موقف الرئاسة الأولى». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «نعتقد أن الأزمة الحالية أبعد من المرسوم المطروح باعتبار أن كل الفرقاء أجمعوا على أن هناك حقوقا للضباط يجب أن يأخذوها كاملة وبالتالي لا سبب للتعامل مع المسألة من قبل الرئيس بري ووزير المال بهذه الطريقة».
وشددت المصادر على أن «المرسوم سلك المسار الدستوري خاصة أن هناك سوابق كثيرة في هذا الإطار لمراسيم مماثلة لم يوقعها وزير المال»، وأضافت: «لكن يبدو أن هناك من يسعى من خلال افتعال مشكلة حول المرسوم، إلى تثبيت وزارة المال للطائفة الشيعية، وهذا بحد ذاته انقلاب على اتفاق الطائف الذي لم ينص إلا على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين».
ولطالما عبّر أكثر من فريق لبناني عن تخوفه من دفع الثنائي الشيعي «حزب الله» – أمل باتجاه نظام جديد يعتمد المثالثة في الحكم كبديل عن المناصفة التي تشكل أساس النظام الحالي القائم على «اتفاق الطائف» الذي وقعه القادة اللبنانيون في العام 1989 في مدينة الطائف السعودية. وكان أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله أول من دعا إلى «مؤتمر تأسيسي» في العام 2012 كبديل عن طاولة الحوار التي كانت تُعقد في القصر الجمهوري لبحث بنود استراتيجية ومصيرية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.