لعبة «أزرار نووية» بين واشنطن وبيونغ يانغ

تلفزيون كوريا الجنوبية يعرض تغريدة الرئيس الأميركي التي قال فيها إن أزراره النووية أكبر وأقوى من أزرار كوريا الشمالية (أ.ب)
تلفزيون كوريا الجنوبية يعرض تغريدة الرئيس الأميركي التي قال فيها إن أزراره النووية أكبر وأقوى من أزرار كوريا الشمالية (أ.ب)
TT

لعبة «أزرار نووية» بين واشنطن وبيونغ يانغ

تلفزيون كوريا الجنوبية يعرض تغريدة الرئيس الأميركي التي قال فيها إن أزراره النووية أكبر وأقوى من أزرار كوريا الشمالية (أ.ب)
تلفزيون كوريا الجنوبية يعرض تغريدة الرئيس الأميركي التي قال فيها إن أزراره النووية أكبر وأقوى من أزرار كوريا الشمالية (أ.ب)

جاءت مبادرة إعادة الهاتف الأحمر، أو الخط الساخن، أمس (الأربعاء)، بين سيول وبيونغ يانغ في أجواء من التوتر المتصاعد في شبه الجزيرة الكورية، بعد إطلاق الشمالية عدداً من الصواريخ الباليستية خلال الأشهر الأخيرة الماضية، على الرغم من الإجماع الدولي المناهض لطموحاتها العسكرية والنووية، وحالة التباهي بحجم «الأزرار النووية» لكل من الرئيس الأميركي، والزعيم الكوري الشمالي.
وبعد يوم من إعلان حسن النية بين الشمال والجنوب، رد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ - أون قائلاً إن زِرَّه النووي «أكبر وأقوى». تهديدات ترمب على «تويتر» جاءت بعد خطاب كيم بمناسبة رأس السنة الجديدة، الذي ذكر فيه أن بلده أصبح عضواً في النادي النووي، وأن على العالم أن يتعامل مع هذه الحقيقة بواقعية، قائلاً إن «الزر النووي موجود دائما على مكتبي... وفي متناول يدي، وإن على الولايات المتحدة أن تدرك أن هذا ليس ابتزازاً، بل هو الواقع».
ودفع هذا التصريح الرئيس الأميركي إلى إطلاق تحذير مقابل. وقال إن «الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ - أون قال لتوه إن الزر النووي موجود على مكتبه دوماً. هلاّ يبلغه أحد في نظامه المتهالك والمتضوّر جوعاً أنني أيضاً لديَّ زر نووي، ولكنه أكبر وأقوى من زره، وبأن زري يعمل».
وجاءت تغريدة ترمب، بعدما قلَّلَت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي من أهمية عرض سيول إجراء مفاوضات مع الشمال، معتبرة أنها «عملية ترقيع». وأكدت هايلي أن واشنطن لا يمكنها أن تأخذ المحادثات الكورية على محمل الجد «إلا إذا حققت (هذه المحادثات) شيئاً لمنع كل الأسلحة النووية في كوريا الشمالية». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت، كما نقلت عنها «رويترز»، إن كيم «يحاول الإيقاع بين سيول وواشنطن».
ورغم التهديدات المتبادلة، فإن البحث عن حل سلمي ومخرج من الأزمة، التي قد تكون عواقبها الإنسانية والدولية وخيمة، ما زال قائماً بين بيونغ يونغ وسيول، كما أبدى الطرفان نيتهما مع بداية العام الجديد. واقترحت سيول إجراء مفاوضات على مستوى عالٍ في التاسع من يناير (كانون الثاني) بقرية بانمونغوم تتناول مشاركة الشمال في الألعاب الأولمبية، و«قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك لتحسين العلاقات بين الكوريتين».
وقالت وزارة الوحدة الكورية الجنوبية في رسالة نصية إن كيم أصدر أوامره بإعادة فتح الخط الساخن، أمس (الأربعاء)، عندما استقبل مسؤولون كوريون جنوبيون عند الحدود مكالمة من الشطر الكوري الشمالي. وقال متحدث باسم الوزارة أمس لوكالة الصحافة الفرنسية إن أول محادثة هاتفية من الخط الساخن «استغرقت عشرين دقيقة»، دون أن يضيف أي تفاصيل.
ومنذ عقود، تفصل الشمال عن الجنوب منطقة منزوعة السلاح تُعدّ واحدة من الحدود الأكثر عسكرة في العالم. وتعود آخر محادثات ثنائية بين البلدين إلى ديسمبر (كانون الأول) 2015 وقد باءت بالفشل.
وكان خط الاتصال الهاتفي بين البلدين في بانمونغوم يُستخدَم لتقييم الوضع مرتين يومياً. وأُعِيد تشغيل قناة الاتصال في القرية، حيث وقعت الهدنة في نهاية حرب الكوريتين (1950 - 1953) بعد سنتين تقريباً على إغلاقها.
كانت كوريا الشمالية أغلقت الخط الساخن مع الجنوب في فبراير (شباط) 2016 رداً على إغلاق مجمع كايسونج الصناعي الحدودي الذي كانت تديره الكوريتان.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية عن ري سون جون رئيس لجنة «الوحدة السلمية لوطن الآباء» في كوريا الشمالية قوله: «سنحاول الإبقاء على اتصالات وثيقة مع الجانب الكوري الجنوبي بشكل مخلص وصادق بما يتماشى مع نية قيادتنا العليا والتعامل مع الأمور العملية المتعلقة بإرسال بعثتنا» للأولمبياد.
ورحبت سيول بإعلان كوريا الشمالية إعادة فتح الخط، معتبرة أنه خطوة «مهمة جداً» لاستئناف الحوار المتوقف مع بيونغ يانغ.
وقال رئيس المكتب الإعلامي للرئاسة يو يونغ - شان إن «إعادة العمل بالخط الساخن أمر مهم جداً». وأضاف أن هذه الخطوة «تخلق أجواء تسمح بالاتصال (بين سلطات الكوريتين) في كل الأوقات». وأضاف المتحدث أن قرار الشمال فتح الخط «له معنى كبير» لأنه قد يؤدي إلى اتصال مستمر بين الجانبين.
ورحب الرئيس الكوري الجنوبي بـ«الرد الإيجابي (للشمال) على اقتراحنا العمل، على أن تكون دورة الألعاب الأولمبية في بيونغشانغ فرصة للسلام». ويؤيد رئيس كوريا الجنوبية مون جاي - إن منذ فترة طويلة إجراء حوار مع الشمال، لكنه يؤكد باستمرار أنه لن يقبل بكوريا شمالية تمتلك سلاحاً نووياً. وتؤكد بيونغ يانغ أنها تحتاج إلى هذه الأسلحة لحماية نفسها من واشنطن. ويحاول الشمال إنتاج رأس نووية قادرة على ضرب أراضي القارة الأميركية. وقد فرضت عليه الأمم المتحدة مجموعات من العقوبات لكنه لم يتراجع عن طموحاته.
ورأى غو ميونغ - هيون، المحلل في معهد «اسان» للدراسات السياسية، أن بيونغ يانغ تسعى إلى الدفاع عن نفسها في مواجهة العقوبات والضغوط الأميركية عبر استخدام سيول «درعاً». وقال لـ«الصحافة الفرنسية»: «إذا أصبح الجنوب شريكاً في حوار مع الشمال، فإن التحالف الأميركي الكوري الجنوبي سيواجه صعوبات».
وقال مسؤولون أميركيون إن واشنطن لن تأخذ أي محادثات بين الكوريتين على محمل الجد إذا لم يُسهِم هذا الحوار في نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، كما نقلت عنها وكالة «رويترز» إن بيونغ يانغ «قد تحاول دق إسفين ما».
أما قنغ شوانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية فقال إنه ينبغي للشطرين الكوريين انتهاز فرصة الأولمبياد لتحسين العلاقات وبذل جهود ملموسة تجاه تخفيف «التوتر».
وأضاف في إفادة صحافية يومية في بكين «على جميع الأطراف المعنية اغتنام هذا الموقف الإيجابي في شبه الجزيرة الكورية والتحرك في الاتجاه نفسه».



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.